«القيمة أم الكمية»؟.. أشهر خلاف مثير للجدل بين المتداولين في البورصات حول العالم

«القيمة أم الكمية»؟.. أشهر خلاف مثير للجدل بين المتداولين في البورصات حول العالم

في دوامة الأسواق المالية ودواليب التداول المتلاطمة، ينبثق سؤال جوهري يشغل بال كل متداول ويُعدّ مسرحاً للخلاف المثير للجدل بين المتداولين في بورصات العالم كافة، من يحرك السعر، وكيف يتحرك السعر؟ هل يكمن السر في «القيمة» التي تعكس الأموال المتدفقة أم في «الكمية» التي تجسّد حجم نبض التداول الفعلي؟

هذا الصراع الأزلي بين الحقيقتين يفتح أبواباً واسعة لفهم أعمق لحركة الأسهم، ويظل من أبرز الألغاز التي تواجه كلَّ مَن يسعى للتميز في عالم المال، حيث لا يكفي النظر إلى الأرقام إلّا بفهم السياق والبُعد الخفي وراءها.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ففي عالم التداول، لا يُقاس نبض السوق فقط بالأموال التي تتدفق إلى الأسهم، بل أيضاً بعدد وحجم الأسهم التي تنتقل بين الأيدي.

هناك صوتان يتحدثان في السوق: الأول يهمس بالقيمة المالية التي تدل على مدى تدفق الأموال، والثاني يهمس بالحجم الذي يكشف عن الكميات الحقيقية المتداولة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

يظن كثيرون أن دخول الأموال يعني حتمية الصعود، لكن الحقيقة أكثر تعقيداً. فقد تُرصد أموال تتدفق بكميات صغيرة وأسعار مرتفعة، بينما تُباع كميات أكبر بصمت وبأسعار منخفضة، فتتضارب الرسائل ويظل السعر يتراجع رغم وجود سيولة نقدية إيجابية.

في عالم الأسواق، لا يكفي أن ترى الأرقام، بل عليك أن تفهم القصص التي تخبرها.

القيمة أم الكمية؟

هنا يكمن الفخ الذي يقع فيه الكثير من المتداولين: الاعتماد على رقم واحد دون الآخر، ما قد يؤدي إلى تضليل في قراءة السوق.

لذلك، لا بد من النظر معاً إلى المال والحجم لفهم التوازن الحقيقي بين قوى الشراء والبيع ورصد تحركات الأسعار بحذر.

السوق لا يُحكى بأرقام معزولة، بل بقصة متكاملة تتطلب من المتداول أن يصغي للتفاصيل كلها، ليكشف ما يختبئ خلف الوهج الظاهري ويقرأ لغة الأرقام الخفية.

في عالم التداول اليوم، لا يكفي الاعتماد على مؤشر واحد لتفسير حركة الأسهم، بل من الضروري فهم الفارق الدقيق بين صافي السيولة النقدية وصافي الحجم، وكيف يمكن أن يؤدي تجاهل هذا الفارق إلى وقوع المستثمر في «فخ» تحليلي يكلفه خسائر أو فرصًا ضائعة.

صافي السيولة النقدية

هو الفرق بين إجمالي قيمة الشراء وإجمالي قيمة البيع في فترة زمنية محددة، ويُحسب وفق المعادلة: صافي السيولة = (سعر × كمية الشراء) − (سعر × كمية البيع)

يعكس هذا المؤشر حجم الأموال التي دخلت أو خرجت من السهم، ويفترض الكثيرون أنه مرآة حقيقية للرغبة الشرائية أو البيعية في السوق.

صافي الحجم

يركز صافي الحجم على عدد الأسهم المتداولة وليس قيمتها النقدية، بمعنى: صافي الحجم = إجمالي عدد الأسهم المشتراة − إجمالي عدد الأسهم المباعة

هذا المؤشر يوضح التوازن الكمي بين الطلب والعرض، وهو مهم لفهم «الضغط» الذي يمارسه المشترون أو البائعون بغض النظر عن السعر.

قراءة الاحتمالات: ماذا تعني الحالات المختلفة؟

1. صافي السيولة موجب وصافي الحجم موجب:

دخول أموال حقيقية مع تداول كميات أكبر من الشراء، وهذا يُعد إشارة قوية على وجود رغبة شرائية صاعدة ودعم للسهم.

2. صافي السيولة سالب وصافي الحجم سالب:

خروج أموال مع تداول كميات بيعية أكبر، ما يعكس ضغط بيع حقيقي واستمرار في الاتجاه الهابط.

3. صافي السيولة موجب وصافي الحجم سالب:

يُعتبر هذا السيناريو هو «فخ السيولة».

هنا قد يكون المال دخل عبر صفقات صغيرة بأسعار مرتفعة، مما يرفع القيمة النقدية الموجبة، لكن الحجم الأكبر للبيع ينذر بأن الكميات الفعلية التي خرجت تفوق الداخل، ما يضغط على السعر نحو الهبوط.

4. صافي السيولة سالب وصافي الحجم موجب:

حالة أقل شيوعًا لكنها ممكنة. قد تشير إلى أن كميات كبيرة تم شراؤها بأسعار منخفضة بينما القيمة النقدية العامة تُظهر خروج أموال بسبب صفقات بيع صغيرة بأسعار مرتفعة.

أين يكمن الخطر؟

الوقوع في فخ الاعتماد على صافي السيولة النقدية فقط يُعدّ من أكثر الأخطاء شيوعاً بين المتداولين الجدد.

فارتفاع القيمة لا يعني بالضرورة صعوداً للسهم إذا كانت الكميات الكبيرة تُباع بهدوء وبأسعار أقل.

ودون مراقبة صافي الحجم وسلوك السعر، قد تظن أن السوق تشهد قوة شرائية، بينما الحقيقة هي تصريف هادئ ومُنظّم من كبار المستثمرين أو صناع السوق.

كيف تتجنب الفخ؟

دمج قراءة المؤشرين: لا تعتمد فقط على صافي السيولة النقدية أو صافي الحجم بمفردهما.

رصد حركة السعر الزمني: هل يتماشى السعر مع مؤشرات السيولة والقيمة؟

الانتباه إلى حجم التداول وتوزيعه: هل الكميات المشتراة توازي الكميات المباعة؟

مراجعة أوامر السوق وحجم الصفقات: للتمييز بين التداول الحقيقي والضجيج.

بالنهاية فإن فهم الفرق بين صافي السيولة النقدية وصافي الحجم ليس رفاهية تحليلية، بل ضرورة لمن يريد أن يقرأ السوق بعيون ثاقبة.

فالمال قد يدخل السوق بأشكال متعددة، لكن ما يحرك السعر فعلياً هو التوازن الكمي بين العرض والطلب.

أما التمسك برؤية واحدة فقط دون الأخرى قد يقود إلى قرارات خاطئة، وفرص ضائعة، وأحياناً خسائر مالية فادحة.