لن تصدق أنه على بُعد ساعات من دبي بالسيارة، يمكنك التعرف على أجمل معالم « نرويج العرب»، فبينما تسير على الساحل الصحراوي المتعرج، ستختفي آثار ناطحات السحاب ومراكز التسوق.
ستجد المرتفعات الوحيدة التي يتجاوز طول البعض منها برج خليفة الذي حطم الأرقام القياسية، متمثلة في الصخور القاحلة التي تحيط بالمياه النقية الدافئة لمدخل خور الشام.
في بعض الأحيان، تُقارن شبه جزيرة مسندم الواقعة في الطرف الشمالي الشرقي لشبه الجزيرة العربية بالنرويج، ليس فقط لأنها تقع بجوار المياه الغنية بالنفط؛ فالسهول الصحراوية في رأس الخيمة، الواقعة أقصى شمال الإمارات العربية المتحدة، تفسح المجال لمناظر طبيعية جبلية جميلة تتخللها سلسلة متاهة من الكهوف والخلجان الصغيرة والمضايق.
كل ذلك يعزز جمال الأرض التي يمكنها منافسة نظيراتها في دول الشمال الأوروبي، لتشتهر بلقب «نرويج العرب».
موقع معزول
لا يمكن الوصول إلى محافظة مسندم إلا عن طريق البر عبر الإمارات، ويرجع ذلك إلى وجود طريق واحد فقط ممهد يربط العاصمة «خصب» ببقية دول العالم عبر رأس الخيمة.
في حين أن هناك العديد من المسارات التي تعبر لشبه الجزيرة عبر مناطق صحراوية صخرية داخلية، لكنها ستحتاج إلى سيارة رباعية الدفع ويفضل المعرفة الجيدة بها وما يتخللها من مناظر طبيعية محلية من أجل التنقل فيها.
حتى يومنا هذا، لا يمكن الوصول إلى كل أماكن مسندم إلا عن طريق البحر، وقد شكَّل هذا هوية محلية، على عكس الإمارات المجاورة؛ ما حافظ عليها نائية نسبياً عن السياحة الجماعية.
طريق تجاري استراتيجي
كان مصير هذه المنطقة متشابكاً مع مصير وسطاء القوة الجيوسياسية في كل عصر، ويعود ذلك إلى موقعها الاستراتيجي الذي يحرس الجانب الجنوبي من مضيق «هرمز» ومدخل الخليج العربي.
كان البرتغاليون هنا في أوج قوتهم، وبنوا حصناً -ما زال قائماً حتى يومنا هذا- في مدينة خصب؛ بهدف السيطرة على حركة المرور البحرية والتجارة في هذه المنطقة.
وفي القرن التاسع عشر جاء دور بريطانيا لتطأ قدمها شبه الجزيرة، كان مدخل خور الشام يُعرف سابقاً باسم مدخل «إلفينستون»، بعد أن سُمي على اسم حاكم مومباي البريطاني الذي مسح المنطقة لأول مرة بموجب أوامره في العشرينيات من القرن التاسع عشر.
توجد آثار هذه الفترة حتى الآن في شكل عدد قليل من الهياكل الحجرية المهجورة، مرئية في جزيرة التليغراف، وهي جزيرة صغيرة تبحر بها المراكب الشراعية السياحية في طريقها إلى رأس المدخل.
وخلال العصر الفيكتوري، كانت بمثابة عقدة رئيسية في شبكة الاتصالات الإمبراطورية، إذ ضمت محطة رئيسية في خط التليغراف الذي يربط لندن بالهند التابعة لبريطانيا آنذاك.
في منتصف القرن التاسع عشر، فكّرت البحرية الملكية البريطانية في إنشاء قاعدة بحرية في خصب، لكنها لم تتمكن من ذلك.
في العصر الحديث، يمرُّ ما يصل إلى 20 مليون برميل من النفط عبر مضيق هرمز يومياً؛ ما يجعل هذا الامتداد الضيق من المياه ربما أهم طريق بحري للنفط في العالم.
رحلات يومية في نرويج العرب
بالنسبة للزوّار، يظل البحر عامل الجذب الرئيسي لشبه جزيرة مسندم، ومع ازدهار السياحة في دبي وعلى طول ساحل الإمارات، بدأ الضيوف يتوافدون إلى نرويج العرب باستمرار.
ترتب الشركات المحلية رحلات بحرية لمدة يوم كامل عبر المضايق، يتضمن خط سير الرحلة النموذجي رحلة إبحار على طول ساحل خور الشام.
تتوقف المراكب الشراعية عدة مرات على طول الطريق حتى يتمكن ركابها من الغطس في المياه البلورية، لا تحتاج إلى الكثير من المعدات، إذ يمكن لزوج من النظارات والزعانف التي يقدمها الطاقم أن يمكنك من السباحة على طول الشعاب المرجانية والاستمتاع بالحيوانات تحت الماء.
ويظل أهم ما يميز أي رحلة إلى مسندم هو اكتشاف الدلافين التي رصدتها شبكة «CNN» أثناء رحلتها.
على الرغم من البنية التحتية المنخفضة لولاية خصب مقارنة بالمنتجعات الإماراتية، فإنها الميناء الرئيسي لجميع الرحلات الشراعية، وتفتخر بفندقين مجهزين وفقاً للمعايير الدولية الحديثة.
كيفية الوصول إلى هناك
ينظم مطار خصب المحلي رحلات يومية مباشرة إلى العاصمة العمانية مسقط، على الرغم من أن معظم السياح يأتون عن طريق البر من رأس الخيمة وخارجها.
إذا كنت تقود سيارة مسجلة في دولة الإمارات، فسوف تحتاج إلى التأمين على القيادة في عُمان، وهنا يمكنك الاستمتاع برحلة في نرويج العرب التي قد تنافس أهم المدن السياحية العالمية في جمالها.