(CNN) كشفت سلسلة من ملفات “تويتر” السرية التي تمت مشاركتها على منصة التواصل الاجتماعي يوم الاثنين، لمحة عن المناقشات الداخلية بين بعض موظفي الشركة قبل قرارها حظر الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب في أعقاب هجوم 6 يناير/كانون الثاني 2021 على مبنى الكابيتول.

فقد أظهرت الوثائق التي نشرها الصحفي باري وايس المعروفة باسم “ملفات تويتر” الجدل الذي دار بين بعض الموظفين حول ما إذا كانت تغريدات ترامب الأخيرة تنتهك سياسات المنصة التي تحظر التحريض على العنف. لكن ما لم تظهره الملفات هو تجاهل “تويتر” لقواعده الخاصة في تنفيذ الحظر.

إيلون ماسك، المالك الجديد لـ “تويتر”، ساهم بالترويج للملفات السرية، ولمّح بأن قرار حظر حساب ترامب كان له دوافع سياسية. حيث أشار في تغريدته إلى أن الرئيس السابق “لم ينتهك القواعد”، وأن القرار تم اتخاذه بأمر من “موظفين ناشطين”.

وتأتي التعليقات بعد أن قرّر ماسك الشهر الماضي رفع الحظر عن حساب ترامب، وتزامناً مع قراره الصادر يوم الاثنين بإحلال مجلس الثقة والسلامة الخاص بـ”تويتر”، وهو مجموعة من الخبراء من خارج الشركة استُعين بهم للاستشارة في قضايا حساسّة.

الجدال حول حظر ترامب

تم تعليق حساب ترامب بشكل دائم من قبل “تويتر” بعد يومين من الهجوم على مبنى الكابيتول الذي شنه بعض أنصاره، متأثرين بالمزاعم الكاذبة حول مصداقية الانتخابات الأميركية عام 2020.

في ذلك الوقت، برّرت الشركة قانون الحظر بقولها على أنه تم اتخاذه بسبب خوفها من “تزايد التحريض على العنف”.

جاء القرار بعد أن قاومت الشركة لفترة طويلة مطالب العديد لتعليق حساب ترامب أو إزالته، لأنها كانت ترى أنه من المهم للمستخدمين أن يكونوا قادرين على التواصل المباشر مع زعيم عالمي.

تشير تغريدات وايس إلى أنه في أعقاب أحداث السادس من يناير/ كانون الثاني، انقسم موظفو تويتر ما بين مؤيد ومعارض لفكرة حظر ترامب. حيث تُظهر لقطة شاشة من محادثة داخلية بين موظفَين من الشركة تم تنقيح أسماؤهما، بإظهار أحدهما مخاوفه بشأن “الرقابة” بينما يشير الآخر إلى فرض الشركة لـ “قواعد أكثر صرامة على أي شخص آخر على المنصة “.
ليس من الواضح من تغريدات وايس ما إذا كان الموظفون في هذه المناقشة شاركوا بأي شكل من الأشكال في عملية صنع القرار التي أدت إلى حظر ترامب.

بالإضافة إلى ذلك، تشير التغريدة إلى أن بعض أعضاء فريق السلامة الخاص بـ”تويتر” أثاروا تساؤلات حول ما إذا كانت تغريدات ترامب التي أدت في النهاية إلى حظره تنتهك سياسات الشركة بالفعل.

فعلّقت أنيكا نافارولي، أحد أعضاء لجنة السلامة في “تويتر”، في رسالة نصية داخلية على تغريدة ترامب في 8 يناير/ كانون الثاني قائلة: “أنا أيضًا لا أرى تحريضًا واضحًا أو مشفرًا” على العنف”. محتوى تغريدة الرئيس السابق كانت كالتالي: “إن الـ 75 مليون مواطن أمريكي الذين صوتوا لي، سيكون لديهم صوت عملاق لفترة طويلة في المستقبل. لن يتم ازدراؤهم أو معاملتهم بشكل غير عادل بأي شكل من الأشكال !!! ”

(أدلت نافارولي في وقت لاحق بشهادتها أمام لجنة مجلس النواب التي تحقق في أحداث 6 يناير/كانون الثاني، بأنها وموظفين آخرين قد انزعجوا من محتوى تم نشره من قبل مجموعة “براود بويز” (Proud Boys) وجماعات متطرفة أخرى على “تويتر”، كان فحواها ترديداً لتصريحات ترامب، وكانت قلقة من خطر اندلاع أعمال عنف قبل الهجوم الذي حصل.)

