يشهد إنتاج الأرز العالمي أكبر عجز له منذ عقدين في 2023 وبمقدار 8.7 مليون طن، وفقاً لأحدث تقديرات وكالة «فيتش سوليوشنز» العالمية للسلع، لكن ذلك الوضع لن يستمر على الأرجح، متوقعة أن يكون حل الأزمة بيد الهند.
توقّع تقرير الوكالة انخفاض إنتاج الأرز وارتفاع أسعار السلعة الغذائية الأساسية التي يستهلكها أكثر من 3.5 مليار نسمة في أنحاء العالم، لا سيما في منطقة آسيا والمحيط الهادي التي تستهلك 90 في المئة من أرز العالم.
بلغ متوسط سعر الأرز 17.30 دولار لكل مئة رطل حتى الآن، ومن المتوقع أن يتراجع إلى 14.50 دولار في عام 2024.
إمدادات الأرز العالمية
يصل الإنتاج السنوي من الأرز هذا العام إلى إجمالي 503 ملايين طن، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية، انخفاضاً من 510.3 مليون طن في موسم الحصاد الماضي.
وتعتبر الصين والهند أكبر منتجين للأرز بإجمالي إنتاج يبلغ 362.4 مليون طن، ما يمثل أكثر من نصف الإنتاج العالمي.
وأوضح تشارلز هارت، محلل السلع الزراعية في «فيتش سوليوشنز»، في تصريحات لـ«CNN الاقتصادية» أن ارتفاع الأسعار يعود إلى «تراكم الضغوط منذ كوفيد-19، إذ إن الأرز محصول كثيف العمالة وقد أثرت قيود الحجر الصحي على الإنتاج».
كما أسهم في هذا الوضع ضغوط أخرى، مثل حظر الصادرات في عدد من البلدان، وظاهرة «النينيو» المناخية، حيث ينخفض هطول الأمطار مسبباً جفافاً أوسع من المتوسط، والحرب الروسية الأوكرانية.
وعلى الرغم من عدم تأثر محاصيل الأرز فوراً بالحرب بسبب البعد الجغرافي، فإنّ التأثيرات بدأت تظهر حالياً بشكل تدريجي، فضلاً عن سوء الأحوال الجوية في بلدان رئيسية منتجة للأرز مثل الصين وباكستان.
أسباب عجز الأرز
أشار هارت إلى أن «التدهور السنوي في محصول الصين بسبب الحرارة الشديدة والجفاف، فضلاً عن تأثير الفيضانات الشديدة في باكستان، قد أدى إلى النقص في الإنتاج».
وفي النصف الثاني من العام الماضي، تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة التي وصلت إلى ثاني أعلى معدل لها منذ 20 عاماً والفيضانات في مقاطعتي غوانغتشي وغوانغدونغ -المركزين الرئيسيين لإنتاج الأرز في الصين- في أضرار جسيمة في المحصول، وفقاً لشركة التحليلات الزراعية «غرو إنتليجنس».
وبالمثل، شهدت باكستان -التي تسهم بنحو 7.6 في المئة من تجارة الأرز العالمية- انخفاضاً في الإنتاج السنوي بنسبة 31 في المئة بسبب الفيضانات الشديدة العام الماضي، حسب ما قالت وزارة الزراعة الأميركية، التي وصفت التأثير بأنه «أسوأ مما كان متوقعاً في البداية».
وأضاف هارت أنه على الرغم من تحديات العرض، أصبح الأرز بديلاً جذاباً بشكل متزايد بعد ارتفاع أسعار حبوب رئيسية أخرى منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير شباط 2022 ما أدى إلى زيادة الطلب.
أدت هذه العوامل مجتمعة إلى ارتفاع أسعار الأرز إلى أعلى مستوى منذ عقد تقريباً وانخفاض المعروض العالمي، وسط توقعات بأن تظل أسعار الأرز بالقرب من المستويات المرتفعة الحالية حتى عام 2024، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن «فيتش سوليوشنز».
وقال هارت «من الواضح أن أكبر الدول التي تأثرت بهذا النقص هي البلدان المستوردة -بشكل أساسي في غرب إفريقيا حيث بدأ الأرز يحل محل القمح بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية- إذ ازداد استيراد الأرز في إفريقيا بأكثر من 12 في المئة في العام الماضي».
فائض متوقع
لكن الأخبار الجيدة أن نقص المعروض سيصبح قريباً شيئاً من الماضي.
وتقدر «فيتش سوليوشنز» عودة سوق الأرز العالمي إلى «وضع شبه متوازن في 202324».
وقال التقرير «نعتقد أن سوق الأرز ستعود إلى الفائض في عام 202425 ثم تواصل التراجع على المدى المتوسط»، متوقعاً انخفاض أسعار الأرز بنسبة عشرة في المئة تقريباً لتصل إلى 15.50 دولار لكل مئة رطل في 2024.
وخصلت «فيتش سوليوشنز» في تقريرها إلى أن «إنتاج الأرز العالمي سيحقق انتعاشاً قوياً في 202324، كما يتوقع أن يرتفع إجمالي الإنتاج بنسبة 2.5 في المئة على أساس سنوي، ويتوقف ذلك على الوضع في الهند كونها (المحرك الرئيسي) لإنتاج الأرز العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة».