«السماء لن تسقط!».. الصين تخطط لتحويل أزمة الرسوم الجمركية إلى فرصة

الصين الأسرع والأقل تحفظاً هذه المرة (شترستوك)
«السماء لن تسقط!».. الصين تخطط لتحويل أزمة الرسوم الجمركية إلى فرصة
الصين الأسرع والأقل تحفظاً هذه المرة (شترستوك)

في الوقت الذي تتصارع دول العالم للتفاوض على تنازلات بعد تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي لحربه التجارية العالمية، اتخذت الصين نهجاً مختلفاً.

وسارع ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى الرد بإجراءات عقابية على السلع والشركات الأميركية، في غضون 48 ساعة من إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية التي أضرت الأسواق.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

السماء لن تسقط

قالت صحيفة الشعب اليومية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، يوم الأحد، إن للرسوم الجمركية الأميركية تأثيراً على الصين، لكن السماء لن تسقط، وتُرسل الصين الآن رسالة واضحة مفادها أن الصين مستعدة تماماً لخوض حرب تجارية، والخروج منها أقوى.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وجاء في تعليق الذي كان أيضاً على الصفحة الأولى من طبعة الصحيفة الصادرة يوم الاثنين، أنه منذ أن بدأت الولايات المتحدة الحرب التجارية (الأولى) في عام 2017، بغض النظر عن كيفية قتال الولايات المتحدة أو ضغطها، فإننا واصلنا التطور والتقدم، وأظهرنا مرونة، وكلما زاد الضغط علينا، أصبحنا أقوى.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رسوم جمركية عالمية في حديقة الورود بالبيت الأبيض في 2 أبريل.

وكشف ترامب يوم الأربعاء عن رسوم جمركية إضافية بنسبة 34 في المئة على جميع السلع الصينية المستوردة إلى الولايات المتحدة، ما يرفع الرسوم الجمركية على جميع الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة إلى أكثر من 54 في المئة عند دخول الرسوم الجمركية الحالية حيز التنفيذ.

بكين ترد بـ34% على واردات أميركا

ردت بكين يوم الجمعة برسوم جمركية أساسية بنسبة 34 في المئة على جميع الواردات الأميركية، إضافة إلى تدابير أخرى، بما في ذلك ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة وقيود تجارية على شركات أميركية محددة.

وانتقدت بكين الرسوم الجمركية الأميركية ووصفتها بأنها تنمر أحادي الجانب، ومتوقع أن يكون خطابها الأخير دعايةً تهدف إلى تهدئة التوترات المحتملة في الداخل، وبثّ الثقة في العالم.

أميركا تُقوّض مكانتها العالمية

وقال رايان هاس، الزميل في معهد بروكينغز للأبحاث ومقره واشنطن، على منصة التواصل الاجتماعي «إكس» يوم الأحد، عقب اجتماعاته مع مسؤولين حكوميين وعلماء وقادة أعمال خلال زيارة للصين، إن العديد من نظرائنا في الصين جادل بأن الولايات المتحدة ترتكب خطأً من شأنه أن يُقوّض مكانتها العالمية.

وأضاف أن هناك جدلاً حول ما إذا كان العالم يدخل مرحلة التكتلات أم مرحلة الانتقال إلى عصر العولمة دون الولايات المتحدة، ويبدو أن بكين تُفضّل السيناريو الأخير، مضيفاً أن قادة الصين لن يقبلوا أن يُنظر إليهم على أنهم سلبيون في ردّهم على الولايات المتحدة.

مستعدون للمنافسة

تطلع المسؤولون الصينيون بالفعل في الأسابيع الأخيرة إلى إبراز الصين كبطل بديل وحامٍ للاقتصاد المعولم الذي يعزز ازدهار البلدان في جميع أنحاء العالم.

وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيانٍ، يوم السبت: بصفتها ثاني أكبر اقتصاد وثاني أكبر سوق استهلاكية في العالم، ستواصل الصين فتح أبوابها على مصراعيها، بغض النظر عن المشهد الدولي المتغير.