وقال موظف آخر في رسالة نصية داخلية، تمت إزالة اسمه من لقطة الشاشة، إن التغريدة التي صرّح فيها ترامب عدم حضوره لحفل تنصيب الرئيس جو بايدن خالية من أي انتهاك لسياسيات وقواعد الشركة. بالمقابل، تساءل موظف آخر عمّا إذا كانت تلك التغريدة يمكن أن تكون “دليلًا على أن (ترامب) لا يدعم الانتقال السلمي”، وفقًا لتغريدات وايس.

ووفق تغريدات وايس، تساءل فيجايا جادي، رئيس قسم الشؤون القانونية والسياسات والثقة في “تويتر” آنذاك، والذي كان مسؤولاً عن قرارات المحتوى، جنبًا إلى جنب مع مؤسس “تويتر” والرئيس التنفيذي السابق جاك دورسي، في 8 يناير/كانون الثاني عمَا إذا استُخدمت تغريدة ترامب “كتحريض مشفّر على مزيد من العنف،” مطالباً لأي سياق أو بحث سابق يُظهر الصلة بين تغريدات مماثلة وأعمال العنف.

وبحسب الملفات المسربة، شارك فريق “التطبيق الموسّع” لـ “تويتر” في تقييم تغريدات ترامب، وتساءل أعضاؤه عما إذا كان يمكن اعتبار تغريدات ترامب تمجيدًا للعنف، الأمر الذي يعتبر انتهاكاً لسياسات الشركة.

“الحرص والدقة”

إن عملية إشراك عدة موظفين والاعتماد على الأبحاث لاتخاذ قرارات رفيعة المستوى لا تتعارض مع كيفية اتخاذ “تويتر” ومنصات تواصل الاجتماعي الأخرى لقرارات الإشراف على المحتوى، خاصة في القضايا الحرجة والحساسة.

فقد صرّح مسؤول تنفيذي سابق في “تويتر” لشبكة “سي إن إن”: “هذه هي الطريقة التي سارت بها العملية برمتها … هذا ليس خارجًا عن المألوف”، مشيرًا إلى أن الفرق المختلفة المشاركة في قرارات المحتوى ستدفع بعضها البعض للنظر في السياق والمعلومات التي ربما لم يفكروا فيها حيث عملوا من خلال كيفية التعامل مع القضايا الصعبة. وهو يعتقد أن هذه المحادثات المسربة تُظهر بأن الموظفين في الشركة كانوا حريصين ودقيقين.

من جانبها، صرّحت الشركة عند حظر ترامب إن تغريدته عن الوطنيين الأميركيين أشارت إلى أنه “يخطط لمواصلة دعم وتمكين وحماية أولئك الذين يعتقدون أنه فاز في الانتخابات”، وأن التغريدة المتعلقة بتنصيب جو بايدن يمكن اعتبارها تصريح إضافي بأن الانتخابات لم تكن شرعية أو أن حفل التنصيب سيكون هدفًا مناسباً لأعمال العنف كونه سيتغيب عن حضوره.

من الجدير ذكره، في 6 يناير/كانون الثاني، حذرت “تويتر” ترامب من أن الانتهاكات الإضافية لسياساتها وقواعدها قد تؤدي إلى حظر دائم، وهو أمر لم تذكره سلسلة تغريدات وايس. كما لم تذكر أي من تغريداته قرار منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية الأخرى، بما في ذلك “فيسبوك”، و”يوتيوب” و”سناب شات”، إغلاق حسابات ترامب في الأيام التي أعقبت هجوم الكابيتول.

جاءت تغريدات وايس تزامناً مع العديد من تقارير “ملفات تويتر” المستندة إلى وثائق داخلية التي على الأرجح تم تسريبها من قبل فريق ماسك، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بـ “تويتر” حول قرار الشركة بالإيقاف المؤقت لقصة “نيو يورك بوست” عن هانتر بايدن وحاسوبه المحمولفي عام 2020، والتي لم تضف أي معلومة جديدة عن ما نُشِر عن الحادثة سابقاً.