يبدو أن تسابق الشركات على الدخول في تحالفات دولية لتحقيق صافي صفر انبعاثات الكربون بدأ يخفت بريقه اليوم، والسبب قانون الاحتكار.
فالشركات الأعضاء في تحالفات حماية المناخ التي أعلنت التزامها بصافي صفر انبعاثات وتطبيق معايير البيئة والحوكمة والمجتمع أو ما يعرف بـESG تواجه اليوم مخاطر انتهاكها لقانون الممارسات الاحتكارية والمنافسة غير المشروعة.
فـ«ميونيخ ري» التي انسحبت مؤخراً من تحالف شركات التأمين لـصافي انبعاثات (NZIA ) بررت ذلك بأنه إجراء وقائي يحميها من مخالفة قانون الاحتكار وتكبد تعويضات مالية ضخمة.
وقال واخيم وانيغ الرئيس التنفيذي لـ«ميونيخ ري» في بيان نشر على موقع الشركة الإلكتروني «برأينا ليس بالإمكان تحقيق أهداف نزع الكربون بمقاربة جماعية دون التعرض لمخاطر الاحتكار، والتبني الفردي للتقليل من الاحتباس الحراري هو أكثر فاعلية».
وكانت «ميونيخ ري» قد جددت عبر البيان نفسه التزامها بأهداف التقليل من انبعاثات الكربون الخاصة بمحفظتها الاستثمارية بنسبة 29% بحلول عام 2025 للوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050.
وكانت الشركة قد توقفت بالكامل منذ عام 2018 عن تأمين مناجم الفحم والرمال النفطية.
جاء هذا الانسحاب نتيجة للتهديدات الفعلية التي تواجهها الشركات في سياق جهودها لتعزيز ESG خاصة وأن سبب الانسحاب أساساً يعود إلى مخاوفهم بشأن تعرضهم لمخاطر مكافحة الاحتكار كما أعربت ريم مراد الشريكة والمستشارة القانونية في بي أس أي بن هزيم للاستشارات القانونية.
وترى ريم أن هذا الانسحاب من التحالفات الدولية ستكون له تأثيرات مباشر على الطريقة التي ستنظم بها الشركات المتعددة الجنسيات شراكاتها وتحالفاتها في إطار تعزيز جهودها في مجال الـESG ، والأهم من ذلك أنها تثبت صحة المخاوف بشأن الاستخدام المحتمل لقوانين ولوائح مكافحة الاحتكار لتقييد جهود .ESG
وأضافت “إن التهديدات المتسارعة الآن ضد التجمعات الهادفة لتعزيزESG ومخاطر رفع قضايا تعويضات ضد الشركات المنضوية تحتها على أساس أن عملهم ضمن هذه التجمعات يعد خرقاً لقوانين مكافحة الاحتكار عبر وضع أسس لتقييد قدرة الشركات غير الملتزمة بأهداف الـESG من إمكانية الوصول إلى بعض الخدمات أو الوصول إليها بكلفة متساوية مقارنة بالشركات الملتزمة”.
وأكدت أن هذه المخاوف ستتزايد الآن بشكل كبير ويجب معالجتها بشكل قانوني قبل فوات الأوان.
وعلى صعيد آخر كانت مجموعة من النائبين العاميين المنتمين إلى الحزب الجمهوري في عدة ولايات أميركية أبرقت برسالة مفتوحة إلى 50 مديراً لأكبر محافظ الأصول المالية في أميركا تحذر فيها من احتمال مخالفة نشاطهم الاستثماري وتطبيقات معايير البيئة والحوكمة والمجتمع ومشاركتهم في تحالفات لحماية المناخ، قانون المنافسة المشروعة والممارسات الاحتكارية.
كما نبهت الرسالة مديري المَحافظ الذين خصصوا الأصول المدارة في محافظهم الاستثمارية لأهداف حماية المناخ بضرورة تصنيف الصناديق الاستثمارية ضمن معايير البيئة والمجتمع والحوكمة.
أما الصناديق التي تدخل ضمن هذا التصنيف فأوصت الرسالة بضرورة نشر الوعي لدى المستثمرين في هذه المحافظ حول أهمية التصنيف والمخاطر الناجمة عنه.
كما تم، الشهر الماضي، إنشاء تحالفٍ خاص بقيادة محافظ فلوريدا لحماية الأفراد من موجة الادعاءات الترويجية لتطبيق نظم حماية المناخ.
يذكر أن العديد من الشركات العالمية التي أعلنت التزامها بتطبيق صفر انبعاثات واجهت ادعاءات بالغسل الأخضر أو الترويج التضليلي لسياسة حماية المناخ ك أيكيا، والفيفا، ودوتشيه بنك، وأتش أند أم، وفولزواغن، وكريدي سويس من قبل نشطاء من أفراد ومنظمات لحماية المناخ.
وتقول ريم مراد «إن هنالك العديد من المبادرات التي تهدف بشكل مباشر إلى وضع آلية شفافة من أجل التدقيق في التصاريح البيئية للشركات بشكل يعزز قيمتها والقدرة إلى الرجوع إليها واعتمادها خاصة في مجال التمويل والتسهيلات الائتمانية».