في أكبر استثمار أجنبي منفرد في تاريخ الولايات المتحدة، كشفت شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات TSMC عن استثمار بقيمة 100 مليار دولار، لتثير مزيداً من الاهتمام والقلق العالمي بخصوص هذه الصناعة شديدة التأثير العالمي. ستقوم شركة TSMC، التي تُنتج أكثر من 90 في المئة من رقائق أشباه الموصلات المتقدمة في العالم، والتي تُشغّل كل شيء بدءاً من الهواتف الذكية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وصولاً إلى الأسلحة، ببناء منشأتين جديدتين للتغليف المتقدم في أريزونا، من بين منشأتين أخريين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
شهدت تكنولوجيا التغليف المتقدمة نمواً هائلاً في الطلب بالتزامن مع ثورة الذكاء الاصطناعي العالمية، وتمثل حالياً عاملاً محورياً في الصراع بين الولايات المتحدة والصين على الهيمنة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
أعلن البلدان عن هدنة مؤقتة ألغيا بموجبها التعريفات الجمركية المُعطّلة المكونة من ثلاثة أرقام لمدة 90 يوماً، لكن لا تزال العلاقة متوترة بسبب الخلاف المستمر حول قيود الرقائق التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين، بالإضافة إلى قضايا أخرى.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
التغليف المتقدم
في الشهر الماضي، وخلال معرض كومبيوتكس، وهو معرض تجاري سنوي يُقام في تايبيه، صرّح جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا لتصنيع الرقائق، للصحفيين بأن «التغليف المتطور بالغ الأهمية للذكاء الاصطناعي».
يُشير مصطلح التغليف إلى جزء من عمليات تصنيع رقائق أشباه الموصلات، وهو تغليف رقاقة داخل غلاف واقٍ وتثبيتها على اللوحة الأم المُدخلة في الجهاز الإلكتروني.
أما التغليف المتقدم فيشير إلى التقنيات التي تُتيح وضع المزيد من الرقائق، مثل وحدات معالجة الرسومات (GPU) أو وحدات المعالجة المركزية (CPU) أو ذاكرة النطاق الترددي العالي (HBM)، بالقرب من بعضها بعضاً، ما يُؤدي إلى أداء عام أفضل، ونقل أسرع للبيانات، واستهلاك أقل للطاقة.
فكّر في هذه الرقائق كأقسام مُختلفة داخل الشركة، كلما اقتربت هذه الأقسام من بعضها بعضاً، كان التنقل بينها وتبادل الأفكار أسهل وأقل وقتاً، وازدادت كفاءة العمل.
وفي حين أن هناك العديد من أنواع تقنيات التغليف المتقدمة، إلا أن CoWoS، وهي اختصار Chips-on-Wafer-on-Substrate (رقائق على شريحة على ركيزة) والتي ابتكرتها شركة TSMC، تُعتبر بلا شك أشهرها، والتي سُلط عليها الضوء منذ إطلاق تشات جي بي تي من أوبن إيه أي، والذي أشعل شرارة ثورة الذكاء الاصطناعي.
أهمية بالغة
أصبح التغليف المتقدم أمراً بالغ الأهمية في عالم التكنولوجيا لأنه يضمن تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تتطلب الكثير من العمليات الحسابية المُعقدة، دون تأخير أو أعطال.
تُعد تقنية CoWoS أمراً لا غنى عنه لإنتاج معالجات الذكاء الاصطناعي، مثل وحدات معالجة الرسومات (GPUs) التي تنتجها إنفيديا وAMD والمستخدمة في خوادم الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.
ولهذا السبب، ارتفع الطلب على تقنية CoWoS بشكل كبير، وتسعى شركة TSMC جاهدة لزيادة طاقتها الإنتاجية.
في يناير الماضي في تايوان، صرّح هوانغ للصحفيين بأن حجم طاقة التغليف المتقدمة المتاحة حالياً «أربعة أضعاف» ما كانت عليه قبل أقل من عامين.
وقال «إن تقنية التغليف مهمة جداً لمستقبل الحوسبة، نحن الآن بحاجة إلى تغليف متقدم ومعقد للغاية لجمع العديد من الرقائق معاً في رقاقة واحدة عملاقة».
ماذا تستفيد أميركا؟
هناك عمليتان رئيسيتان لإنتاج الرقائق، تصنيعها وتغليفها.
يقول المحللون إن وجود كلا العنصرين في أريزونا يعني أن الولايات المتحدة ستمتلك سلسلة قيمة مضافة متكاملة لإنتاج الرقائق، ومكانة أقوى لترسانتها من الذكاء الاصطناعي، ما يعود بالنفع على شركات أبل وإنفيديا وAMD وكوالكوم وغيرها من عملاء TSMC.
صرح إريك تشين، المحلل في شركة أبحاث السوق ديجيتميز ريسيرش، لشبكة CNN «هذا يضمن امتلاك الولايات المتحدة لسلسلة توريد كاملة، من التصنيع المتقدم إلى التغليف المتقدم، ما سيعزز قدرتها التنافسية في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي».
ونظراً لأن تقنيات التغليف المتقدمة، الأساسية للذكاء الاصطناعي، تُنتج حالياً في تايوان فقط، فإن وجودها في أريزونا يقلل أيضاً من مخاطر توقف سلاسل التوريد، مع الحفاظ على إنتاج CoWoS في تايوان والولايات المتحدة معاً.
وبالإضافة إلى شركة TSMC، تُعدّ سامسونغ الكورية الجنوبية، وأمكور وإنتل الأميركيتان، وJCET الصينية، وASE وSPIL التايوانيتان، من اللاعبين الرئيسيين في تقنيات التغليف المتقدمة.