أدى النجاح الذي حققه تشات جي بي تي إلى دفع الذكاء الاصطناعي التوليدي باعتباره أحدث ثورة تكنولوجية في وادي السيليكون، ما رفع من القيمة السوقية لشركة مايكروسوفت، وهي الداعم الرئيسي لشركة أوبن إيه آي المطورة هذه الأداة.

منذ ذلك الحين، اشتعلت المنافسة بين الشركة المصنعة لنظام التشغيل ويندوز، وشركة غوغل، ولم تقف شركتا ميتا وأمازون مكتوفتي الأيدي، إذ طرحتا نماذجهما المتطورة أيضاً.

أتى الرهان على الذكاء الاصطناعي بثماره، إذ ارتفعت إيرادات مايكروسوفت بنحو 17 في المئة إلى 61.9 مليار دولار، خلال الربع الأول من عام 2024، بما يتجاوز التوقعات بإيرادات تبلغ 60.8 مليار دولار، مدفوعة بمكاسب الذكاء الاصطناعي وخدمات الحوسبة السحابية.

من جهته، قال جيريمي غولدمان، المحلل في إماركيتير، لوكالة الأنباء الفرنسية، إن الذكاء الاصطناعي التوليدي -الذي يُروّج له باعتباره ثورة صناعية جديدة- اكتسب قيمة كبيرة للغاية، ولا يمكنهم تحمل خسارتها.

سباق الذكاء الاصطناعي

جاء الدعم الرئيسي لإيرادات مايكروسوفت في الربع الأول، من أداة كوبيلوت التي أطلقتها الشركة في نوفمبر تشرين الثاني مقابل 30 دولاراً شهرياً؛ ما أسهم في رفع مبيعات أجهزة الحاسب الآلي الشخصية والبرامج الخاصة بالشركة.

ويهدف كوبايلوت إلى دعم خبراء الحماية الأمنية وتكنولوجيا المعلومات، ومساعدتهم في حماية مؤسساتهم، مع مراعاة المبادئ الأخلاقية والمسؤولة لاستخدام الذكاء الاصطناعي.

كما زادت الإيرادات من وحدة السحابة الذكية التابعة لمايكروسوفت التي تضم منصة الحوسبة السحابية أزور بنسبة 31 في المئة، إلى 26.7 مليار دولار، متجاوزة متوسط ​​التوقعات البالغ 26.24 مليار دولار.

وحتى أبريل نيسان الجاري، فإن القيمة السوقية لمايكروسوفت تجاوزت 2.96 تريليون دولار، مقابل 2.79 تريليون دولار في عام 2023، وفقاً لتحليلات كومبانيز ماركت كاب.

ووفقاً لدان آيفز من شركة ويببوش سيكيوريتيز، فإن الأعمال الجديدة من المفترض أن تولد ما يتراوح بين 25 و30 مليار دولار إضافية سنوياً لشركة مايكروسوفت من الآن حتى عام 2025.

وأوضح أنه مع إصدار مايكروسوفت أداة كوبيلوت، ومع تزايد وتيرة الاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فإن الأمر يحفز المزيد من تدفق صفقات منصة أزور السحابية.

استثمارات مايكروسوفت في الذكاء الاصطناعي

ومنذ فبراير شباط، كشفت مايكروسوفت النقاب عن استثمارات في الذكاء الاصطناعي على مدار عامين، بقيمة 3.4 مليار دولار في ألمانيا، و2.1 مليار دولار في إسبانيا، و2.9 مليار دولار في اليابان.

وتحت قيادة الرئيس التنفيذي للشركة ساتيا ناديلا، تعتزم مايكروسوفت بناء مراكز بيانات جاهزة للذكاء الاصطناعي، والمساعدة في تدريب ملايين الأشخاص على الذكاء الاصطناعي، وتمويل البنية التحتية لدعم موارد منشآتها.

وقال غولدمان، إن مايكروسوفت تستعين بشركاء خارجيين، في حين تعتمد غوغل بشكل أكبر على فرقها الداخلية، موضحاً أن الاستثمارات الخارجية تجذب الاهتمام نظراً لضخامتها.

وقعت مايكروسوفت عدة عقود مع شركات أخرى بخلاف أوبن إيه آي. وبموجب اتفاقية متعددة السنوات وُقعت في فبراير شباط الماضي، ستحصل شركة ميسترال الفرنسية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، على استثمار بقيمة 15 مليون يورو (ما يعادل 16.1 مليار دولار).

كما تعتزم الاستثمار في شركة جي 42، التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي، ومقرها الإمارات العربية المتحدة، بنحو 1.5 مليار دولار، على أن تشغل مقعداً في مجلس إدارتها، في عملية تشجعها واشنطن.

ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز وبلومبيرغ، فقد التزمت مجموعة جي 42 بالتخلي عن شراكاتها الصينية لصالح التكنولوجيا الأميركية.

كما أعلنت مايكروسوفت مؤخراً، أن كوكاكولا وقعت معها اتفاقية لمدة خمس سنوات بقيمة 1.1 مليار دولار لاستخدام خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.

حرب تكنولوجية

يعد الذكاء الاصطناعي سلاح الفوز حالياً، لعمالقة السحابة بدءاً من مايكروسوفت إلى أمازون وغوغل، بفضل عروضهم للتطبيقات المعززة المقدمة للعملاء الحاليين بتكلفة إضافية.

قال غولدمان «في البداية، اعتقدنا أن حروب الذكاء الاصطناعي سيخوضها عدد قليل من اللاعبين، لكن الآن أدرك السوق مدى الحاجة إلى نماذج مختلفة لتلبية الاحتياجات المتعددة، كما تؤكد الشركات السحابية الآن ذلك بتنوع عروضها في هذا المجال».

وأوضح أن اللاعبين الرئيسيين في هذا المجال ينفقون الكثير من الأموال، ما يبعد إمكانية هيمنة إحدى الشركات على هذه السوق.

وعندما نأخذ مايكروسوفت مثالاً، فإنها قدمت للتو في-3 ميني، وهو الأول في سلسلة جديدة من النماذج الصغيرة، لأداء المهام البسيطة على الهاتف الذكي.

أضاف غولدمان أن نهج مايكروسوفت تجاه الذكاء الاصطناعي هو المراهنة، ما يدفع الشركة إلى الاستثمار في استراتيجيات مختلفة، ومن المرجح أن يؤتي بعضها ثماره بالفعل.