تشهد مدينة كالي جنوب غرب كولومبيا، اليوم الاثنين، انطلاق النسخة الـ16 من مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (كوب 16)، حيث يناقش ما يقرب من 200 دولة كيفية إنقاذ الطبيعة من معدل التدمير السريع الحالي.

وببلغ عدد المشاركين في المؤتمر 12 ألفاً من نحو 200 دولة، من بينهم 140 وزيراً وسبعة رؤساء دول، ويؤمل في أن يدفع هذا المؤتمر العالمي نحو تنفيذ الأهداف المتعلقة بالحفاظ على الطبيعة بحلول سنة 2030.

يأتي ذلك المؤتمر مع اقتراب مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ ( كوب 29)، والذي يكون له أهمية كبيرة في مناقشة الدول في مختلف العالم اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ويعقد في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر تشرين الثاني 2024 في مدينة باكو بدولة أذربيجان.

كوب 16 والحفاظ على البيئة

يجتمع الممثلين في مؤتمر كوب 16 من أجل بدء مفاوضات تهدف إلى تنفيذ تعهدات اتفاق القمة السابقة المعروف بـإطار «كونمينغ- مونتريال العالمي»، والذي كانت له أهداف طموحة بحلول 2030.

وتشمل التعهدات السابقة من الدول، تخصيص 30 في المئة من أراضيها للحفاظ على التنوع البيولوجي، وخفض إعانات الدعم للشركات التي تضر بالطبيعة، وإلزام الشركات بالإبلاغ عن تأثيرها البيئي.

ومن المتوقع أن تقدم الدول خططها الوطنية للتنوع البيولوجي، والمعروفة باسم «NBSAPs»، في قمة كالي بكولومبيا، التي تستمر من 21 أكتوبر إلى 1 نوفمبر.

وسيستخدم المندوبون من الحكومات التقديمات لقياس مدى التقدم الذي تم إحرازه منذ قمة كوب 15 في عام 2022 وما يجب تحديد أولوياته للمضي قدماً، إذ تهدف القمة إلى الاعتماد على المواد الطبيعية في مختلف المجالات.

ويمكن استخدام المعلومات الوراثية المأخوذة من النباتات والحيوانات والميكروبات في البحث وتطوير أدوية جديدة أو مستحضرات التجميل أو غيرها من المركبات التجارية.

وتهدف القمة أيضاً إلى إنشاء نظام عالمي متعدد الأطراف لدفع تكاليف الوصول إلى البيانات الخاصة بالعينات الأصلية والصحيحة للمنتجات، ويسمى معلومات التسلسل الرقمي (DSI)، حيث أخبر المفاوضون المراسلين في أغسطس الماضي، أنهم يتوقعون التوصل إلى اتفاق خلال مؤتمر الأمم المتحدة السادس عشر لتغير المناخ.

ومن المرجح أن توضح الصفقة متى تكون المدفوعات مطلوبة، ومن يقوم بها، وأين يجب أن تذهب الأموال؟ وتأمل الشركات أن تؤدي هذه العملية إلى إزالة الشكوك القانونية المتعلقة بالعمل مع تسلسلات الحمض النووي.

دمج المجتمعات الأصلية والتقليدية

وضعت كولومبيا، البلد المضيف لقمة كوب 16، دمج المجتمعات الأصلية والتقليدية في قلب جدول أعمالها في كالي، حيث دعا مكتب الأمم المتحدة لاتفاقية التنوع البيولوجي -الذي يشرف على تنفيذ ميثاق الطبيعة الأصلي لعام 1992- إلى توفير حماية خاصة لمجموعات السكان الأصليين الذين يعيشون في عزلة طوعية، مشدداً على دور هذه المجتمعات في حماية الطبيعة.

وسيتطلع كوب 16 إلى وضع اللمسات الأخيرة على برنامج جديد لإدراج المعرفة التقليدية في خطط وقرارات الحفظ الوطنية، وسيناقش مفاوضو القمة أيضاً إمكانية إنشاء هيئة دائمة تعنى بقضايا السكان الأصليين لضمان تمثيل هذه المجموعات في عملية صنع القرار في الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي.

واتفقت الدول الغنية في قمة كوب 15 في مونتريال عام 2022 على المساهمة بما لا يقل عن 20 مليار دولار سنوياً بدءاً من عام 2025 لمساعدة البلدان النامية على تحقيق أهدافها الطبيعية، مع ارتفاع الهدف إلى 30 مليار دولار بحلول عام 2030.

