اشتهر جيريمي غرانثام بتوقعاته الصائبة عن انهيار «دوت-كوم» في عام 2000، والأزمة المالية في عام 2008، والآن يحذّر المستثمر الشهير من اقتراب انفجار جديد في الأسواق المالية، مؤكداً أن الاضطراب الذي اجتاح القطاع المصرفي الشهر الماضي ما هو إلا البداية فقط.

قال غرانثام لشبكة «CNN» في مقابلة حصرية «إن بعض الأمور الأخرى ستنهار أيضاً، ومن يدري ماذا ستكون؟ بأي حال، إننا لم نتجاوز أزمة النظام المالي بعد».

يُعرف المؤسس المشارك لشركة الاستثمار «جي إم أو» بآرائه السلبية. وقد دفعت التقلبات التي شهدتها الأسواق الأميركية بسبب أسعار الفائدة المنخفضة إثر جائحة كورونا، غرانثام إلى وصفها بأنها واحدة من أعظم فقاعات التاريخ المالي في عام 2021.

وقال «إن أفضل ما يمكن أن نأمله هو انخفاض بنحو 27 في المئة عن المستويات الحالية، في حين أن السيناريو الأسوأ سيشهد انخفاضاً بنسبة تزيد على 50 في المئة»، مضيفاً أن النقطة المنخفضة قد لا تصل حتى العمق في العام المقبل.

يرى المحللون في «بنك أوف أميركا»، و«غولدمان ساكس» أن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» سينهي عام 2023 بنسبة 2 في المئة فقط أقل من إغلاق يوم الأربعاء، كما يتوقع «مورغان ستانلي» انخفاضاً بنسبة 5 في المئة تقريباً.

أزمة بنك «سيليكون فالي»

لم تكن الأسهم هي الأصول الوحيدة التي ارتفعت على نحو مبالغ فيه عندما شجعت الأموال الرخيصة المستثمرين على الإقدام على اتخاذ مخاطر كبيرة، فأسعار السندات الحكومية والعقارات -وحتى العملات المشفرة- ارتفعت أيضاً.

وفقاً لغرانثام، يمكن أن تؤدي هذه الوفرة المنتشرة إلى نتائج قاسية، على سبيل المثال، كان من ضمن أسباب انهيار بنك « سيليكون فالي»، خسائر محفظة السندات لديه بعد ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض أسعار ديون الحكومة الأميركية.

وتوقّع أنه عندما تنكمش الفقاعة، فمن المؤكد أنها ستؤدي إلى انكماش اقتصادي، كما توقّع أن التصحيح في سوق السندات قد يكتمل تقريباً، لكن تقييمات الأسهم تظل أعلى بكثير من أي علاقة تقليدية طويلة الأجل بالنسبة لأداء الشركات.

وبالتالي، يمكن أن يتزايد الضغط على النظام المالي عندما يدخل الاقتصاد الأميركي في حالة ركود وتبدأ أرباح الشركات في التضرر، ويتوقع الاقتصاديون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) حدوث ركود معتدل في أواخر عام 2023 بسبب تداعيات الأزمة المصرفية.

حتى في هذه البيئة، ستكون هناك فرص لكسب المال؛ ولكن على المدى القصير، قد يتضرر الجميع تقريباً مثل أسعار الأصول.

أشباح الأزمات الماضية

يرى غرانثام تشابهاً غير مطمئن بين الأسواق اليوم وعام 2000، عندما أعقب انفجار في أسعار أسهم التكنولوجيا انهيار مذهل، هناك أيضاً أصداء عام 2008، عندما كاد انهيار سوق الإسكان الأميركية أن يقضي على النظام المصرفي.

وقال غرانثام إن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الفقاعات في سوق الأسهم والعقارات تستعدُّ هذه المرة للانفجار في وقت واحد.

هذا ما حدث في اليابان في أوائل التسعينيات، ما أطلق العنان لفترة طويلة من الركود الاقتصادي الذي يطارد ثالث أكبر اقتصاد في العالم حتى يومنا هذا.

قال غرانثام «لقد خسروا 20 عاماً، إضافة إلى 10 سنوات لم يكن حالهم على ما يُرام».

ما الحل؟

ألقى غرانثام باللوم على مسؤولي البنك المركزي في ظهور أحدث فقاعة في السوق في الولايات المتحدة، وقال إنهم اتبعوا في العقود الأخيرة سياسات أدّت بشكل مصطنع إلى رفع قيمة الأصول المالية، ما مهّد الطريق للانهيارات.

وقال إن «جميع رؤساء مجلس الاحتياطي الفيدرالي منذ ألان غرينسبان، الذي قاد البنك المركزي الأمريكي من 1987 حتى 2006، اتبعوا نفس السياسة التي تفيد بأن معدلات الفائدة المنخفضة مفيدة لك».

وأضاف أنه سيكون من الحكمة أن يحذو الرئيس الحالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، حذو سلفه، بول فولكر، الذي رفع أسعار الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة لمحاربة التضخم في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، ونجح في الحد من ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن سياساته أدّت أيضاً إلى الركود.

قال غرانثام «إذا تمكّن باول من الاقتداء قليلاً بتوجهات فولكر، فسيكون ذلك تحسناً واضحاً»، مشيراً إلى حاجة بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى مواصلة مسيرته في رفع أسعار الفائدة بدلاً من الانحدار قبل الأوان.

تراجع تضخم المستهلك في الولايات المتحدة إلى 5 في المئة في مارس آذار، وهو أدنى معدل سنوي منذ مايو أيار 2021، وقد عزز ذلك التكهنات بين المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يتوقف قريباً عن رفع تكاليف الاقتراض.

لكن غرانثام قال إن الاتجاهات طويلة الأجل قد تدعم التضخم لسنوات مقبلة.

(جوليا هورويتس – CNN)