أسهم تفاقم الجفاف في روسيا في الضغط على أسعار القمح الروسي في الأسواق العالمية لتصعد مسجلة أعلى مستوى لها منذ أواخر يونيو حزيران الماضي.
وتمر زراعة المحاصيل الشتوية في روسيا بوضع صعب للغاية بسبب الجفاف الشديد الذي من المتوقع أن يؤثّر بشكلٍ خطير على محصول العام المقبل، مما يؤثر على صادرات البلاد.
وقال هاميش كينير، كبير المحللين لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة فيريسك مابليكروفت، لـ«CNN الاقتصادية» إن الجفاف الذي ضرب محصول القمح في روسيا كان عاملاً رئيسياً في ارتفاع أسعار القمح مؤخراً.
وقبل أيام حذّرت شركة سوفيكون الاستشارية من أن معدلات زراعة القمح في روسيا انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ 11 عاماً، ما يلقي بظلاله على توقعات محصول الحبوب لعام 2025.
وروسيا هي أكبر مُصدر للقمح في العالم، ويذهب جزء كبير من صادراتها إلى دول الشرق الأوسط وآسيا.
وتشير بيانات مركز البحوث المشتركة للمفوضية الأوروبية إلى أنه من المتوقع أن يبلغ إنتاج روسيا من القمح 82.5 مليون طن خلال عام 2024 بتراجع 12 في المئة مقارنة بالعام السابق له.
تشير بيانات ستاندرد آند بورز غلوبل كوميديتي إلى أن سعر القمح الروسي ارتفع 4.3 في المئة في الأسبوعين الماضيين، ليسجل أعلى سعر له منذ يونيو حزيران الماضي.
وبحسب بيانات ريفينيتيف فإن أسعار القمح الروسي في التعاملات الفورية سجّلت بنهاية جلسة تداولات 7 أكتوبر تشرين الأول نحو 224 دولاراً للطن.
كما رفعت ستاندرد آند بورز غلوبل كوميديتي تقيمها لأسعار القمح الروسي تسليم على سطح السفينة ليسجل سعر 228.5 دولار للطن من نهاية أكتوبر تشرين الأول الجاري إلى النصف الأول من نوفمبر تشرين الثاني المقبل.
وتأتي هذه التصنيفات في وقت توجه أوكرانيا الاتهامات لموسكو بسرقة الحبوب من الأراضي التي استولت عليها بقيمة بلغت نحو مليار دولار خلال هذا العام.
الجفاف يعوق إنتاج القمح الروسي
وتعاني العديد من المناطق الروسية حالة طوارئ بسبب ظروف الجفاف الشديدة بعد أن تعرضت مناطق متعددة بالفعل للصقيع والمزيد من حالات الجفاف منذ أوائل شهر مايو أيار الماضي، ما أدّى إلى خفض التوقعات لإنتاج القمح الروسي للفترة 2024-2025 ونتيجة لذلك إمكانات التصدير أيضاً لهذا الموسم.
ويقول هاميش كينير، إن الجفاف سيؤثر على محصول روسيا من القمح في 2025 مع انخفاض معدلات زراعة القمح الشتوي.
ونقلت وكالة رويترز عن ديمتري ريلكو رئيس شركة إيكار الاستشارية في مؤتمر للمستثمرين الزراعيين قبل أيام قوله «إننا نراقب عن كثب الوضع في ما يتعلق بالمحاصيل الشتوية يبدو الأمر صعباً للغاية، ومن المحتمل أن يتحول إلى نوع من السيناريو الدرامي».
وقال ريلكو إن الوضع في منطقتي فولجوجراد وساراتوف، رابع وسادس أكبر مناطق إنتاج الحبوب في روسيا، كان صعباً بشكل خاص.
وتعرضت المناطق الزراعية الرئيسية في روسيا هذا العام لتقلبات مناخية تراوحت بين الصقيع في أوائل الربيع والجفاف والأمطار الغزيرة، كما عانت المناطق الجنوبية ونهر الفولغا الجفاف الشديد في سبتمبر أيلول الماضي، والذي من غير المتوقع أن ينحسر لمدة أسبوعين آخرين.
صادرات روسيا من القمح في خطر
تشير بيانات ستاندرد آند بورز غلوبل كوميديتي إلى أنه من المتوقع أن تبلغ صادرات روسيا من القمح 51.8 مليون طن في موسم 2024-2025.
وتقول ستاندرد آند بورز إن المُصدرين الروس يتعرضون لضغوط لخفض الشحنات، ما أثار دعوات لفرض قيود على التصدير.
ويعتزم اتحاد الحبوب الروسي تقديم التماس إلى وزارة الزراعة الروسية بمقترح لمراجعة منهجية توزيع حصص التصدير للنصف الثاني من الموسم، وفقاً لما نقلته رويترز.
واردات مصر من القمح الروسي
وتعد روسيا البائع الأول للقمح لمصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، إذ تعتبر أسعار القمح الروسية أكثر تنافسية عن غيرها بالنسبة لمصر.
ووفقاً لبيانات من الجمارك المصرية اطلعت عليها CNN الاقتصادية فإن مصر اشترت 1.77 مليون طن من القمح في سبتمبر أيلول الماضي، وبينهم نحو 1.4 مليون طن قادمة من روسيا بما يمثل 79.6 في المئة من واردات مصر من القمح خلال الشهر الماضي.
وبحسب هاميش كينير، فإن اعتماد مصر على القمح الروسي يرجع إلى أن الأسعار وتكاليف الشحن أرخص بشكل عام من الأسواق الأخرى.
ويضيف أن أسعار القمح تشكل مصدرَ قلق رئيسياً لمصر في الوقت الحالي، إذ إن مصر تمضي قدماً في إصلاحات حساسة لنظام دعم الخبز.
وبحسب بيانات الجمارك المصرية توسعت مصر مؤخراً في واردات القمح، واستوردت البلاد 11.3 مليون طن منذ بداية 2024 حتى نهاية سبتمبر أيلول الماضي، مقابل 10.87 مليون طن استوردتها خلال 2023 بالكامل.
وقبل أيام قالت رويترز إن مصر أبرمت واحدة من أكبر صفقات شراء القمح المباشرة على الإطلاق لإمدادات شهرية من مناشئ البحر الأسود في الفترة من نوفمبر تشرين الثاني إلى أبريل نيسان الماضي، بإجمالي يصل إلى 3.12 مليون طن خلال الفترة.