يبدو أن المصير الذي لقيته ليز تراس، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، عندما اضطرت لتقديم استقالتها بعد نحو 44 يوماً من توليها منصب رئاسة الوزراء، قد خلَّف درساً تعلمت منه الحكومة الحالية.

فمع اتجاه الأنظار نحو وزير المالية البريطاني، جيريمي هانت، الذي يستعد لتقديم ميزانيته يوم الأربعاء، يستمر الجدل حول تخفيض الضرائب.

قبل أيام من طرح الميزانية، ظهر هانت في مقابلة مع «جي بي نيوز»، حذَّر خلالها من تخفيض الضرائب، مؤكداً أن الأمر يحتاج إلى وقت أطول، إذ إن الاقتصاد بحاجة إلى النمو بسرعة أكبر في الوقت الحالي.

وقال هانت في مقابلته «إنه يريد خفض معدلات الضرائب للأفراد والشركات على المدى الطويل، إلا أن خفض معدلات الضرائب لن يكون ممكناً إلا عندما يتجه الاقتصاد نحو طريق مستدام للنمو».

وأضاف «ما نحاول القيام به هو زيادة القدرة الإنتاجية للاقتصاد، علماً أن الاقتصاد الخاضع للضرائب بدرجة عالية يعاني قدرة إنتاجية أقل».

ولفت هانت إلى إمكانية البحث في إجراءات تشجيع الاستثمار التجاري من خلال الحوافز، وقال «إننا نريد تخفيض ضريبة الشركات الفعالة لدينا، وإجمالي المبلغ الذي يدفعه الناس»، في إشارة إلى الإجراءات التي تسمح للشركات بتعويض النفقات الرأسمالية مقابل ضرائبها.

هل استوعب الدرس جيداً؟

الطريقة الحذرة التي اتبعها هانت في تصريحاته حول خفض الضرائب، تشير إلى حرصه على تجنب الأخطاء التي سبقت توليه وزارة المالية البريطانية، وذلك بعد الإعلان عن الموازنة المصغرة، ومعارضة الإعانات الاجتماعية.

كان جيرمي هانت قد عُيّن وزيراً للمالية، في أكتوبر تشرين الثاني 2022، بعدما أُقيل كواسي كوارتنغ، على يد ليز تراس رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك صاحبة المدة الأقصر على الإطلاق لهذا المنصب.

هانت هو وزير المالية البريطاني الرابع في أشهر، في دلالة على تذبذب الأوضاع في بريطانيا، التي لم يتعافَ اقتصادها حتى الآن من تداعيات وباء «كوفيد-19».

استقال كوارتنغ بناءً على رغبة تراس، بسبب خططه الهادفة لخفض الضرائب، سعياً لإخراج الاقتصاد من جموده القائم منذ سنوات، والتي كانت محط جدل واسع، وأثارت عاصفة سياسية.

من جهتها، لم تصمد تراس طويلاً أمام العاصفة العاتية بعد الانقسام الذي شهده حزب المحافظين، وأصبحت المدة التي استمرت فيها حملتها الانتخابية أطول من تلك التي قضتها في المنصب بعد 45 يوماً فقط.

.

خلال فترة تولي تراس، شهدت بريطانيا عدداً من القرارات التي أدت إلى اشتعال الجدل، بما فيها:

الإعلان عن موازنة مصغرة تشمل تخفيضات ضريبية غير ممولة تبلغ قيمتها نحو 50 مليار دولار؛ ما ترك تأثيراً سلبياً في الأسواق المالية، وتسبب في فوضى عارمة.

انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني إلى أدنى حد مقابل الدولار الأميركي، وارتفاع مستوى التضخم إلى 10.1 في المئة في 2022، مقارنة بنحو 3.1 في الفترة ذاتها من عام 2021.

معارضة الإعانات، وإلغاء خطة ربط أجور القطاع العام بتكاليف المعيشة الإقليمية، وإلغاء الشريحة الضريبية الأعلى، ما يعود بالنفع على دافعي الضرائب من الأثرياء.

وكان جيرمي هانت قد اعترف بقدرته فور توليه حقيبة المالية، على إصلاح الشؤون المالية العامة، خاصة بعدما خلقت الخطط الاقتصادية الأصلية لرئيسة الوزراء السابقة تراس فوضى كبيرة في سوق السندات.