خسر الين الياباني 10% من قيمته مقابل الدولار الأميركي في عام كامل، ووصل مع بداية العام الجاري إلى 157 يناً لكل دولار، وهذا أدنى مستوى للين في ستة أشهر تقريباً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
في الوقت نفسه ارتفع مؤشر نيكاي 225 في طوكيو محققاً مكاسب بنسبة 18% في عام كامل، علماً أنه وصل إلى مستوى 42 ألف نقطة قبل ستة أشهر في مستوى قياسي تاريخي، ولكنْ ما الرابط بين مؤشر الأسهم الياباني والين؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال لا بُدّ من التذكير بأن الين متراجع 3% مقابل اليورو في عام وكذلك 7% مقابل الباوند وقرابة 7% مقابل اليوان الصيني أيضاً.
لطالما كان الين الضعيف مهماً في بلد تشكّل فيه الصادرات عصب الاقتصاد، حيث وصلت نسبة الصادرات إلى 22% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي لليابان في 2023 وفقاً لأرقام البنك الدولي، وكانت اليابان رابع أكبر دولة مصدّرة في العالم تشكّل السيارات والكومبيوترات مع الإلكترونيات الاستهلاكية أهمها، وهذا يلزمه عملة ضعيفة حتى تصل المنتجات إلى دول أخرى بسعر أرخص مما تبيعه بقية الدول وخاصة مع وجود عملاق اقتصادي آخر هو المنافس الأكبر لليابان في آسيا وهي الصين ومن ثَمَّ الهند التي تحقق نمواً لافتاً ويقترب حجم اقتصادها من اليابان تدريجياً، ولذلك لا يُبدي المسؤولون في اليابان قلقاً كبيراً من تراجع الين إلّا في حالات التراجع القاسي والسريع، وهذا يُجيب عن السؤال الذي طرحناه بأن مؤشر نيكاي للشركات اليابانية يرتفع مع تراجع الين والعكس صحيح، هذا جانب واحد من القصة المهمة في الين .
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
القضية الأخرى هي أن الفائدة لدى البنك المركزي الياباني لا تزال متدنية للغاية مقارنة بأميركا (الفيدرالي) وكذلك منطقة اليورو وبريطانيا، حيث تستقر الفائدة حالياً في اليابان عند 0.25% فقط، بينما تصل في أميركا إلى 4.5%، ومنطقة اليورو 3.15%، وبريطانيا 4.75%، أي أن العائد على الأصول المقوّمة بالين ليس كبيراً عندما تتم مقارنته بالأصول المقوّمة بالدولار الأميركي مثلاً والتي تُعطي عائداً أعلى وأكثر استقراراً.
فلماذا نشتري عملة عليها عائد أقل؟ هذا هو الجواب البسيط في هذه النقطة.. بالمناسبة حتى سعر الفائدة الحالي في اليابان، الذي يعتبر ضعيفاً مقارنة ببقية الاقتصادات المتقدمة، مع ذلك لا تزال هذه الفائدة هي الأعلى منذ عام 2008 في الوقت الذي استمرت فيه الفائدة سنوات دون 0% قبل رفعها مؤخراً في 2024.
النقطة الثالثة المهمة أيضاً في الين هي العوائد على سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات والتي ترتبط عكسياً مع الين.. عوائد مرتفعة وين ياباني ضعيف، ولكن كيف ذلك؟ عندما ترتفع عوائد السندات الأميركية، هذا يعني أن المستثمرين عموماً لا يشترون السندات بقوة، ولذلك يرتفع العائد لجعل الجدوى من الشراء أكبر، كما أن العائد مرتبط بأداء الدولار الأميركي الذي يحقق أداءً ممتازاً (مؤشر الدولار $ مرتفع 6.5% في عام كامل)، أي أن العائد مرتبط بسعر الفائدة وتوقعات مسار السياسة النقدية والتضخم، وهذا كلّه دعم العوائد المرتفعة في أميركا، ودفع الين للتراجع، الين بالمناسبة من العملات الأكثر أماناً، وبالتالي يرتفع في أوقات الأزمات وعدم الاستقرار، وكما رأينا كان أداء مؤشرات الأسهم عموماً ممتازاً في العام الفائت 2024، وكذلك بقيت شهية المخاطر مرتفعة، وهذا بالضبط يُضاف إلى عوامل ضعف الين.
إن سياسات الرئيس الأميركي القادم ترامب قد تُبقي التضخم الأميركي مرتفعاً، وهذا لن يقود إلى تخفيض سريع للفائدة الأميركية، وهذا يعني بشكلٍ أو بآخر بقاء عوائد السندات الأميركية مرتفعة والدولار قوياً، سيناريو جيد لبقاء الين ضعيفاً، بالمقابل ارتفاع وتيرة الحرب التجارية والقيود والرسوم الجمركية قد تعوق التجارة الدولية، وهذا سيُفضي إلى تراجع في أداء الاقتصاد وارتفاع المخاطر، سيناريو جيد لارتفاع الين، ولذلك باعتقادنا سنرى تقلبات قاسية في الين مقابل الدولار في العام الجاري، وهذا قد يقود إلى ارتفاع تدريجي في الين قد يعود به إلى 150 لكل دولار، كما أن حصول تصحيح قاسٍ في الأسهم (لو حدث في 2025) سيكون في صالح الين أيضاً، لأن اليابان أكبر دولة مصدّرة لرأس المال في العالم، وسيلجأ المستثمرون إلى بيع الأصول في ما وراء البحار والعودة إلى اليابان لشراء الين الرخيص نسبياً.
تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكلٍ من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.