وحتى الآن، ظلت مساعدات التنوع البيولوجي أقل من تلك المستويات، بينما قدمت الحكومات نحو 15.4 مليار دولار لمساعدة البلدان النامية في مجال التنوع البيولوجي في عام 2022، بما يشمل ارتفاعاً من 11.4 مليار دولار في عام 2021، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

وفي قمة كالي، من المتوقع أن تعلن كل من الحكومات والشركات عن المزيد من جهود التمويل، بينما تناقش أيضاً آليات جديدة لتوجيه الأموال نحو الطبيعة.

جهود المناخ بين كوب 29 وكوب 16

يستعد العالم لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 29)، وهو أكبر تجمع دولي يتحدث عن المناخ، لكنه منفصل عن التنوع البيولوجي.

وفي مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (كوب 16)، سيحث قادة الدول بشكل متزايد عن سبل لمعالجة مجموعتي الأهداف بين المؤتمرين في وقت واحد.

وفي نهاية المطاف، هناك ترابط عميق بين القضيتين، وهما «تغير المناخ وفقدان الطبيعة»، إذ تساعد حماية الطبيعة في الحد من تغير المناخ، في حين أن ظاهرة الاحتباس الحراري تدمر أيضاً التنوع البيولوجي وتؤدي إلى انقراض الكائنات الحية.

ويقول الخبراء، وفقاً لوكالة رويترز، إن كوب 16 يجب أن يزيد الضغوط قبل كوب 29 في باكو بأذربيجان، من أجل اعتراف أفضل بدور الطبيعة في مكافحة تغير المناخ.

حماية الفطر ودوره في التنوع البيولوجي

أيضاً من ضمن القضايا الأساسية التي يشارك فيها قادة الدول خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (كوب 16)، كيفية وضع حماية أفضل للفطر لدوره المهم في التنوع الحيوي.

ويؤدي الفطر بكل أشكاله، سواء أكان كبيراً أو صغيراً، ملوناً أو لا، صالحاً للأكل أو غير قابل للاستهلاك، إلى دور بالغ الأهمية في المنظومات البيئية، مع أن الكثير لا يدركونه بعد، وستكون هذه النبتة على جدول أعمال المناقشات في مؤتمر الأمم المتحدة حول التنوع البيولوجي.

وشدّدت أستاذة علم الفطريات والتنوع الحيوي الفطري في جامعة أوريغون الأميركية إيمي هونان، في حديث لوكالة فرانس برس، على أن الفطر أساسي لكل المنظومات البيئية الأرضية.

وأضاف هانونان، أن الفطر ضروري لحياة النباتات، إذ يحميها من الأملاح والمعادن الثقيلة والأمراض، مُعلِّقة «لولا الفطريات لما كانت النباتات موجودة، نحن بحاجة إلى النباتات للحصول على الأكسجين، وبالتالي فإن العالم كما نعرفه لن يكون موجوداً».

وأشارت إلى أن الفطر يفكك المواد العضوية الميتة ويتولى إعادة تدوير الكربون والمواد المغذية؛ ما يسهل دورة حياة النبات، مضيفة «الفطر يفرز إنزيمات مختلفة، لذا فهو يفكك طعامه في الخارج ثم يبتلعه مثل العصير، وهو تالياً أقرب إلى الحيوان منه إلى النبات».

ومن بين نحو مليونين ونصف مليون نوع من الفطر على الأرض، لا تضم القوائم العلمية سوى نحو 150 ألفاً، أي 6 في المئة فحسب، على ما لاحظت عالمة الفطريات.

وأوضحت أنه على سبيل المقارنة، ثمة معطيات متوافرة عن 98 في المئة من الفقاريات، و85 في المئة من النباتات، و20 في المئة من اللافقاريات على كوكب الأرض، فهناك أنواع أخرى مفيدة، خاصة أنه يساعد البشر في الشفاء، ويكون له دور في مجالات أخرى كالصناعة.

وسيكون دور الفطر على جدول أعمال مناقشات مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي (كوب 16)، وتوقعت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، أن تطلب تشيلي وبريطانيا خلال المؤتمر اعتبار الفطر «مملكة حياة مستقلة في القوانين والسياسات والاتفاقات»، من أجل الحفاظ عليه بشكل أفضل واعتماد تدابير ملموسة تتيح الإبقاء على آثاره المفيدة على المنظومات البيئية والأشخاص.