وجّه نائب الرئيس الأميركي، جيه.دي فانس، تحذيراً شديد اللهجة للاتحاد الأوروبي بشأن تشريعاته التنظيمية الصارمة في قطاع الذكاء الاصطناعي، معتبراً أنها قد تعوق الابتكار وتُضعف من تنافسية الشركات التكنولوجية.
وفي كلمته خلال قمة الذكاء الاصطناعي في باريس، شدد فانس على ضرورة تجنب الإفراط في القيود التنظيمية، مؤكداً أن الولايات المتحدة عازمة على البقاء في صدارة السباق التكنولوجي العالمي، في ظل احتدام المنافسة الجيوسياسية في هذا المجال.
وقال فانس «نرى أن التنظيم المفرط قد يقتل صناعة قادرة على إحداث تغيير جذري، كما نؤمن بأن الذكاء الاصطناعي يجب أن يظل خالياً من التحيزات الأيديولوجية، ولن يُستخدم كأداة رقابية في أنظمة الحكم الاستبدادية».
وأضاف أن بلاده ستدافع عن شركاتها التقنية الكبرى، مشدداً على أن القوانين الأميركية ستضمن تكافؤ الفرص بين الشركات الكبيرة والمطورين المستقلين.
الاتحاد الأوروبي يرد بالتشريع الأكثر صرامة
يأتي هذا التصعيد بعد إقرار الاتحاد الأوروبي لأول قانوناً شاملاً لتنظيم الذكاء الاصطناعي العام الماضي، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى فرض معايير أكثر صرامة على هذه التكنولوجيا المتقدمة.
يهدف هذا القانون إلى تعزيز مكانة أوروبا كمركز عالمي للتميز في مجال الذكاء الاصطناعي، مع ضمان احترام القيم والقواعد المحددة داخل الاتحاد الأوروبي.
قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي أيه أي أكت (AI Act) هو أول تشريع شامل من نوعه يهدف إلى تنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يُصنّف التطبيقات إلى ثلاث فئات بناءً على مستوى المخاطر.
تشمل الفئة الأولى الممارسات المحظورة، والتي تتضمن الأنظمة التي تشكل خطرًا غير مقبول، مثل التصنيف الاجتماعي الذي تديره الحكومات.
أما الفئة الثانية فتشمل الأنظمة عالية الخطورة، مثل أدوات فحص السير الذاتية المستخدمة في تقييم المتقدمين للوظائف، والتي تخضع لمتطلبات قانونية صارمة لضمان الشفافية والعدالة.
بينما تضم الفئة الثالثة الأنظمة الأخرى، وهي التطبيقات التي لا تقع ضمن الفئتين السابقتين وتخضع لمتطلبات تنظيمية أقل صرامة؛ ما يسمح بمزيد من الابتكار والتطوير في هذا المجال، وذلك بناءً على المفوضية الأوروبية.
قلق في وادي السيليكون.. هل تهدد القوانين الأوروبية عمالقة التكنولوجيا؟
بالنسبة لموقف الشركات الأميركية الكبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وأوبن إيه آي، هناك قلق من أن التشريعات الأوروبية قد تؤثر على عملياتها؛ فالولايات المتحدة حذّرت من أن القانون المقترح قد يفيد الشركات الكبيرة التي تمتلك الموارد اللازمة للامتثال، بينما يضر بالشركات الصغيرة.
حتى الآن، لم يصدر رد رسمي من بروكسل على تصريحات نائب الرئيس الأميركي جيه.دي فانس.. مع ذلك، يُتوقع أن يستمر الحوار بين الجانبين لضمان توازن بين الابتكار والتنظيم في مجال الذكاء الاصطناعي.
من الناحية الاقتصادية، قد تؤثر القوانين الجديدة على الاستثمارات الأميركية في أوروبا؛ قد تجد الشركات الأميركية نفسها مضطرة لتعديل نماذج أعمالها لتتوافق مع المتطلبات الأوروبية، ما قد يزيد من تكاليف الامتثال ويؤثر على قرارات الاستثمار المستقبلية.. ومع ذلك، قد يوفر الامتثال لهذه القوانين ميزة تنافسية للشركات التي تلتزم بالمعايير الأوروبية، ما يعزز ثقة المستهلكين ويزيد فرص النجاح في السوق الأوروبية.
في الختام، بينما تهدف التشريعات الأوروبية إلى ضمان استخدام آمن وأخلاقي للذكاء الاصطناعي، من الضروري تحقيق توازن يضمن استمرار الابتكار دون فرض قيود تعوق التقدم التكنولوجي.