تظاهر عشرات الصينيين، أمام مكتب فرعي للبنك المركزي الصيني في مقاطعة خنان، خلال هذا الشهر للمطالبة باستعادة مدخراتهم.

يمثل المتظاهرون جزءً من بين آلاف المودعين في الصين الذين جُمدت حساباتهم بعد إفلاس البنوك القروية في الصين.

أخفى المحتجون وجوههم بارتداء أقنعة جراحية، ورفعوا لافتات كتبوا عليها «استرد عملاء بنك سيليكون فالي الأميركي أموالهم في غضون ثلاثة أيام، ولكن عملاء بنوك خنان القروية لم يتحصلوا على سنت واحد من أموالهم خلال عام كامل».

بدأت الفضيحة المصرفية الأخيرة في الصين في أبريل نيسان الماضي، حين جمدت خمسة مصارف قروية -أربعة منهم في خنان وواحد في مقاطعة آنهوي- حسابات المودعين، وقدرت مجلة «سانليان لايف ويك»، الممولة من الدولة، عدد المتضررين بنحو 400 ألف مودع.

وقال واحد من العملاء المتضررين، الذي فضل تعريفه باسمه الأخير فقط «دو»، إنه وضع كل مدخرات عائلته التي تقدر بنحو خمسة ملايين يوان صيني، 726 ألف دولار أميركي، في واحد من تلك البنوك.

ولم تكشف “CNN” عن أسماء ضحايا الفضيحة المصرفية، حرصاً على سلامتهم، وهم يقولون إن كل ما يطلبونه هو أموالهم، إلا أن مطالباتهم قوبلت بالتجاهل، ويقول البعض منهم إن المسؤولين المحليين قاموا بتتبعهم ومضايقتهم أو التعرض البدني لهم.

وقال دو «أعيش على التسول من الآخرين أو تلقي التبرعات»، وأضاف «سنضطر أنا وأولادي أن نعيش في الشارع بلا مأوى إذا لم أستطع استرداد أموالي».

خلال الصيف الماضي، احتج المئات من المودعين في سلسلة من التظاهرات للمطالبة بإجابات، وقال دو إنه تعرض للضرب قبل السماح له وللمتظاهرين الآخرين بالمغادرة.

بعد أسابيع من قيام المسؤولين المحليين بقمع المظاهرات السلمية بعنف، ألقت السلطات الإقليمية في خنان باللائمة في الفضيحة على الاحتيال المالي، واعتقلت أكثر من 200 مشتبه بهم، ووعدت بإعادة الأموال للمودعين.

مخاوف من إخفاقات جديدة

في حين استرد غالبية المودعين أموالهم خلال العام الماضي، فإن ما يقدر بعدة آلاف لم يتلقوا أي شيء، وفقاً لشهادة لمتظاهرين.

لم تتلق “CNN” رداً من قبل المصارف والمسئولين الحكوميين على طلبات التعليق المتكررة.

قال الخبراء إن المصارف الصغيرة في مناطق أخرى من الصين معرضة للأزمة نفسها، إذ يتعرض ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى تباطؤ هيكلي طويل الأمد.

قال فرانك تشي، المحاضر بجامعة جنوب كارولاينا «هذه مجرد بداية، وهناك أوضاع مماثلة في مقاطعات صينية أخرى»، وأضاف «أعتقد أن واحداً من كل ثلاثة مصارف صينية صغيرة يقع في ورطة».

السبب وراء تقاعس بكين عن التعويض

يقول المودعون لـ”CNN” إن الضحايا الذين لم يستردوا أموالهم يقطنون خارج مقاطعة خنان، ويقولون إنهم لم يستردوا حتى المبلغ الأساسي الذي تضمنه الحكومة حال انهارت البنوك، وهو قد يصل إلى 500 ألف يوان صيني، أي ما يعادل 73 ألف دولار أميركي، ويقول الخبراء إن السلطات الصينية كانت على استعداد أكبر لرد أموال المودعين الذين يعيشون داخل المقاطعة خوفاً من قدرتهم على حشد أنفسهم من أجل التظاهر.

كما يرجح الخبراء أن السبب وراء تقاعس الحكومة عن تعويض الضحايا هو أن الحكومة لا تريد أن تُلزم نفسها بالتعويض لأنها لا تستطيع تغطية ودائع عملاء جميع البنوك الصغيرة المتعثرة في البلاد، حال تعرضها للانهيار، قال أندرو كوليير مدير مؤسسة أورينت كابيتال ريسيرش في هونغ كونغ إن الحكومة المركزية لا تريد إرسال رسالة مفادها “أن بكين ستتكفل بتعويض النقد في حال تعثرت البنوك وتظاهر الضحايا”.

المخاوف من الانتقام

يقول بعض المتضررين من انهيار البنوك في الصين إنهم يخشون الانتقام العنيف، إذ قال زوجان في منتصف العمر، يُدعيان لي، إنهما وضعا مدخراتهما التي تساوي مئات الآلاف من الدولارات في بنك قروي في مقاطعة آنهوي، وامتنعا عن التظاهر بعد منعهما من استرداد أموالهما، لكنهما توجها إلى المصرف، وقاما بزيارة مكتب حكومي في المقاطعة.

في أوائل مارس، في وقت قريب من الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني، قال الزوجان إنهما احتُجزا بشكل غير قانوني في جزيرة خارج شنغهاي من قبل أشخاص مجهولين، وأظهرا لشبكة “CNN” مقطع فيديو، قامت السيدة لي بتصويره باستخدام هاتفها، يُظهر عدداً من الرجال يحيطون بسيارتهما ويطالبونها بالقوة بالصعود إلى سياراتهم.

قال السيد لي «لقد احتُجزنا بشكل غير قانوني لمدة أحد عشر يوماً وصادروا بطاقاتنا المصرفية، وهواتفنا، ومحافظنا» وأضاف «بذلت قصارى جهدي للتعاون معهم، لكنهم اعتدوا عليّ بالضرب».

يقول تشانغ، وهو أحد المتضررين أيضاً ويعمل محامياً، إن العديد من المحامين في الصين قد طُلب منهم عدم تمثيل ضحايا البنوك، ولكن نظراً لأنه محامٍ، فقد أوقف عمله القانوني المعتاد ويبذل كل طاقته في محاولة لاستعادة أموال المودعين.

كان تشانغ على اتصال بالعديد من المودعين، ويقول «بعض المودعين، بمن فيهم أنا، لم يعد بإمكانهم البقاء على قيد الحياة»، وأضاف «لأن كل أموالنا مودعة في البنوك، قد ينتحر بعض الأشخاص، وقد يقوموا بإيذاء آخرين، فلكل شخص نقطة قد يتحول بعدها إلى شخص آخر».

(سيلينا وانغ ولاورا خه – CNN)