أعادت حادثة غواصة «تايتان»، التي فُقدت في أعماق المحيط أثناء رحلة استكشافية لحطام سفينة «تايتانيك»، الجدل حول مدى خطورة مثل هذه الرحلات.
فربما لم يحالف الحظ الكثيرين لمشاهدة حطام السفينة الشهيرة «تايتانيك» القابعة في أعماق المحيط بشكل شخصي، إما لعدم قدرتهم على تكبد التكلفة الباهظة للرحلة أو لخوفهم من المخاطر المترتبة على ذلك.
على الجانب الآخر، هناك فئة قليلة تتمتع بالمقدرة المالية والجرأة الكافية للقيام بهذا النوع من الرحلات، وهي الفئة التي تستهدفها شركة «OceanGate Expeditions» للرحلات السياحية والاستكشافية، والتي تنظّم رحلات مدتها ثمانية أيام لاستكشاف حطام «تايتانيك» على عمق أكثر من 13000 قدم تحت سطح البحر، ويتم ذلك من خلال غواصات خاصة مصنوعة من ألياف الكربون والتيتانيوم وتتسع لخمسة أفراد.
ووفقاً لموقع الشركة، تصل تكلفة الرحلة الواحدة إلى 250 ألف دولار لكل فرد.
تجارب غير مألوفة تستهدف كبار الأثرياء
ويأتي هذا النوع من الرحلات ضمن فئة «الرحلات السياحية المتطرفة»، وهو مصطلح مستخدم في عالم السياحة لوصف التجارب السياحية غير المألوفة التي تتعدى الحدود التقليدية للسفر والسياحة، والتي عادةً ما تستهدف الأثرياء من عشاق الإثارة والمغامرة.
وتعليقاً على هذا الاتجاه، قال نايك دي أنونزيو، صاحب شركة «TARA» للعلاقات العامة: «ما لمسته هو أن المال لا يمثّل شيئاً بالنسبة للأثرياء عندما يتعلق الأمر بالتجارب المثيرة».
وعلى الرغم من تكلفتها الباهظة، فإنه من المتوقع زيادة الإقبال على هذه التجارب المثيرة في ظل التوقعات بتنامي عدد الأثرياء على مستوى العالم خلال الأعوام المقبلة، فوفقاً لتقرير الثروة السنوي الصادر عن مؤسسة «نايت فرانك»، ارتفعت أعداد الأشخاص الذين يمكن تصنيفهم ضمن فئة «كبار الأثرياء» بنسبة 44% على مستوى العالم منذ عام 2017، وتتضمن تلك الفئة الأشخاص الذين يزيد صافي ثرواتهم على 30 مليون دولار.
فهذه الفئة من العالم يمكنها دفع مبالغ طائلة للاستمتاع برحلة جوية خاصة حول العالم لمدة 24 يوماً أو استقلال مروحية لإقامة معسكر عند سفح جبال إفرست أو حتى الانطلاق في رحلة نحو الفضاء.
واستهدافاً لهذه الفئة، أعلنت شركة «فيرجين أتلانتك» -التي يملكها الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون- الأسبوع الماضي عن إطلاق خدمة طيران الفضاء التجارية رسمياً في وقت لاحق هذا الشهر، مع تنظيم الرحلة الثانية في أغسطس آب المقبل.
وعلى الرغم من ارتفاع تكلفة التذكرة التي تبلغ 450000 دولار، فقد تم حجز 800 مقعد بالفعل، وفقاً لما ذكرته الشركة لشبكة CNN.
وعلى الرغم من أن سياحة الفضاء غير متاحة سوى لعدد قليل فقط من الأشخاص الذين يمكنهم تكبد تكلفتها، فإنها أصبحت تشكّل اتجاهاً سياحياً متنامياً بين أثرياء العالم. فإلى جانب «فيرجين أتلانتك»، يوجد عدد من الشركات الطموحة الأخرى التي تهيمن على هذا المجال، وفي مقدمتها «بلو أوريجين» التي يملكها مؤسس «أمازون» جيف بيزوس و«سبيس إكس» التي يملكها رئيس «تسلا» إيلون ماسك، حيث نظّمت الشركتان مجموعة من رحلات الفضاء على مدار العامين الماضيين، بينما تخطط شركة «أوريان سبان» الأميركية الناشئة لافتتاح أول فندق فخم في الفضاء، والتي تصل تكلفة الإقامة به إلى 10 ملايين دولار لكل فرد لمدة أسبوعين.
مخاطر مجهولة وضوابط منظمة
وعلى الرغم من هذا الإقبال المتزايد بين أثرياء العالم على سياحة المغامرات، فإن حادثة غواصة «تايتان» الأخيرة قد أثارت الجدل حول المخاطر المرتبطة بهذا النوع من التجارب، والحاجة الملحة لوضع ضوابط وقوانين تنظم هذا النوع الجديد من السياحة.
(سامانثا ديلويا، CNN)