يستثمر عمالقة شركات التكنولوجيا التي تركّز على الذكاء الاصطناعي المليارات لتوسيع مراكز البيانات على مستوى العالم، لكن المعضلة تكمن في مقدار الطاقة اللازم لتحقيق هدفهم، وهنا تبرز «الطاقة النووية».

وتتطلع شركات أمازون ومايكروسوفت وغوغل الآن إلى التفوق على بعضها بعضاً بالإعلانات المتعلقة بالطاقة النووية، والتي تأمل أن تعمل على توليد الكهرباء اللازمة لتوليد مراكز البيانات الضخمة.

ووفقاً لأبحاث غولدمان ساكس، فإن مراكز البيانات سوف تستهلك 8 في المئة من الطاقة في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، ارتفاعاً من 3 في المئة عام 2022.

وبينما تسعى شركات التكنولوجيا إلى الحصول على مصادر للطاقة لتلبية هذه المطالب مع الحفاظ على التزاماتها المتعلقة بالانبعاثات الكربونية الصفرية، سطعت الطاقة النووية كخيار مقنع.

ورغم أن بناءها مكلف وحساس سياسياً، فإن الطاقة النووية توفر كهرباء ثابتة خالية من الكربون بمجرد تشغيلها.

وأوضح جاكوبو بونجورنو، أستاذ العلوم والهندسة النووية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن «شركات التكنولوجيا لا تحب الطاقة النووية، لكنها تريد طاقة خالية من الكربون وموثوقة ويمكن التنبؤ بها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع».

التكاليف تعوق صغار المنافسين

يعد بناء المفاعلات النووية أكثر تكلفة بكثير من بناء منشآت الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، لذا فإن الطاقة النووية لا معنى لها إلّا بالنسبة لعمالقة التكنولوجيا الذين يدرون أرباحاً سنوية تبلغ عشرات المليارات.

قال روب بيتنكورت من أبوللو غلوبال مانجمنت، إن تكلفة بناء مركز بيانات للذكاء الاصطناعي بلغت تريليون دولار، وإن إمدادات الكهرباء اللازمة لتوليد الطاقة اللازمة كانت هائلة، مضيفاً أن هذه أرقام ضخمة لكن شركات مثل أمازون وميتا ومايكروسوفت وغوغل، يمكنها تحمل هذه التكاليف.

وفي هذا الصدد، أعلنت مايكروسوفت مؤخراً اتفاقية مدتها 20 عاماً مع شركة كونستيليشن إنرجي لإعادة تشغيل الوحدة الأولى في جزيرة ثري مايل، والتي تم إغلاقها منذ خمس سنوات لأسباب اقتصادية.

وبالمثل، تتجه شركة أمازون ويب سيرفسيس إلى الاستثمار المفاعل الذي يبلغ عمره 40 عاماً في محطة الكهرباء سسكويهانا ستيم، لتشغيل مجمع قريب من مراكز البيانات.

تفاؤل يشوبه قلق

يركز نهج آخر على الاستثمار في المفاعلات النمطية الصغيرة (SMRs)، ولكن هذه المفاعلات المدمجة، والتي من المحتمل أن تكون أسهل في النشر، لا تزال تجريبية، كما يفتقر عمالقة التكنولوجيا إلى الخبرة في المشاريع النووية التي يمكن أن تشهد «مفاجآت غير سارة» على طول الطريق، وفقاً لبونجيورنو.

وأيضاً لا تزال المخاوف المتعلقة بالسلامة قائمة، نظراً لتاريخ الحوادث النووية مثل تشيرنوبيل وفوكوشيما، وكارثة عام 2011 في اليابان، لكن رغم هذه التحديات، يظل قادة الصناعة متفائلين.

غويعترف مؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس، الذي يستثمر المليارات في شركته الناشئة تيراباور في مجال المفاعلات النمطية الصغيرة، بالصعوبات ولكنه يعرب عن ثقته في تقديم حجة قوية لدور الطاقة النووية في المستقبل القائم على الذكاء الاصطناعي.

وقال غيتس في حدث أقيم مؤخراً في نيويورك «إنني أستثمر المليارات في هذا الأمر لأنني واثق تماماً من قدرتنا على تحقيق هدفنا».

(أ.ف.ب).