في مفارقة صارخة بين ما تروّج له شركات التكنولوجيا الكبرى وبين واقع الحماية الرقمية، كشف باحثون في موقع سايبر نيوز عن تسريب نحو 16 ملياراً من بيانات الدخول، تشمل كلمات مرور وعناوين بريد إلكتروني، ما يُعد أكبر تسريب من نوعه حتى الآن. وتشمل هذه التسريبات بيانات من منصات كبرى مثل أبل، وغوغل، وفيسبوك، وتيليغرام وحتى بوابات حكومية وخدمات مطورين، وقد جُمعّت في 30 قاعدة بيانات ضخمة، تحتوي كل منها على ملايين أو مليارات السجلات، حسب التقرير المنشور في يونيو حزيران 2024.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
الخصوصية في الإعلانات والثغرات في الواقع
لطالما رفعت شركات مثل أبل شعار «الخصوصية حق أساسي»، وتباهت بقدرتها على حماية المستخدم لدرجة أنها رفضت في 2016 فتح هاتف مشتبه به لصالح مكتب التحقيقات الفيدرالي.
هذه الرواية منحت المستخدمين ثقة مفرطة في قدرة هذه الشركات على حمايتهم، وهو ما اعتبره بعض الخبراء «بيعاً لفكرة الأمان»، دون قدرة حقيقية على منع التسريبات من قواعد البيانات الكبرى.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
لكن التسريب الأخير لا يتضمن فقط بيانات قديمة، بل بحسب الباحثين يتكون في معظمه من معلومات «حديثة وقابلة للاستغلال فوراً»، ما يفتح الباب لهجمات تصيّد إلكتروني، و
اختراق حسابات، وسرقة بطاقات دفع، بل حتى انتحال الهوية.
وتؤكد منصة كيبر سيكورتي أن بعض التسريبات ناتجة عن سوء ضبط إعدادات التخزين السحابي، مشيرة إلى أن «كماً هائلًا من البيانات الحساسة يظل مكشوفاً بسبب الإهمال، وليس الاختراق وحده».
كم تبلغ قيمة الحسابات في السوق السوداء؟
تتحول البيانات الشخصية إلى سلعة تُباع وتُشترى في عالم الجريمة الرقمية، وتتراوح أسعار الحسابات المسروقة بين 1 و20 دولاراً، وفقاً لنوع الحساب وما إذا كان مرتبطاً بخدمات دفع إلكتروني أو منصات تواصل اجتماعي واسعة الاستخدام.
أما قواعد البيانات الكاملة، التي تتضمن ملايين من بيانات الدخول وكلمات المرور، فقد تُعرض في السوق السوداء بأسعار تفوق 10 آلاف دولار، خاصة إذا كانت حديثة ومنظمة، بحسب تقارير من دارك تراسر، وبرايفسي آفيرز، ما يُعني أن البيانات قد تكون جزءاً من تجارة رقمية مزدهرة، دون علم صاحبها.
كيف تحمي نفسك رقمياً؟
مع ازدياد تسريبات البيانات، لم يعد كافياً الاعتماد على كلمات مرور تقليدية، وأولى خطوات الحماية تبدأ بتجنّب تكرار كلمة المرور ذاتها على أكثر من موقع، وتفعيل التحقق الثنائي (2FA) للحسابات المهمة.
وينصح الخبراء أيضاً باستخدام أدوات إدارة كلمات المرور مثل «Dashlane» أو «Bitwarden»، التي تنشئ كلمات معقدة وتحفظها بأمان، وفي حال توفرت خواص مثل بصمة الإصبع أو الوجه، يُفضّل استخدامها كبديل أكثر أماناً.
ويمكنك أيضاً مراقبة بريدك الإلكتروني عبر أدوات مثل «Have I Been Pwned» التي تُنبهك في حال تسرّبت بياناتك ضمن اختراقات معروفة.
وفيما تشير توقعات تحالف فيدو إلى أن تقنيات مثل بصمة الإصبع أو الوجه ستصبح المعيار الأمني الجديد بحلول عام 2027، فإن خبراء آخرين يرون أن المستخدمين أصبحوا أكثر استعداداً من أي وقت مضى للتخلي عن «الباسوورد».
في النهاية، لم تعد الحماية الرقمية خياراً، بل ضرورة يومية، وهي لا تبدأ من وعود الشركات، بل من وعيك الشخصي وسلوكك التكنولوجي اليومي.