أعلنت مجموعة التعدين الأسترالية العملاقة بي إتش بي يوم الأربعاء تراجعها عن خطة الاستحواذ على منافستها البريطانية أنغلو أميركان والتي تقدر بـ49 مليار دولار، والتي كان من شأنها أن تصبح أكبر صفقة تعدين على مستوى العالم منذ عقود.

ويأتي القرار بعد أن رفضت أنغلو أميركان منح المجموعة تمديداً للموعد النهائي المقرر لتقديم عرضها، لتسدل الستار على جهود بي إتش بي التي استمرت لنحو ستة أسابيع لإتمام تلك الصفقة.

الأنظار على النحاس

وكانت مجموعة بي إتش بي تهدف من الصفقة إلى السيطرة على أصول تعدين النحاس التابعة لأنغلو أميركان في أميركا اللاتينية لتأمين إمداداتها من المعدن الأحمر الذي أصبح جزءاً أساسياً من الجهود العالمية للتحول نحو الطاقة الخضراء والمركبات الكهربائية وأنظمة الذكاء الاصطناعي.

ويعود أحد الأسباب الرئيسية لفشل الصفقة إلى مطالبة بي إتش بي لأنغلو أميركان بتفكيك الشركة وفصل وحداتها لإنتاج البلاتين والحديد في جنوب إفريقيا في ظل مخاوف تتعلق بالتكلفة والقواعد التنظيمية، وهو ما رفضته الشركة البريطانية التي يتجاوز عمرها قرناً من الزمان.

وكانت الشركة قد منحت بي إتش بي مهلة إضافية قدرها أسبوع، تنتهي الأربعاء 29 مايو أيار، لتقديم عرض ملزم.

وتأتي صفقة أنغلو أميركان في ظل طموح المجموعة لزيادة إنتاجها من النحاس. وقبل عام استحوذت بي إتش بي على منافستها الأسترالية أو زد مينيرالز لتعزيز إمداداتها من معدني النحاس والنيكل بعد أن زاد الطلب الصناعي عليهما بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة.

لكن الصفقة أثارت مخاوف تتعلق بالاحتكار وانتهاك قوانين المنافسة، إذ تُصنف بي إتش بي حالياً ثاني أكبر منتجي النحاس في العالم، في حين تحتل أنغلو أميركان المرتبة التاسعة على القائمة، وقد يؤدي الدمج بينهما إلى مخاوف بشأن المنافسة العادلة.

خلافات تنظيمية

قالت بي إتش بي في بيان سابق إنها تحتاج للمزيد من الوقت للتفاوض مع أنغلو لتخفيف المخاطر التنظيمية الخاصة بأنشطة الشركة في جنوب إفريقيا، مؤكدة استعدادها لتقديم تعويض مادي إذا فشلت في الحصول على الموافقات الحكومية المطلوبة للحد من تلك المخاطر.

ويشمل ذلك الالتزام بدعم الأمن الوظيفي لموظفي أنغلو في جنوب إفريقيا وتحمل أي أعباء إضافية تتعلق بحصص ملكية الموظفين في الشركة.

لكن أنغلو وصفت تلك الالتزامات بأنها غير كافية.

وتأسست أنغلو أميركان في جوهانسبرغ في عام 1917 ويصل قوام قوتها العاملة في جنوب إفريقيا إلى أكثر من 40 ألف موظف. لذلك، فإن انسحابها قد يمثل ضربة موجعة لاقتصاد البلاد المنهك بالفعل، خاصة مع سعي بقية شركات التعدين في المنطقة إلى تقليص استثماراتها وقوتها العاملة لخفض التكلفة.

وفي وقت سابق، توقع محللو البنك الاستثماري جيه بي مورغان أن يؤدي استحواذ بي إتش بي على أنغلو أميركان إلى خروج نحو 4.3 مليار دولار من اقتصاد جنوب إفريقيا مع إضعاف العملة المحلية للبلاد (الراند).

ووفقاً للعرض الذي قدمته بي إتش بي، تُقدر قيمة أنغلو بـ38.6 مليار جنيه استرليني (49 مليار دولار)، أي بواقع 29.34 جنيه استرليني للسهم.

وتعليقاً على سحب المجموعة عرضها بالاستحواذ على منافستها البريطانية، قال جورج شيفيلي، مدير المحافظ الاستثمارية لدى شركة ناينتي وان التي تمتلك حصة قدرها 2 في المئة في أنغلو «لا أستغرب رفض العرض من قبل أنغلو لأنه لم يقدم الكثير من المزايا للشركة».

وتمثل أنغلو هدفاً جذاباً لمنافسيها نظراً لأصول النحاس الغنية التي تمتلكها في تشيلي وبيرو، في وقت يزداد فيه الطلب على المعدن الصناعي عبر العديد من القطاعات من التشييد والبناء حتى شبكات الكهرباء والسيارات الكهربائية، ويتوقع استمرار قوة الطلب العالمي على النحاس خلال السنوات المقبلة في ظل تحول العالم نحو الطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي.