كتبت- لاورا خه (CNN)
تسارع المستثمرون للعودة إلى أسواق التكنولوجيا الصينية هذا العام، بتشجيع ما يبدو أنها هدنة لحرب استمرت عامين بين بعض أقوى المسؤولين في البلاد، وأكبر شركات الإنترنت.
ولكن قد يكون هذا الحماس سابقاً لأوانه، إذ تحكم بيجين قبضتها على بعض الشركات مثل «علي بابا» بطلب حصص ذهبية تسمح بانخراط الحكومة بشكل مباشر في إدارة أعمالها، بشكل يتضمن حتى التدخل في المحتوى الذي تقدمه لمئات الملايين من المستخدمين.
وخلال يناير كانون الثاني الجاري اشترى صندوق تابع لإدارة الفضاء السيبراني في الصين، وهي جهة تنظيمية مركزية للإنترنت والرقابة في الصين، حصة بنسبة واحد في المئة في شركة فرعية للوسائط الرقمية تابعة لعلي بابا، «قوانتشو لوجيا» لتكنولوجيا المعلومات، وفقاً لمنصة بيانات الأعمال كيتشتشا. وتباشر الشركة الفرعية عدداً من الأعمال تضم متصفح هواتف محمولة اسمه «يو سي ويب»، وموقع بث مقاطع الفيديو «يوكو تودو».
ووفقاً لمصدر مطلع، تناقش الحكومة الصينية أخذ حصة ذهبية مماثلة في إحدى الشركات التابعة لشركة تينسيت الصينية التي تضم «وي تشات» بالإضافة إلى أعمال ألعاب ضخمة، ولكن لم يُبرم الاتفاق بعد، وامتنعت تينسيت عن التعليق.
تأتي هذه التحركات في الوقت الذي أشارت فيه الصين إلى انتهاء حربها التي استمرت عامين على قطاع صناعة الإنترنت، فمع تعثر الاقتصاد يحتاج الحزب الشيوعي الحاكم إلى القطاع الخاص لتعزيز وضع الوظائف وتحفيز النمو، ولكن لا يعني هذا تغيير الصين سياستها تجاه الشركات القوية.
وقال بروك سيلفرز، كبير مسؤولي الاستثمار في كايوان كابتال في هونغ كونغ «لم يكن تراجع بيجين عن سياسة دفعها التنظيمي لشركات التكنولوجيا نابعاً عن تغيير موقفها، هو فقط رضوخ للوضع الاقتصادي، فلا يزال هدف سيطرة الدولة على شركات التكنولوجيا الكبيرة موجوداً».
وأضاف أن البديل كان استحواذ الدولة على أنصبة ذهبية تسمح لها بفرض السيطرة على الشركات وإدارة تأثيراتها على الأسواق.
وتسمى هذه الأنصبة في الصين «أنصبة إدارة خاصة» وتعطي الحكومة حقوق تصويت حاسمة، وقوة رفض قاطعة لبعض قرارات الأعمال، كما تعطي الحق في التدخل في المحتوى المقدم، كما هو الحال في شركات الإنترنت.
ويقول أليكس كابري الباحث في مؤسسة هنريتش إن هذه السياسة تعتبر كابوساً بالنسبة للمستثمرين الأجانب.
وأصدرت إدارة بايدن سلسلة من الأوامر التنفيذية تحد من استثمارات السندات المالية في المؤسسات الصينية التي تشتبه الولايات المتحدة في أنها تساعد الجيش الصيني.
«يمثل هذا منطقة رمادية للمستثمرين، إذ يتوغل الحزب الشيوعي الصيني في كل المجالات، العسكرية منها والمدنية. وسيعاني المستثمرون الأجانب خلال تأدية أعمالهم في ظل نظام صيني غامض».
بدأت الحكومة الصينية في طرح فكرة «الأنصبة الذهبية» عام 2013 بغرض تعزيز سيطرتها على الشركات الإعلامية المدعومة من الدولة، والتي انفتحت بعد ذلك للاستثمار الخاص، ولكن بعد انتشار الإنترنت على الهواتف المحمولة أخذت الحكومة الصينية أنصبة في عدد من شركات التكنولوجيا الخاصة التي تدير الأخبار وتطبيقات الفيديو لتحكم قبضتها على المعلومات في شبكة الإنترنت.
وبين عامي 2018 و2022، أخذ عدد من الجهات الحكومية حصصاً نسبتها 1 في المئة من منصات الأخبار والمحتوى الرائجة مثل «يو إس ليستيد» و«سينا ويبو» وغيرهما، وفقاً للشركات أو سجلات التسجيل العامة.
حاولت بيجين وقف التباطؤ السريع في اقتصاد الدولة بوقف مؤقت لسياستها الصارمة مع شركات التكنولوجيا، ويقول رئيس مجلس الدولة الصيني ليو خه خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الأسبوع الماضي إن الصين ستدعم نمو القطاع الخاص بينما تفتح أبوابها لاستقبال الاستثمارات الأجنبية.
ولكن يقول المحللون إن إغواء المستثمرين لن يكون سهلاً.
ويقول كابري إنه على الرغم من تخفيف الحزب الشيوعي للغرامات والعقوبات، لا تزال الحصص الذهبية تؤدي إلى النتائج نفسها؛ السيطرة والرقابة المشددة.
وقال سيلفر إن المستثمرين الغربيين قد يحجمون عن الاستثمار بالشراكة مع بيجين «يكمن الخطر في خضوع مصالح المستثمرين لمصالح الدولة».