لبنان كان مركزا مالياً رئيسياً في الشرق الأوسط، هذا عام 1956 تحديداً، حينها تم إقرار قانون السرية المصرفية في عهد الرئيس السابق كميل شمعون، وكان الهدف الأساسي جذب رؤوس الأموال وتشجيع المستثمرين العرب عبر تقديم الحماية والخصوصية التامة لهم. لكن هل فعلاً عاد هذا القانون بالنفع على البلاد التي ترزح تحت أزمة اقتصادية خانقة منذ أواخر 2019 دون حلول فعلية حتى اليوم وسط خسائر بالقطاع المصرفي تناهز 72 مليار دولار؟
تعديل قانون السرية المصرفية
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
قال الخبير الاقتصادي منير يونس في تعليق لـ«CNNالاقتصادية» إن هذا القانون كان «ملجأً لأمور لها علاقة بالفساد وغسل الأموال والتهرب الضريبي».
وأضاف أن هذا هو جوهر طلب صندوق النقد لإدخال تعديلات على القانون، كشرط لتقديم الدعم المالي للبنان، مفيداً بأنه تم بالفعل سابقاً تعديل بعض البنود للقانون، لكن الصندوق طلب منذ 2020 إدخال تعديلات ويطلب كشف السرية بالكامل، لكن الحكومة اللبنانية ظلت قاصرة عن تقديم حلول واضحة كما طلب الصندوق.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وأشار إلى أن المراوغات التي يقوم بها المسؤولون في لبنان –الذي يعاني من تهرب ضريبي هائل– والأموال التي يتم تهريبها تدخل عن طريق غسلها بالقطاع المصرفي اللبناني، لم يعد أمراً مقبولاً بها عالمياً.
وتابع قائلاً «هذا القانون كان منذ الأزل خدمة لمصالح محلية أوليغارشية وللفاسدين في البلاد، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي كان «متورطاً فيها منذ اليوم الأول».
اقتصاد لبنان.. ركود حاد
في آخر بياناته عن وضع
الاقتصاد اللبناني، قال فريق تابع لصندوق النقد الدولي إن الاقتصاد اللبناني «لا يزال يعاني من ركود حاد، ومعدلات الفقر والبطالة مرتفعة بشكل استثنائي منذ أزمة عام 2019».
وأضاف «لا يزال انهيار القطاع المصرفي يعوق النشاط الاقتصادي وتوفير الائتمان، مع عجز المودعين عن الوصول إلى أموالهم، وقد أدى تدمير البنية التحتية والمساكن والنزوح الناجم عن الصراع الأخير إلى تفاقم التحديات التي يواجهها لبنان».
من جهة أخرى، لفت الصندوق إلى أن الإجراءات السياسية الأخيرة التي نتج عنها انتخاب حكومة جديدة تدعو للإصلاح ورئيس جمهورية إضافة إلى حاكم جديد لمصرف لبنان مؤخراً، ساعدت في الحفاظ على قدر من الاستقرار الاقتصادي، حيث انخفض التضخم واستقر سعر الصرف بعد القضاء على العجز المالي منذ منتصف عام 2023، بدعم من إنهاء البنك المركزي للتمويل النقدي ودعم النقد الأجنبي.
لكنه أوضح من جهة أخرى أنه مع ذلك، فإن هذه الخطوات غير كافية لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المستمرة، مضيفاً أن وضع استراتيجية شاملة لإعادة التأهيل الاقتصادي أمر بالغ الأهمية لاستعادة النمو، والحد من البطالة، وتحسين الظروف الاجتماعية.
تجدر الإشارة إلى أن لبنان احتل عام 2024 المرتبة 154 من أصل 180 دولة بمؤشر مدركات الفساد، الذي يقيس الفساد في القطاع العام حول العالم، وهو الأمر الذي يشكل جزءاً أساسياً من كون لبنان اليوم بلداً مدرجاً على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لرقابة مجموعة العمل المالي «فاتف»، والخطر الأكبر، هو أن لبنان لديه حتى نهاية عام 2026 للقيام بالإجراءات المطلوبة قبل أن يتم إدراجه على القائمة السوداء.