في ظل التحديات المناخية المتزايدة، أكدت الأمم المتحدة أن العالم بحاجة ماسة إلى «قفزة كمية» في الجهود العالمية لضمان تحقيق الأهداف المناخية المتفق عليها، وتجلى هذا النداء بصورة واضحة في أعقاب مؤتمر المناخ COP28 الذي عُقد في دبي نوفمبر 2023 وما نتج عنه من «اتفاق تاريخي»، حيث ناقشت الدول المشاركة الخطوات الضرورية لتحقيق التزاماتها المناخية، ووسط هذه الأجواء، يستعد العالم لمؤتمر COP29 الذي يُعقد في أذربيجان الشهر القادم، وسط آمال بتحديد مسارات واضحة لتحقيق الأهداف المناخية العالمية.
التحديات المناخية الحالية
يأتي ارتفاع درجات الحرارة، على رأس التحديات، وفقاً لتقرير «حالة المناخ في 2023» الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمعدل 1.1 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة، وهذا الارتفاع يؤدي إلى تغييرات مدمرة في النظم البيئية والموارد المائية.
ويلي ذلك، زيادة انبعاثات الكربون، فقد أفادت وكالة الطاقة الدولية (IEA) بأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بلغت مستويات قياسية جديدة في عام 2022، حيث سجلت زيادة بنسبة 1% مقارنة بالعام السابق، ما يزيد من صعوبة تحقيق أهداف اتفاقية باريس.
ويبرز ثالث التحديات في (التمويل والتكنولوجيا)، حيث وجدت دراسة حديثة نشرتها مؤسسة «Climate Policy Initiative» أن الدول النامية تحتاج إلى نحو 2.4 تريليون دولار سنوياً لتحقيق أهداف المناخ، بينما تتلقى فقط 600 مليار دولار من التمويل الخارجي، ما يعوق قدرتها على الانتقال إلى الطاقة النظيفة، وفقاً لتقرير تمويل المناخ 2023 الصادر عن المؤسسة.
خطوات عاجلة من الأمم المتحدة
في إطار هذه التحديات، دعت الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات عاجلة تتضمن، توسيع استخدام الطاقة المتجددة، فقد حثت الأمم المتحدة الدول على زيادة استثماراتها في الطاقة المتجددة، معتبرة الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة أحد الحلول الرئيسية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، كما ورد بتقرير الأمين العام 2023 حول تغير المناخ.
كما دعت الأمم المتحدة إلى تعزيز الكفاءة الطاقية، وفقاً لمبادرة «المبادئ التوجيهية للكفاءة الطاقية»، يمكن لتطبيق تقنيات الكفاءة الطاقية في القطاعات المختلفة تقليل الطلب على الطاقة بنسبة تصل إلى 30% بحلول عام 2030، وفقاً لتقرير الكفاءة الطاقية 2023 الصادر عن وكالة الطاقة الدولية.
كما دعت الأمم المتحدة إلى تحفيز الابتكار، مشيرة إلى أن الابتكارات التكنولوجية في مجال الطاقة المتجددة تمثل أداة مهمة لتحقيق الأهداف المناخية، مطالبة بتخصيص مزيد من الموارد لدعم البحث والتطوير في هذا المجال، وفقاً لما ورد في تقرير «الابتكار من أجل المناخ» 2023، الصادر عن الأمم المتحدة.
أهمية التعاون الدولي لتحقيق أهداف المناخ
شددت الأمم المتحدة على أن تحقيق الأهداف المناخية يتطلب تعاوناً دولياً مكثفاً، بما يقتضيه ذلك من نقل التكنولوجيا، حيث يتعين على الدول المتقدمة تقديم الدعم التكنولوجي للدول النامية، ما يساعدها على الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة وتطوير بنيتها التحتية، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة عن تمويل المناخ 2023.
وأوضحت الأمم المتحدة أن هذا التعاون يظهر بشكل أوضح في تمويل المناخ، فمن الضروري زيادة الاستثمارات في مشروعات التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ، إذ يشير تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) إلى أن الدول النامية بحاجة إلى استثمارات تتجاوز 6 تريليون دولار لتحقيق أهدافها المناخية.
وشددت الأمم المتحدة على ضرورة اتخاذ إجراءات جريئة وسريعة لتحقيق الأهداف المناخية، وأن «قفزة كمية» ليست مجرد مصطلح، بل هي ضرورة حتمية للحفاظ على كوكب الأرض وضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة. وإذا لم يتم اتخاذ هذه الخطوات، فإن التأثيرات السلبية لتغير المناخ ستستمر في الزيادة، ما يهدد الحياة على الأرض.