على الرغم من الاتفاق التاريخي الذي توصل إليه مؤتمر كوب 28 الذي انعقد في دبي العام الماضي والذي ينص للمرة الأولى على خروج كل مصادر الوقود الأحفوري من معادلات الطاقة للوصول إلى الحياد الكربوني، وتأسيس صندوق ألتيرا للتمويل المناخي من قبل دولة الإمارات برأس مال حجمه 30 مليار دولار أميركي فإن التمويل المناخي سيكون الموضوع الرئيسي المهيمن على اجتماعات كوب 29 بباكو عاصمة أذربيجان.
تتمحور أولويات مؤتمر الأطراف كوب 29 الذي يعقد في نوفمبر تشرين الثاني القادم حول مسألة توفير التمويل لدعم السياسات البيئية، وعلى الرغم من أن التطلعات الأولية كانت مرتفعة السقف فلا يعتقد المراقبون بحدوث تقدم يرتقي إلى مستوى هذه التطلعات.
ويرى المراقبون أن تخطي 100 مليار دولار في العام الواحد هو أمر صعب الحدوث في ظل التوترات الجيوسياسية والحروب وحالات الركود التي يشهدها العالم.
وطالبت الدول النامية التي تعد أكبر ضحايا التغيرات المناخية في بيان لها خلال مشاركتها في اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن هذا الأسبوع، الدول الغنية «بمساعدات أكبر حجماً لمواجهة التحديات المناخية»، وأن عقوداً من المجهودات «سوف تتوقف أو ينقلب مفعولها»، وتأمل هذه الدول أن يتخطى حجم التمويل المناخي 100 مليار دولار أميركي في العام، وقد تم التوصل لمبدأ ضخ 100 مليار دولار أميركي، بدءاً من عام 2020، لمساعدة الدول النامية على التغلب على أضرار وخسائر التغيرات المناخية في لقاءات كوب 15 التي انعقدت في كوبنهاغن عاصمة الدنمارك، ولكن لم يتم الوصول لهذا الحجم من التمويل المناخي إلا في عام 2022.
وسبق مشهد واشنطن مشهد آخر في بون في ألمانيا حيث اجتمع نحو 5000 خبير من 200 دولة في يونيو حزيران الماضي لتحضير مؤتمر باكو، وكان هدف الاجتماعات الوصول لاتفاق بخصوص مسألة التمويل البيئي والسياسات البيئي.
وأعرب سيمون ستيل الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في الجلسة الافتتاحية للقاءات بون ضرورة إحداث تقدم كبير بخصوص التمويل لأنه المسهل الكبير للعمل المعني بحماية البيئة، مؤكداً أن المال هو العصب في معركة المناخ.
محمد عبد الرؤوف، خبير اقتصاديات الطاقة والبيئة قال في اتصال مع CNN الاقتصادية إن «الدول المتقدمة لم تف بتعهداتها بتوفير 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة، ولم يتحقق هذا الهدف إلا في 2022، فالعالم بحاجة لخمسة أضعاف ذلك على الأقل».
وأضاف عبد الرؤوف أنه لهذا السبب يتمحور التركيز حول الاتفاق على هدف تمويلي جماعي جديد في كوب 29.
ولا يتفاءل عبد الرؤوف بالوصول إلى هذه المستهدفات في كوب 29 في باكو أن الفرصة قد تكون مواتية لتحقيقه في مؤتمر الأطراف 30 في نهاية العام القادم إذا تم إحلال السلام في العالم «حيث إننا لا نتصور وجود حماية للمناخ أو عمل بيئي في ظل التوترات والنزاعات».
في النهاية أعرب المسؤول الأممي المعني بالمناخ في حدث افتراضي الاثنين الماضي عن أمله في «أن يكون مؤتمر الأطراف كوب 29 هو مؤتمر النهوض وتنفيذ الوعود، مع الاعتراف بأن التمويل المناخي هو عمل أساسي لإنقاذ الاقتصاد العالمي ومليارات الأرواح وسبل العيش من تأثيرات المناخ الجامحة».