لم يحلم يوما بالثراء ولم يكن جمع الثروة أولويته، بل كانت البحار والجبال مكانه المفضل وشغفه، لكن بضغط من زوجته، التي طلقته وطردته لاحقا، تعلم البرمجة ليؤسس أكبر شركة لقواعد البيانات في العالم أوراكل، فكيف من قلب الوحدة والرفض خرج لنا لاري إليسون؟
كيف كانت نشأة لاري إليسون مؤسس أوراكل؟
نشأ إليسون في أسرة داعمة ولكن بشروطها، إذ كانوا يرون فيه طبيبا ناجحا، أما هو وبشكل لا واعي كان يصدق في أن حلمه أيضا الطب، لكنه ومع أول جثة يراها في مادة التشريح أدرك أن هذه الكلية لا تمت له بصلة، ففضّل إحباط الوالدين عن فَقد ماهيته واكتشاف ذاته، وحزم أمتعته وانتقل من شيكاغو، مسقط رأسه، إلى بيركلي في كاليفورنيا.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وفي شرق بيركلي، تحديدا فوق قمة جبال سييرا نيفادا، وقع عاشقا في حب تلك الجمال، في الجبال الشاهقة والطبيعة الخلابة الذي لا توصف لوادي يوسمايت، فعمِل كمرشدا نهريا، ومعلما لتسلق الجبال، كما أصبح من دعاة حماية البيئة.
لكن تسلق الجبال لم يكن يسدد الفواتير، إذ كان عائده المادي بسيطا، فعمل مبرمجا لبضعة أيام في الأسبوع، ورغم عدم عشقه لهذه الوظيفة لكنها كانت تشعره بنوع من التحدي مثل ما يشعر به عند حل المسائل الرياضية العنيدة أو لعب الشطرنج.
"في هذه المرحلة من حياتي، اعتقدت أنني أحرز تقدما حقيقيا في رحلتي لاكتشاف الذات، فكان لديّ وظيفتان واحدة كانت ممتعة والأخرى تدفع الفواتير، وكنت سعيدًا جدًا بحياتي"، قال إليسون أثناء حديثه مع خريجي جامعة جنوب كاليفورنيا لعام 2016.
لم يكن يعرف لاري إليسون حينها أن الوظيفة التي اضطر عليها، واقتصر وجودها على دفع الفواتير، ستصبح مصباح علاء الدين الذي كلما لمسه أظهر له جني المال.
لاري إليسون.. من الطلاق للطلاقة
في هذا الوقت كان الشاب شغوف بالطبيعة متزوجا بزوجة لم تكن ترضى الحياة الغير مستقرة، وتركه لكليته، ورأته طائشا وعديم المسئولية، فحاولت إقناعه بالدوام الكامل كمبرمج، لكنه وصل معها لحل وسط، فبدأ الالتزام في دروس بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، لكن الطبيعة تلاحقته حيثما يذهب، فوقع في غرام جديد مع دروس الإبحار، وهنا لاقت حياته الزوجية حتفها.
إذ أنه من شدة حبه للإبحار قرر شراء مركبا شراعيا، فقررت زوجه الطلاق وطردته، ومتهمة إياه بعدم تحمل المسؤولية، وافتقاره للطموح، لتكون هذه اللحظة هي المحورية في حياته.
عائلة غاضبة جدا من عد تنفيذ طموحها في حياته بالتحاقه بكلية الطب، وزوجة ناقمة عليه لافتقاره للطموح، يا لها من مشكلة متكررة ودائمة، إذ لم يستطع الارتقاء لمستوى توقعات الآخرين، لكن في هذه اللحظة أدرك أنه ليس وقت الشعور بخيبة الأمل في نفسه للمرة الثانية، وإنما التفهم أنه شخصا مختلفا وأحلامه مختلفة.
فاشترى قاربا شراعيا وأخذ قطته ليعيشا على متن القارب وحيدان ولكنه كان مسمتع بذلك لأنه رأى أنه سينجو في هذا العالم.