واستضاف لينغ جي، نائب وزير التجارة الصيني، يوم الأحد ممثلين عن 20 شركة ممولة من الولايات المتحدة، بما في ذلك شركتا تسلا وجنرال إلكتريك للرعاية الصحية، وفقاً لبيانٍ صادرٍ عن الوزارة.

ودعا لينغ الشركات الأميركية إلى التحلي بالعقلانية و"اتخاذ إجراءات عملية للحفاظ على استقرار الإنتاج وسلاسل التوريد العالمية".

وقال ليو تشي تشين، الباحث البارز في معهد تشونغيانغ للدراسات المالية بجامعة رينمين الصينية، لقناة «سي سي تي في» إن الصين تُرسل رسالةً مهمةً للعالم وهي أنه لا يمكننا التراجع أو التسامح مع التنمر الأميركي، لأن التسامح يؤدي في النهاية إلى المزيد من التنمر.

وقال جو جيان دونغ، الأستاذ في كلية المالية ببنك الشعب الصيني بجامعة تسينغهوا إن الصين والولايات المتحدة أصبحتا الآن منافسين مباشرين في إعادة تشكيل النظام التجاري الدولي، ونحن مستعدون لمواجهة التحدي، نحن مستعدون للتنافس مع الولايات المتحدة في إعادة تعريف النظام التجاري العالمي الجديد.

المنطقة في حالة توتر

استخدمت بكين الوصول إلى سوقها الضخم كسلاح لإكراه الدول، غالباً بسبب مواقف سياسية أثارت غضب بكين، وسينظر الكثيرون بحذر إلى ما إذا كانت الصادرات الصينية ستغمر أسواقهم، ما سيضر إنتاجهم المحلي أو يؤدي إلى انخفاض أسعار المستهلكين.

وأجرت بكين خلال الشهر الماضي محادثات اقتصادية مع اليابان وكوريا الجنوبية، اللتين فُرضت عليهما الأسبوع الماضي رسوم جمركية بنسبة 24 في المئة و25 في المئة على التوالي، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي الذي فُرضت عليه رسوم جمركية بنسبة 20 في المئة.

وتضررت العديد من اقتصادات جنوب شرق آسيا -مراكز التصنيع الرئيسية للشركات التي تسعى إلى تنويع اقتصاداتها بعيداً عن الصين- بشدة من حرب الرسوم الجمركية التي شنها ترامب، وبينما لا يرغب الكثيرون في خوض صراع مع واشنطن علناً، فإن المنطقة في حالة من التوتر.

وبلغ إجمالي حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين خلال العام الماضي، نحو نصف تريليون دولار، وتأتي الرسوم الجمركية في الوقت الذي تشهد فيه الصين بوادر انتعاش اقتصادي بعد سنوات من المعاناة من أزمة في قطاع العقارات، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وتداعيات إجراءات بكين لمكافحة الجائحة.

وأعلنت الحكومة الشهر الماضي عن سلسلة من الإجراءات لتحفيز الاستهلاك المحلي، تحسباً لتضرر نموها المعتمد على الصادرات.

وستعزز الصين الاستهلاك المحلي بقوة من خلال جهود استثنائية، وستطبق سلسلة من سياسات الاحتياطيات حسب الاقتضاء، وفقاً لتعليق صحيفة الشعب اليومية.

الصين الأسرع والأقل تحفظاً

وكتب محللون من غولدمان ساكس في مذكرة يوم الأحد، إن الرسوم الجمركية الجديدة ستؤثر بنسبة 34 في المئة على الناتج المحلي الإجمالي الصيني بما لا يقل عن 0.7 نقطة مئوية هذا العام.

وتوقعوا أن يُسرّع صانعو السياسات في الصين إجراءات التخفيف بشكل ملحوظ لتحقيق هدفهم المتمثل في نمو بنسبة 5 في المئة تقريبًا، والذي حُدد الشهر الماضي.

وحذر المحللون من أن رد الصين الأسرع والأقل تحفظاً هذه المرة زاد أيضاً من خطر تصعيد الرسوم الجمركية من كلا الجانبين.