تصدرت السعودية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في استقطاب أكبر قدر من استثمارات رأس المال المغامر لشركاتها الناشئة بحجم تمويلات بلغ 359 مليون دولار في الربع الأول من 2023، مسجلةً نمواً 13 في المئة على أساس سنوي، بحسب تقرير حديث صادر عن شركة «ماغنيت»، مزود البيانات والأبحاث والتحليلات المتخصصة حول أسواق الاستثمار الجريء الناشئة.

وحلّت مصر في المرتبة الثانية بتمويلات بلغت 280 مليون دولار، وبنمو بلغ 76 في المئة على أساس سنوي، في حين شهدت الإمارات تراجعاً بنسبة 51 في المئة إلى 152 مليون دولار.

وقال فيليب باهوشي، الرئيس التنفيذي لـ«ماغنيت»، متحدثاً لـ«CNN الاقتصادية»، إن «استثمارات رأس المال المغامر في الشركات الناشئة سجّلت بداية هذا العام ركوداً لم تشهده منذ الربع الأخير من عام 2018».

معطيات التقرير تشير إلى أن الحذر هو سيد الموقف، نتيجة لتشديد السياسة النقدية الذي تنتهجه البنوك المركزية وعلى رأسها الفيدرالي الأميركي لكبح جماح التضخم.

يعني ذلك أن صناديق رأس المال تتوخى الحذر في ما يتعلق بحجم وأوجه الإنفاق الاستثماري، الأمر الذي أثقل كاهل الشركات الناشئة وأصحاب المشاريع، التي تلجأ إلى خفض التقييم الفعلي لنشاطها التجاري أو لرأس المال التشغيلي بهدف الاستحواذ على التمويل اللازم لتطوير أعمالها.

وتواجه هذه الشركات تحديات الربحية، وفاعلية الوحدات الاقتصادية في تحديد وإنتاج وتسعير بضائعها أو خدماتها.

وأفاد باهوشي بأن كل هذه الأمور أدّت إلى نوع من التباطؤ في عجلة استثمار صناديق رأس المال المغامر.

وأشار تقرير «ماغنيت» إلى تراجع ملحوظ في عدد الصفقات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بلغت نسبته 55 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

ووصلت القيمة الإجمالية لتمويل صناديق رأس المال المغامر في المنطقة إلى 818 مليون دولار، مقارنة بـ856 مليوناً في الربع الأول من العام الماضي، إذ جرى إنجاز ثلاث صفقات لشركات في السعودية مثل «فلاوورد» بقيمة 156 مليون دولار، و«نعناع» بقيمة 133 مليون دولار، وشركة «حالا» في مصر بقيمة 260 مليون دولار، وهي الصفقات التي تعادل 67 في المئة من الإجمالي.

كما سجّلت بداية هذا العام تراجعاً بنسبة 68 في المئة في حجم التمويلات دون المئة مليون دولار، في تراجع هو الأكبر منذ عام 2020.

وتوقع باهوشي أن يشهد 2023 حذراً في تمويلات رأس المال الاستثماري، على أن يعود مع الوقت تقييم الشركات الناشئة إلى المعايير نفسها التي كانت سائدة قبل جائحة كورونا.

شركات التكنولوجيا المالية

وبقي اهتمام المستثمرين هذا العام منصباً على شركات التكنولوجيا المالية التي حافظت على جاذبيتها رغم تراجع نسبي في حجم التمويل، فيما كشف تقرير «ماغنيت» عن نمو تمويلات قطاع التجارة الإلكترونية والإعلام والترفيه والتكنولوجيا التعليمية، مقارنة بعام 2022.

وتراجع عدد صفقات التكنولوجيا الغذائية ستة في المئة، في حين انخفضت قيمة تمويلات قطاع الصحة 47 في المئة.

وقال باهوشي «إن الأدلة تشير إلى قابلية المنطقة لاستقطاب المزيد من الاستمارات الآتية من شرق وجنوب شرق آسيا، وسوف تشهد السوق ارتفاعاً في عدد صفقات التمويل الأولي وتمويل الجولة الأولى (المرحلة A)، وإطلاق المزيد من المبادرات والصناديق لدعم الشركات الناشئة، وتلك الشركات التي لا تتمتع بمستوى عالٍ من الابتكار ستواجه العديد من الصعوبات».

الديون المغامرة

وفيما يستمر الاستثمار في أسهم الشركات الناشئة بلعب دور قيادي، شهدت المنطقة في العامين الأخيرين نمواً للديون المغامرة أو ديون المشاريع (Venture Debt) لتحصد تمويلاً بقيمة 266 مليون دولار مقارنة بـ15 مليون دولار في عام 2020، وفق تقرير لـ«شعاع كابيتال» حول الديون المغامرة لعام 2022.

ويقول باهوشي «شعبية هذا النوع من التمويل في تزايد، وفي ظل الأزمة المصرفية ستعتمد الكثير من الشركات الناشئة هذا الأسلوب في التمويل البديل».

وأضاف «أعتقد أن هذا الاتجاه سيستمر في عام 2023، ولكنَّ هناك نقصاً في الوعي حيال هذا النوع من التمويل، إذ إن الاستثمار في رأس المال سيكون المصدر الرئيسي المستخدم من قبل الشركات الكبرى لجمع الأموال».

الدمج والاستحواذ يتزايد

وبحسب باهوشي فإن «عمليات التخارج وفق نموذج الحيازة والدمج مرشحة للارتفاع، حيث سجّلت الإمارات عشر عمليات تخارج للشركات الناشئة خلال الربع الأول من العام الحالي من أصل 11 عملية».

كما توقع نمو هذا التوجه خلال السنوات المقبلة كخيار بديل، لا سيما بالنسبة لشركات التكنولوجيا، في ظل تقلب سوق السندات والنقص في السيولة وتدفق التمويل.

وتابع «ظاهرة التوسع في قاعدة الأسواق هي هدف تتشاركه الشركات العالمية الراغبة في موطئ قدم لها في المنطقة والشركات الناشئة من المنطقة والراغبة في التوسع إقليمياً وعالمياً»