يتوجه مواطنو جنوب إفريقيا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في 29 مايو أيار الجاري، وسط شعور غير مسبوق بعدم اليقين بشأن النتيجة، ينميه الوضع الاقتصادي المتأزم بتنامي البطالة والقطع المتكرر للكهرباء.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي سيفقد أغلبيته بعد 30 عاماً في السلطة، ومع ظهور حكومة ائتلافية كاحتمالية للمرة الأولى منذ نهاية الفصل العنصري، تتنافس مجموعة مذهلة من 70 حزباً، من الماركسيين إلى الديمقراطيين الاشتراكيين إلى أنصار السوق الحرة، لجذب انتباه الناخبين في الأسابيع الأخيرة من الحملات الانتخابية.

في ما يلي نتناول أهم القضايا الرئيسية التي تهم الناخبين الذين سينتخبون جمعية وطنية جديدة ستختار بعد ذلك الرئيس القادم للبلاد.

البطالة

تعاني جنوب إفريقيا من واحد من أعلى معدلات البطالة في العالم، الأمر الذي يوقع الملايين من الناس في براثن الفقر، ويجعلهم يعتمدون على المنح الاجتماعية، والمشكلة الآن أسوأ مما كانت عليه عند نهاية الفصل العنصري.

وبلغ معدل البطالة 32.4 في المئة في عام 2023؛ أي أعلى بنحو 10 نقاط عمَّا كان عليه في عام 1994 عندما وصل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى السلطة، ويشكل الشباب أكثر من نصف العاطلين عن العمل في البلاد، بمعدل يزيد على 40%.

والسبب الجذري لأزمة البطالة هو تباطؤ النمو، فلم ينمُ اقتصاد جنوب إفريقيا إلا بالكاد خلال أكثر من عقد من الزمان، حيث بلغ متوسط النمو الاقتصادي 0.8 في المئة منذ عام 2012.

وقد أدى انخفاض الإيرادات الضريبية إلى ارتفاع الدين الحكومي، حيث تستهلك تكاليف خدمة الديون حصة أكبر من الميزانية الوطنية مقارنة بالتعليم الأساسي أو الحماية الاجتماعية أو الصحة، ومن المتوقع أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 74.1 في المئة في العام المالي الحالي، ارتفاعاً من 63.3 في المئة قبل خمس سنوات، وفقاً لرويترز.

انقطاع التيار الكهربائي

إن انقطاعات التيار الكهربائي المقررة التي يعرفها سكان جنوب إفريقيا باسم «تفريغ الأحمال»، والتي تفرضها شركة المرافق الحكومية «إسكوم» بسبب عدم القدرة على توليد ما يكفي من الكهرباء لتلبية الطلب، هي لعنة على الأسر وكذلك الشركات.

وتكافح شركة إسكوم

للحفاظ على أسطولها القديم من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم قيد التشغيل، وأصبحت المرافق معطلة جزئياً بسبب زيادة الفساد خلال إدارة الرئيس السابق جاكوب زوما من عام 2009 إلى عام 2018، وتعمل الحكومة على إضافة قدرات التوليد إلى حد كبير من خلال صفقات مع شركات خاصة تدير مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وفي حين أن بعض المشاريع قيد التشغيل، فقد عانت حملة الطاقة الخضراء من انتكاسات بعد فشل بعض المشاريع في تأمين التمويل.

الفساد

لقد أدت سلسلة طويلة من فضائح الفساد التي تورطت فيها شخصيات من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أو أشخاص مرتبطون بهم إلى خلق تصور بين العديد من مواطني جنوب إفريقيا بأن جشع الأشخاص الذين يشغلون مناصب يسهم في ضعف تقديم الخدمات للجميع.

وخلص تحقيق أجري في عام 2018 لفحص مزاعم الفساد على مستوى عالٍ خلال السنوات التي قضاها زوما في السلطة إلى أن المشكلة كانت منهجية في الحكومة، وهي ظاهرة أصبحت تعرف باسم «الاستيلاء على الدولة».

الجريمة

تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن النشاط الإجرامي في جنوب إفريقيا يقتطع نحو 10 في المئة أو ما يعادل 40 مليار دولار سنوياً، من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وتعد جنوب إفريقيا من الدول صاحبة أعلى معدلات الجريمة في العالم، وكان عدد جرائم القتل أقل قليلاً من 27500 في العام الماضي 2023، بزيادة نحو الثلث على عام 2019.