بداية لاري إليسون في وادي السيليكون
رافقته وظيفة المبرمج "تميمة حظه" حياته الوحيدة، لتوفر له المال لمعيشته إلى أن انتقل لصرح وادي السيليكون حيث عمل في أول شركة ناشئة "أمدال"، ليحقق أول نجاحاته في مجالا رفعه بين أثرياء العالم، إذ طور مع زملائه أسرع جهاز حاسوب رئيسي في العالم.
كانت محطته التالية شركة "أمبيكس"، حيث قام بالتعاون مع الفريق ببناء أكبر نظام تخزين بيانات رقمي في العالم، وانتقل بعد ذلك لشركة "بريسيجن إنسترومنتس"، وبنى نظام أكبر لتخزين البيانات، ولكن هذه المرة باستخدام الليزر.
لكن لم يكن كل هذا الإنجاز كافيا ليصل به إلى شعور النشوة الذ يملئه أثناء التسلق للقمم الجبلية أو في الإبحار لأعماق المحيط، فكان يركض وراء القمة والعمق في كل شيء.
لذا استمر في البحث عن وظيفة أشد عمقا وأكثر إثارة في مجال هندسة البرمجيات، فلم يجد، لكنه لم يستسلم فأنشأ شركة لهندسة البرمجيات أسماها "أوراكل" وصاحبها يدعى لاري إليسون.
كان الحلم وقتها بسيطا، وظيفة مثالية تشبع رغبته في الإثارة والتحدي، وتوظيف أكثر المبرمجين موهبة للعمل على مشاريع البرمجيات الكبيرة.
تدريجيا، نمت الشركة لتصل إلى أن تحوي 50 موظفا، والآن تحوي الآلاف.
كيف أسس لاري إليسون أوراكل؟
أدى اجتماع أفضل مبرمجين في العالم لخروج فكرة وصفا إليسون بالمجنونة، وكانت الفكرة هي بناء أول قاعدة بيانات علائقية في العالم، لكن كان يجتمع الخبراء أن بناء قاعدة عملاقة لن يفيد لأنها ستظل بطيئة، لكن لاري إليسون لم يقتنع، وأثبت أنه يمكنك بناء أكبر قواعد للبيانات بسرعات فائقة.
و"عندما تخبر الناس بأن جميع الخبراء مخطئون، سيصفونك في البداية بالغطرسة والجنون، ولذا تذكر عندما يبدأ الناس في إخبارك بأنك مجنون، فربما تكون على وشك اكتشاف أهم ابتكار في حياتك"، عقب صاحب الطموح الجامح لاري إليسون.
كم تبلغ القيمة السوقية لأوراكل؟
وصلت القيمة السوقية لشركة أوراكل إلى 472.57 مليار دولار خلال عام 2024، وبزيادة قدرها 63 بالمئة عن قيمتها في عام 2023 عندما بلغت نحو 289.81 مليار دولار، لتحتل المرتبة الثمانية عشر في قائمة أكبر الشركات العالمية من حيث القيمة السوقية، وفقا لموقع الشركة وماركت كاب.
كما حققت الشركة العالمية أعلى إيرادات في تاريخها بنحو 54.93 مليار دولار خلال العام المالي للشركة الذي يبدأ في 30 نوفمبر 2023 وينتهي 30 نوفمبر 2024، مقابل 51.62 مليار دولار العام المالي الذي يسبقه.
ومن جهة الأرباح فحققت أعلى معدل قياسي على الإطلاق، وصلت إلى 16.67 مليار دولار خلال العام المالي الأخير، بزيادة نسبتها 16.68 بالمئة، مقابل 14.04 بالمئة في العام المالي السابق له.
وأخيرا، بعد معاناة البحث عن الشغف والوحدة، أثبت إليسون أنه صاحب طموح كبير ورؤية مختلفة وصحيحة، فحقق واقعا أكبر من أحلامه، ليتسلق جبل الأثرياء ويصل للقمة بثروة تقدر بأكثر من 213 مليار دولار، محتلا المرتبة الثالثة عالميا، بحسب تقديرات فوربس.
{{ article.author_name }}
تاريخ النشر: {{ article.formatted_date }}
آخر تعديل منذ: {{ article.formatted_update_date }}
{{ article.formatted_date }}
