من المتوقع أن تتوصل الدول إلى اتفاق في مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي ( كوب 16)، والذي يناقش ما يقرب من 200 دولة كيفية إنقاذ الطبيعة من معدل التدمير السريع الحالي، حول كيفية استخدام العالم للمعلومات الجينية المستخرجة من الطبيعة ودفع ثمنها، وفقا للمفاوضين.

ويشير الخبراء وفقاً لوكالة رويترز، إلى هذه البيانات الوراثية باسم معلومات التسلسل الرقمي، حيث تكون محور اهتمام العديد من الدول.

مناقشة المعلومات الوراثية في كوب 16

تحتوي الرموز والتسلسلات الجينية الفريدة في جميع الكائنات الحية على المعلومات اللازمة للتطور والأداء.

ولسنوات عديدة، ظل الباحثون يستغلون الشفرات الوراثية للنباتات والحيوانات والميكروبات بحثاً عن مركبات جديدة يمكن استخدامها في المستحضرات الصيدلانية أو مستحضرات التجميل أو غيرها من الأغراض التجارية.

وتتخذ البلدان الغنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك العمالقة الاستوائية مثل البرازيل والهند، الحذر من الشركات والباحثين الذين يستغلون تنوعهم البيولوجي دون تقديم تعويضات أو إتاوات للبلد الذي نشأ فيه النوع.

ورداً على ذلك، نشأ نظام معقد من القوانين لتنظيم استخدام المواد الجينية، وتختلف القوانين بشكل كبير من بلد إلى آخر، ما يشكّل مشكلة للشركات ويعقد عملية تبادل المواد البيولوجية لأغراض البحث، وولد هذا النظام أيضاً القليل من المال للدول النامية.

وفي قمة كوب 16 تهدف الدول إلى إنشاء نظام واحد متعدد الأطراف يركّز على توليد الإيرادات للحفظ من استخدام معلومات التسلسل الرقمي.

لماذا يُطلق قاعدة المعلومات الوراثية اسم معلومات التسلسل الرقمي؟

تسمح التقنيات المتقدمة للعلماء الآن بتسلسل الجينوم الكامل للكائنات الحية في غضون ساعات أو أيام فقط، وهو العمل الذي كان سيستغرق سنوات قبل بضعة عقود.

وتتم رقمنة هذه التسلسلات الجينية وغالباً ما يتم تحميلها على قواعد البيانات العامة حيث يتم تخزينها ليستخدمها أي باحث، حيث تركّز محادثات كوب 16 على كيفية استخدام هذه المعلومات الرقمية ولا تتطرق إلى العينات الفعلية.

لماذا تعتبر المعلومات الوراثية مهمة للشركات؟

وفي حين استفاد البشر من الطبيعة لآلاف السنين -على سبيل المثال في استخدام النباتات كدواء- فإن البحث باستخدام المعلومات الوراثية الرقمية يمثل أحدث الحدود في التنقيب البيولوجي، وجزء حيوي من تطوير المنتجات لصناعات مثل الأدوية ومستحضرات التجميل والزراعة وتقنيات المختبرات المتقدمة.

وتفحص الشركات عشرات الآلاف أو حتى الملايين من التسلسلات الجينية لإنشاء علاجات طبية مثل لقاحات كوفيد-19 أو خيارات غذائية جديدة مثل الأرز الغني بالمغذيات.

وتدر القطاعات الرئيسية المرتبطة بقاعدة المعلومات الوراثية، إيرادات بقيمة 1.6 تريليون دولار سنوياً، على الرغم من أن ذلك يشمل مبيعات منتجات هذه الشركات التي لا علاقة لها بالمعلومات الجينية، وفقاً لدراسة بتكليف من أمانة اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي.

وتأمل الشركات أن تمنحها الصفقة طريقة مباشرة للدفع مقابل استخدام المعلومات الوراثية ووضع منتجاتها التي تم تطويرها نتيجة لذلك في وضع قانوني أكثر صرامة.

ويناقش المفاوضون العديد من الأسئلة الرئيسية، مثل: مَن الذي يجب أن يدفع مقابل استخدام درسي، وكم يجب أن يدفع، وكيف ينبغي استخدام العائدات؟

في حين أن مجموعة متنوعة من الخيارات مطروحة على المناقشة، فمن المرجح أن يتضمن أحد الأساليب المبسطة فرض نسبة مئوية من إيراداتها أو أرباحها على قطاعات معينة مثل الأدوية مقابل استخدام قواعد بيانات معلومات التسلسل الرقمي، بدلاً من الدفع حسب الطلب مقابل ما تستخدمه فقط.

ويهدف الاتحاد أيضاً إلى تحديد كيفية توزيع إيرادات قاعد المعلومات الوراثية لاستخدامها في الحفاظ على الطبيعة، وتتراوح الخيارات التي تتم مناقشتها بين منح الأموال إلى البلدان مباشرة، وإنشاء نظام لمشاريع الحفظ الفردية لتقديم طلب للحصول على التمويل.

ويتم استخدام هذه القاعدة أيضاً من قِبل الجامعات والمعاهد غير الربحية التي تسعى إلى تطوير المعرفة العلمية والحفاظ على الطبيعة، ويرى الخبراء أن أي صفقة يجب أن تضمن حرية الوصول إلى الأبحاث غير الربحية التي تفيد البشرية.

ما حجم الأموال التي يمكن أن تدرها هذه الصفقة؟

وتشير تقديرات دراسة أجريت بتكليف من الأمم المتحدة ونُشرت في يوليو تموز الماضي إلى أن فرض رسوم تتراوح بين 0.1% إلى 1% على الإيرادات السنوية في القطاعات الرئيسية التي تستخدم تقنية قاعدة المعلومات الوراثية يمكن أن يدر ما بين مليار إلى 10 مليارات دولار سنوياً.

ووفقاً للمفاوضات التي جرت حتى الآن، من المرجح أن يتم تخصيص هذه الأموال لمبادرات الحفاظ على البيئة أو لدعم الدول الفقيرة في تطوير أبحاثها الجينية الخاصة.

ومع التوصل إلى أي اتفاق في قمة كوب 16 سيكون الأمر متروكاً لكل دولة لتنفيذ القواعد على المستوى الوطني، حيث إنها وحدها القادرة على إجبار الصناعات على الدفع.. يمكن أن تستغرق عملية التنفيذ سنوات.

ويمكن لنظام دفع المعلومات الوراثية الذي يسمح للشركات بالاشتراك طوعاً أن يبدأ بسرعة أكبر، على سبيل المثال، ما يسمح للشركات باستخدام هذه المعلومات بمعدل دفع متفق عليه.