تتجه الحكومات حول العالم نحو حظر السجائر الإلكترونية أو ما يُعرف بالـ«فيب»، وتُفعّل الحكومة الأسترالية قوانين حظر جديدة ضمن سلسلة من القرارات لتنظيم وحظر بيع السجائر الإلكترونية في البلاد.

يأتي هذا في غضون تحركات عدة في دول مختلفة حول العالم ضد تداول السجائر الإلكترونية، إذ قامت ولايات أميركية بمقاضاة شركة «جوول» للسجائر الإلكترونية وفرض غرامات بنحو 438.5 مليون دولار في وقت سابق خلال الشهر الماضي، وذلك ضمن أكثر من خمسة آلاف قضية رفعها ما يقرب من عشرة آلاف مدعٍ في الولايات المتحدة ضد الشركة، حسب ما أعلنت «جوول» في ديسمبر كانون الأول الماضي.

تعمل أستراليا على تقييد بيع السجائر الإلكترونية وحظرها عن طريق وضع ضوابط صارمة على الواردات وعمليات التعبئة لمنع التدخين الإلكتروني أو «الفيب»، خاصة بين المراهقين، في إطار أكبر إصلاحات لقوانين التدخين منذ أكثر من عقد.

وقال وزير الصحة الأسترالي مارك بتلر، يوم الثلاثاء، إن التدخين الإلكتروني أصبح مشكلة سلوكية كبرى في المدارس الثانوية ومشكلة متزايدة في المدارس الابتدائية، لكنه أشار أيضاً إلى أن المنتجات لها استخدام علاجي في ظل الظروف المناسبة لذلك الغرض.

يتضمن التدخين الإلكتروني تسخين سائل يحتوي على النيكوتين في سيجارة إلكترونية يتم تبخيرها واستنشاقها من قبل المستخدم.

يُنظر إلى ذلك على نطاق واسع على أنه بديل لتدخين السجائر العادية ومنتج لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التبغ، ولكن بدلاً من ذلك، فإن المراهقين وحتى الأطفال الصغار يستخدمون السجائر الإلكترونية كعادة إدمان على مستوى العالم.

وقال بتلر، «لقد سوقت السجائر الإلكترونية للحكومات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم كمنتج علاجي لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين لفترات طويلة».

وتابع، «لم يتم بيعها كمنتج ترفيهي -على وجه الخصوص لم يكن منتجاً لأطفالنا- لكن هذا ما أصبح عليه، هذه أكبر ثغرة في تاريخ أستراليا».

وفي إعلانه عن اللوائح الجديدة، قال بتلر إنه سيتم حظر استيراد السجائر الإلكترونية التي لا تتطلب وصفة طبية، وسيُطلب من منتجات السجائر الإلكترونية أن تحتوي على عبوات تشبه الأدوية، تهدف إلى بيعها كمنتجات لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين فقط.

وأضاف بتلر أنه سيتم تقييد العبوات ذات الألوان الزاهية والنكهة الممتعة التي تجذب المستخدمين الأصغر سناً، وسيتم حظر جميع السجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد.

كما أشار بتلر إلى أن «هذا منتج يستهدف أطفالنا، ويباع جنباً إلى جنب مع الحلوى وألواح الشوكولاتة».

وأضاف «تماماً كما فعلوا مع التدخين، لنكن واضحين بشأن هذا الأمر، اتخذت شركات التبغ العملاقة مساراً جديداً من خلال منتج آخر يسبب الإدمان، وتمت تعبئته في عبوات لامعة وأضيفت النكهات الجذابة لخلق جيل جديد من مدمني النيكوتين».

قبل الإعلان عن التغييرات يوم الثلاثاء، كانت الطريقة القانونية الوحيدة لبيع النيكوتين في أستراليا هي من خلال وصفة طبية يقدّمها الطبيب إلى الصيدلية، لكن المنتجات كانت لا تزال تُباع على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد.

السوق السوداء وتوفر السجائر الإلكترونية

لقد ازدهرت «السوق السوداء» للمتاجر ومحطات الوقود التي تبيع منتجات النيكوتين دون أي تصنيف أو تحذيرات للقصر في ظل الافتقار إلى التنظيم والإجراءات، وفقاً لما ذكره بتلر.

