«وانفجرت بيتكوين».. رهانات المتداولين إلى عنان السماء ورهبة الارتداد والتصحيح تتوارى

البيتكوين  تجاوزت حاجز الـ122 ألفاً وستمئة دولار

في فجر هذا اليوم، الاثنين الموافق 14 يوليو 2025، امتلأت الأجواء في «حي البيتكوين» بضجيج الفرح والتهاني، معلنة قفزة هائلة لعملة البيتكوين المشفرة التي تجاوزت حاجز الـ122 ألفاً وستمئة دولار.

فانفجار اليوم جعل سكان مجتمع بيتكوين اليوم بجميع أحيائه وشوارعه وأزقته، لم يعد يعيرون اهتماماً أو يلقون بالاً لأي هبوط مقبل أو تصحيح أو ارتداد، فالجميع على قلب رجل واحد يرددون: «دعه يهبط حتى يشتد عزم صعوده».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

لم يكن هذا الارتفاع مجرد رقم في شاشات التداول، بل كان احتفالاً جماعياً، مؤكداً أن البيتكوين باتت نبضاً حياً لمجتمع يؤمن بمستقبلها، يتجاوز بها كونها مجرد قيمة مالية بحتة.

إنه تتويج لرحلة صبر المتداولين الطويلة التي تكللت اليوم بالنصر، النصر الذي جعل رهانات المتداولين إلى آفاق لا محدودة ورهبة الارتداد والتصحيح تتوارى.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وهنا وقفة تأمل وبحث واستكشاف واستجلاء لمجتمع البيتكوين، وسكانه، لمعرفة أسباب الانفجار.

الذهب يفسح المجال

بينما كانت «عاصمة الذهب» تتنفس الصعداء عند بلوغ المعدن الأصفر ذروته، بدأ جني الأرباح في تيار هادئ، ليسحب السيولة من أوعيته المتوهجة.

هذه الحركة لم تكن مجرد نهاية لدورة صعود للذهب، بل كانت بمثابة دماء جديدة تضخ في شرايين البيتكوين، لتسهم في صعودها الملحوظ.

ففي عالم الاستثمار، غالباً ما يبحث رأس المال عن ملاذات جديدة، وحينما يصل أصل إلى حده الأقصى من التقدير، يتجه المستثمرون نحو الأفق الذي يلوح فيه النمو المستقبلي.

وهكذا، أصبحت أرباح الذهب التي تم جنيها وقوداً دفع البيتكوين ليتجاوز حاجز الـ $122,600، ليثبت من جديد أنه اللاعب الأبرز على ساحة الأصول الرقمية، ويؤكد مكانته كوجهة مفضلة للاستثمار في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية.

تقنين وتشريع

لقد كانت الأجواء السياسية مواتية بشكلٍ لافت لسوق العملات المشفرة لا سيما تحت إدارة ترامب، ففي خطوة تاريخية، وقّع الرئيس ترامب في مارس 2025 أمراً تنفيذياً لإنشاء الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي من البيتكوين.

ولم تقتصر هذه المبادرة على المستوى الفيدرالي، فقد أقدمت ولايتا أريزونا ونيوهامبشاير على إقرار تشريعات خاصة بهما لإنشاء احتياطيات من البيتكوين على مستوى الولاية، ما يعكس تزايد الثقة الرسمية في هذه العملة.

عشاق بيتكوين ينتظرون خلال النصف الثاني من هذا العام، بفارغ الصبر، إقرار قانون «جينيوس»، وهو مشروع قانون يهدف إلى تنظيم صناعة العملات المستقرة.

هذا القانون، الذي أقرّه مجلس الشيوخ الأميركي في 17 يونيو وينتظر تصويت مجلس النواب، وإن لم يكن مرتبطاً مباشرة بالبيتكوين، إلّا أن أي تنظيم رئيسي للعملات المشفرة سيسهم بشكلٍ كبير في اكتساب الصناعة للشرعية وجذب المزيد من المستثمرين، ما يمهد الطريق لمستقبل أكثر استقراراً ونضجاً.

صناديق الاستثمار المتداولة

كان عام 2024 نقطة تحول محورية، ففي يناير من ذلك العام، حصلت أولى صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs) على موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC). هذه الموافقة لم تكن مجرد إجراء روتيني، بل كانت بمثابة مفتاح سحري فتح أبواب البيتكوين على مصراعيها أمام كل من المستثمرين المؤسسين والأفراد على حد سواء.

ومنذ أبريل الماضي، شهدت صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة ارتفاعاً مذهلاً في الاستثمارات، حيث تجاوز صافي تدفقاتها حاجز الـ50 مليار دولار في 10 يوليو الجاري، وفقاً لبيانات شركة «Farside Investors»، ورغم التقلبات الطبيعية في تدفقات هذه الصناديق، فإن الأداء المتميز للعملة الرقمية يتوقع أن يسهم في استمرار جذب الاهتمام.

وفي رؤية متفائلة، توقع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني أن يصل سعر البيتكوين إلى 200 ألف دولار أميركي بنهاية العام، مشيراً إلى أن تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة ستشكّل جزءاً كبيراً من هذا النمو المتوقع.

الفائدة.. الخفض قادم والخلاف على التوقيت

أسعار الفائدة هي الشريان الذي يغذّي الأسواق المالية، من الأسهم والسندات وصولاً إلى العملات المشفرة. فمع انخفاض تكلفة الاقتراض، عادةً ما تُحفّز الاستثمارات، وهذا ما رأيناه بوضوح في الماضي، حيث تزامنت بيئات أسعار الفائدة المنخفضة مع ارتفاعات حادة في أسعار البيتكوين لا سيما في عامي 2020 و2021. ليس هذا فحسب، فتخفيضات أسعار الفائدة قد تؤدي إلى التضخم، وهنا تبرز أهمية البيتكوين كأحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الناس للاستثمار فيها، وهو التحوّط من التضخم.

ويتوقع المحللون أن يخفّض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة خلال النصف الثاني من هذا العام، حيث تشير أداة «CME Fed Watch»، وهي أداة لقياس توقعات السوق، إلى احتمالات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر بنحو 68%.

ويتوقع اقتصاديون بارزون من غولدمان ساكس خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس (0.25%) في سبتمبر وأكتوبر وديسمبر، ومن المرجح أن يكون أي خفض في أسعار الفائدة بمثابة دعم قوي لبيتكوين.

ضعف الدولار الأمريكي

عامل آخر مؤثر بقوة في قيمة البيتكوين هو قيمة الدولار الأميركي. وبشكل عام، يرتبط البيتكوين والدولار ارتباطاً عكسياً؛ فعندما ينخفض الدولار يرتفع سعر البيتكوين، إذ يُعتبر مخزناً أفضل للقيمة، ويتحول إليه المستثمرون بحثاً عن ملاذ آمن لأصولهم.

لقد انخفض مؤشر الدولار الأميركي (DXY) بنسبة 10% هذا العام، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي المرتبطة برسوم إدارة ترامب الجمركية على الواردات.

وإذا قرر الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة، فقد يشهد الدولار انخفاضاً أكبر.

ورغم الأمل في انتعاش الدولار، فإن هناك احتمالاً قوياً لاستمرار انخفاضه، ما قد يكون مفيداً للغاية لبيتكوين.