«سأفعلها عندما ينتهي بناء جسر ميسينا»، تلك المقولة الإيطالية الشهيرة تُعبِّر عن حلم إيطاليا ببناء أطول جسر معلق في العالم، والذي لم يتحقق منذ قرون، فهل تنجح الآن؟
يعود حلم الجسر الذي يربط البر الرئيسي بصقلية عبر مضيق ميسينا إلى العصر الروماني، في عهد القنصل ميتيلوس عام 252 قبل الميلاد، وفقاً لكتابات بليني الأكبر.
وفي عام 2006، حصلت الشركة الإيطالية «ساليني إمبريجيلو» («وي بيلد» الآن) على عرض بناء الجسر، ولكن عندما سقطت حكومة برلسكوني في ذلك العام، انهارت خطط بناء الجسر مع حكومته.
منذ ذلك الحين، حاولت العديد من الحكومات إحياءه، ووضعه التحالف الحاكم الحالي بقيادة ميلوني وسالفيني وبرلسكوني على قائمة وعود الحملة الانتخابية، وعندما أصبح سالفيني وزيراً للنقل، جعل ذلك من أولوياته.
الآن قد يتحقق المشروع الهندسي الضخم بالفعل بفضل مرسوم أصدرته حكومة جيورجيا ميلوني الشهر الماضي، وفي حالة بنائه سيمتد الجسر عبر مضيق ميسينا ميلين (3.2 كيلومتر) وسيكون أطول جسر معلق في العالم.
ورفعت «وي بيلد»، التي لا يزال لديها العطاء على الورق، دعوى قضائية ضد الحكومة لخرقها العقد بعد توقف المشروع مؤقتاً، لكنها لا تزال الشركة الأكثر احتمالاً لاستعادة العرض، رغم إبداء الشركات من جميع أنحاء العالم اهتمامها بالمشروع.
وقال ميشيل لونغو، مدير الهندسة لدى الشركة لمجلس النواب، «الجسر فوق مضيق ميسينا مشروع يمكن أن يبدأ على الفور بمجرد إعادة العقد وتحديثه، من المتوقع أن يستغرق التصميم التنفيذي ثمانية أشهر، في حين أن الوقت اللازم لبناء الجسر سيكون أكثر بقليل من ست سنوات».
وتبلغ تكلفة المشروع 4.5 مليار يورو (4.96 مليار دولار) للجسر وحده، و6.75 مليار يورو (7.4 مليار دولار) للبنية التحتية لدعمه على الجانبين، بما في ذلك تحديث الطرق والسكك الحديدية وبناء المحطات والقيام بالأعمال التمهيدية.
لم يكن الجسر قريباً من بنائه كما هو الآن، بعد توقيع ميلوني على المرسوم لتمهيد الطريق لوضع خطط ملموسة.. سيصبح المرسوم قانوناً في يونيو حزيران، وقال سالفيني إنه يأمل في بدء العمل بحلول يوليو تموز 2024.
المافيا والبيئة لهما رأي آخر!
قد تبدو الخطط متقدمة جداً، ولكن التحديات معقدة، إذ إن جنوب إيطاليا معرض للفساد مع عصابتين رئيسيتين للجريمة المنظمة -ندرانجيتا كالابريا وصقلية كوسا نوسترا- وهما تتفوقان في التسلل إلى مشاريع البناء.
وحذّرت دراسة مناهضة للمافيا من مركز أبحاث «نوموس» من أن أجزاء من المشروع مثل النقل والإمداد قد تقع تحت سيطرة العصابات المحلية، فضلاً عن التكاليف الإضافية لحماية المشروع.
كما جادل دعاة حماية البيئة منذ فترة طويلة بأن الجسر سيكون مدمراً للتضاريس والحياة البرية، وأطلق «الصندوق العالمي للحياة البرية» حملة ضد إحياء المشروع.
وقال ستيفانو لينزي، مدير العلاقات المؤسسية لدى الصندوق، في بيان، «منطقة مضيق ميسينا بأكملها محمية بموجب توجيهات الاتحاد الأوروبي الخاصة بالموائل»، ما يهدد برفع دعوى قضائية لمحاولة وقف المشروع.
ومع ذلك، خفف سالفيني من هذه المخاوف أمام البرلمان، قائلاً «لست خائفاً من المافيا، سنكون قادرين على ضمان عمل أفضل الشركات الإيطالية والأوروبية والعالمية هناك، ستكون هناك هيئات رقابية نعمل عليها مقابل كل يورو يُستثمر في الجسر».
ويصر سالفيني على أهمية الجسر لاقتصاد إيطاليا، إذ يمكن أن ترسو سفن الشحن من آسيا في صقلية، ثم تنقل هذه البضائع في قطارات عالية السرعة إلى أوروبا، بمجرد بناء السكك الحديدية عالية السرعة في صقلية، رغم عدم وجودها حالياً.
(باربي لاتزا نادو- CNN).