وأشار وزير الصحة إلى أنه «لا مزيد من النكهات الجذابة أو الرسومات الملونة اللافتة أو«الفيب» الذي يتخفى في شكل أقلام ليخبئها الأطفال في حقائبهم المدرسية”.

قال بتلر إن ما يقرب من 20 مليون دولار ستُستخدم لمساعدة الأستراليين على الإقلاع عن التدخين الإلكتروني وأكثر من 41 مليون دولار مخصصة لحملة إعلامية وطنية تستهدف الشباب.

ستتم أيضاً زيادة ضريبة التبغ في أستراليا بنسبة خمسة في المئة سنوياً على مدار السنوات الثلاث المقبلة بدءاً من مطلع سبتمبر أيلول.

يستخدم الشباب في أستراليا بشكل غير متناسب السجائر الإلكترونية، على الرغم من أن البلاد لديها واحدة من أدنى معدلات تدخين التبغ بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ووفقاً لوزير الصحة الأسترالي فإن واحداً من كل ستة مراهقين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً جرّب السجائر الإلكترونية، بينما جرب واحد من كل أربعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً أيضاً بديل التدخين.

كان الأمر الأكثر صدمة هو التوافر الواسع لهذه المنتجات في جميع أنحاء البلاد، إذ قال أربعة من كل خمسة مراهقين إنهم يستطيعون الحصول على السجائر الإلكترونية في متاجر البيع بالتجزئة المحلية دون استجوابهم.

مخاوف التدخين الإلكتروني حول العالم

وجد الباحثون روابط بين إدمان النيكوتين بين المراهقين والأطفال نتيجة لزيادة عادات التدخين الإلكتروني أي استخدام «الفيب»، كما تم ربط التدخين الإلكتروني بالمراهقين بالمشكلات النفسية والصداع وآلام المعدة والإدمان الكبير على النيكوتين.

يجادل البعض بأن السجائر الإلكترونية هي بديل جيد للسجائر العادية، بل ويتم الترويج لها في بعض البلدان كوسيلة للإقلاع عن التدخين، لكن المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها تقول، «السجائر الإلكترونية ليست آمنة للشباب والنساء الحوامل، وكذلك البالغين الذين لا يستخدمون منتجات التبغ في الأصل».

يحذّر مركز «السيطرة على الأمراض والوقاية منها» من أن النيكوتين يسبب الإدمان بدرجة كبيرة ويمكن أن يضر بنمو دماغ المراهقين، والذي يستمر في التطور حتى منتصف العشرينيات.

وأصبح التدخين الإلكتروني منتشراً في كل مكان في العديد من المدارس الثانوية الأميركية، ما دفع إدارة الغذاء والدواء الأميركية إلى البدء في معالجة مستويات الاستخدام «الوبائية» بين القاصرين في السنوات الأخيرة.

بدأ المراهقون الذين يدخنون السجائر الإلكترونية في استخدامها أيضاً في سن أصغر، إذ يستخدمونها بشكلٍ أكثر كثافة، وفقاً لدراسة نُشرت في المجلة الطبية «شبكة جيه.إيه.إم.إيه» المفتوحة.

في حين تتصدى المملكة المتحدة أيضاً مستويات عالية من التدخين الإلكتروني بين الشباب، لكنها تدفع به كبديل لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين لفترات طويلة.

اقترحت الحكومة البريطانية في أبريل نيسان أنه سيتم تشجيع ما يصل إلى مليون مدخن على مبادلة السجائر العادية بالإلكترونية.

وقالت «وزارة الصحة» البريطانية، إنه بموجب المخطط، سيحصل ما يقرب من واحد من كل خمسة مدخنين على «مجموعة أدوات بدء التدخين الإلكتروني» جنباً إلى جنب مع الدعم السلوكي لمساعدتهم على التخلص من هذه العادة.

وأضافت الحكومة أنه سيتم تقديم حوافز مالية للنساء الحوامل للإقلاع عن التدخين فيما سيكون الأول من نوعه في العالم.