خلال الأشهر الستة التي قضاها كرئيس تنفيذي ومالك لشركة «تويتر»، دمر إيلون ماسك النشاط الإعلاني في موقع التواصل الاجتماعي، وحجَّم بعض المنشورات الإخبارية والمستخدمين المهمين، وأغرق المنصة في حالة مستمرة من الفوضى.

الآن، تولت رئيسة تنفيذية جديدة زمام الأمور في محاولة لتغيير الوضع؛ وأعلن ماسك يوم الجمعة أنه سيسلِّم في الأسابيع المقبلة منصب الرئيس التنفيذي إلى ليندا ياكارينو، الرئيسة السابقة لإدارة الإعلانات في شركة «إن بي سي يونيفرسال».

«تويتر» في أمس الحاجة إلى قائد مستقر، وتتمتع ياكارينو بخبرة في صناعة الإعلانات التي يحتاج إليها الموقع بشدة لجذب كبار المعلنين، وتعزيز أعماله بعد فترة مضطربة، لكنها قد تكافح لمعالجة أكبر مشكلة في «تويتر»، إيلون ماسك.

إيلون ماسك.. التحدي الأكبر

على الرغم من أن ماسك يتخلى عن لقب الرئيس التنفيذي، وربما يحاول التملص من بعض المساءلة التي يتعرض لها المنصب، فإن الملياردير لا يزال مسؤولاً بقوة عن الشركة بصفته مالكها ورئيسها التنفيذي.

سيظل ماسك رئيساً تنفيذياً لقطاع للتكنولوجيا في «تويتر» ولا يزال هو المستخدم الأكثر متابعة على المنصة، ما يعني أن تصريحاته المثيرة للجدل لمتابعيه البالغ عددهم نحو 140 مليون متابع يمكن أن تخلق صداعاً للشركة.

في مجال التكنولوجيا، غالباً ما يكون الرئيس التنفيذي هو الوجه العام للعلامة التجارية، لكن من شبه المؤكد أن ماسك سيستمر في شغل هذا الدور، مع اللقب أو بدونه، وهو الأمر الذي من المحتمل أن يضر «تويتر».

هذا الأسبوع فقط، أثار ماسك ردود فعل عنيفة لمهاجمته الملياردير جورج سوروس، وهو هدف متكرر لنظريات المؤامرة المعادية للسامية، كما واجه موقع «تويتر» انتقادات في الأيام الأخيرة بسبب إزالة بعض التغريدات والحسابات بناءً على طلب من الحكومة التركية أثناء ماراثو ن الانتخابات الرئاسية.

غضب المعلنين

يوم الثلاثاء، قال ماسك إنه «لا يهتم» إذا كانت تغريداته المثيرة للجدل قد أثارت غضب المعلنين على «تويتر» أو مساهمي تسلا، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية «سأقول ما أريد أن أقوله، وإذا كانت نتيجة ذلك هي خسارة المال، فليكن».

قال تيم هوبارد، أستاذ الإدارة في كلية «ميندوزا» للأعمال بجامعة نوتردام «السؤال هو: هل يمكنها المساعدة في كبح جماح ماسك؟».

يسير «تويتر» في الوقت الحالي على نهج طارد للمعلنين، وللمستخدمين، وقال هوبارد «ما لم تكن هناك تغييرات أساسية في تويتر، لا أعتقد أن تغيير القيادة سيكون له التأثير الفوري الذي يأمل إيلون أن يحدثه».

حتى لو تراجع ماسك عن تغريداته، وهو إنجاز يبدو أنه غير قادر على تحقيقه، فلن يكون من السهل على ياكارينو، إعادة الإعلانات إلى «تويتر» ناهيك عن زيادتها.

غادر العديد من المعلنين الرئيسيين المنصة بعد استحواذ ماسك بسبب مخاوف بشأن تصاعد خطاب الكراهية، والإحباط من تسريح الكثير من موظفي أقسام الإعلانات والسلامة في الشركة وعدم اليقين العام بشأن مستقبل المنصة.

لا يزال 43 في المئة فقط من أكبر ألف معلن على «تويتر» يعلنون على المنصة، وفقاً لبيانات من شركة معلومات السوق «سنسور تاور».

وجاء استحواذ إيلون ماسك على «تويتر» في الوقت الذي سحب فيه العديد من المعلنين إنفاقهم على الإعلانات الرقمية في جميع المجالات خلال لحظة محفوفة بالمخاطر للاقتصاد، ما يعمق من الصعوبات التي ستواجهها كارينو في دعم أعمال تويتر.

العنصر البشري

كان ماسك، من جانبه، يحاول تكملة، وربما استبدال، إلى حد كبير، إعلانات تويتر بالاشتراكات، ولكن يبدو أن جزءاً ضئيلاً فقط من مستخدمي «تويتر» دفعوا لتوثيق حساباتهم.

ويشير اختيار الرئيسة السابقة لإدارة الإعلانات في شركة «إن بي سي يونيفرسال» إلى اعتراف إيلون ماسك بأن الشركة التي أنفق عليها نحو 44 مليار دولار ستستمر في الاعتماد على مبيعات الإعلانات في المستقبل القريب.

ليس من الواضح مدى الحرية التي ستحصل عليها الرئيسة التنفيذية الجديدة لـ«تويتر» لتوظيف موظفين إضافيين لدعم اختصاصها المحتمل لإحياء الإعلانات على المنصة بعد أن سرح ماسك نحو 80 في المئة من موظفي الشركة العام الماضي.

وحتى إذا كانت ليندا ياكارينو قادرة على توظيف ناس جديدة، فقد تكون أفضل المواهب حذرة من الانضمام إلى «تويتر» بعد أن قلب ماسك ثقافة الشركة رأساً على عقب وتراجع عن مزايا مثل العمل من المنزل وإجازة الوالدين الممتدة.

قال هوبارد «سيكون الموظفون تحدياً كبيراً بالنسبة لها؛ إذا كان عمال التكنولوجيا يبحثون عن بيئة عمل مستقرة، فمن المحتمل أن يبتعدوا عن «تويتر».

لكن تأثير ماسك المستمر يظل أكبر عقبة محتملة.

تنظيف «تويتر»

قال ماسك إنه سيشرف على عمليات المنتجات والتكنولوجيا والبرامج والأنظمة، بينما ستركز ياكارينو على العمليات التجارية.

ترك الإعلان سؤالاً مفتوحاً حول ما إذا كان ماسك سيظل مسؤولاً عن قرارات السياسة المثيرة للجدل، والتي هدد العديد منها -بما في ذلك السماح للمستخدمين بشراء شيكات التحقق الزرقاء واستعادة حسابات منتهكي القواعد، بما في ذلك المتعصبون للبيض- بشعبية تويتر لدى المستخدمين و المعلنين.

«يتطلب تنظيف تويتر إلغاء قرارات ماسك السياسية الخطيرة، وإعادة الاستثمار في الإشراف على المحتوى، وإعادة هيكلة حوكمة المنصة»، حسبما ترى جيسيكا غونزاليس، الرئيس التنفيذي المشارك لهيئة مراقبة وسائل الإعلام «فري برس» التي ساعدت في تأسيس حملة «ستوب توكسيك تويتر» لتشجيع المعلنين على تجنب المنصة.

وقالت «ماسك يهيئ الرئيسة التنفيذية المستقبلية ليندا ياكارينو للفشل، طالما استمر في جعل المنصة سامة، فسيكون من المستحيل جذب المعلنين والمستخدمين مرة أخرى».