قضت هيئة محلفين في كاليفورنيا بعدم مسؤولية الملياردير الشهير (إيلون ماسك) عن الخسائر التي تكبدها مساهمو (تسلا) بعد تغريدته المثيرة للجدل «التمويل مضمون» في 2018، لينهي الحكم، الصادر بإجماع الآراء، محاكمة استمرت لثلاثة أسابيع بشأن دعوى جماعية للمساهمين تتعلق بالتغريدة التي قال فيها (ماسك) إنه يفكر في إخراج الشركة من البورصة مقابل 420 دولاراً للسهم.
«التمويل مضمون». أدت هاتان الكلمتان إلى خسارة ماسك منصبه كرئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة (تسلا) وتغريمه ملايين الدولارات.
تحدث ماسك بالفعل إلى المسؤولين التنفيذيين في صندوق الثروة السيادي السعودي بشأن التمويل الذي سيحتاجه لتحويل (تسلا) إلى شركة خاصة غير مدرجة. لكن التمويل لم يكن «مضموناً» بأي حال.
كان المدعون – وهم العديد من مساهمي (تسلا) الذين زعموا أن قيمة استثماراتهم تدهورت إثر تقلبات أسعار الأسهم في أعقاب التغريدة – يطالبون بتعويضات مالية من (ماسك) و(تسلا) ومديرين آخرين في الشركة.
لكن هيئة المحلفين بالمحكمة الجزئية الأمريكية قضت في قرارها المُعلن يوم الجمعة بأن المدعين لم يثبتوا أي من دعاواهم الأربعة بحق ماسك والمتهمين الآخرين.
أسهم (تسلا) بين الصعود والهبوط
«الحمد لله، حكمة الناس سادت!»، هكذا غرد (ماسك) بعد إعلان الحكم على المنصة ذاتها التي صار يملكها بعد صفقة قيمتها 44 مليار دولار. وتابع «أُقدر بشدة النتيجة التي توصلت إليها هيئة المحلفين بالإجماع».
ارتفعت أسهم (تسلا) 11 في المئة في يوم تغريدة (ماسك) «التمويل مضمون»، لكنها لم تصل قط إلى المستوى الموعود البالغ 420 دولاراً، وكانت ذروتها في ذلك اليوم عند 387.46 دولار. بل سرعان ما انخفض السعر إلى ما دون مستوى ما قبل التغريدات البالغ 344 دولاراً، ليسجل 263.24 دولار بعد شهر، عندما أصبح من الواضح أن التمويل ليس مضموناً.
قاد ذلك إلى رفع دعوى المساهمين التي وصلت إلى المحاكمة بعد أكثر من أربع سنوات.
لكن السهم شهد تحولاً من الخسائر إلى الأرباح بعد حوالي عام من التغريدة، وسط موجة صعود غير عادية لأسهم (تسلا) التي ارتفعت 1520 في المئة منذ يوم التغريدة إلى أعلى مستوى لها في نوفمبر تشرين الثاني 2021. هذا الإغلاق القياسي البالغ 409.97 دولار يعادل 6150 دولاراً عند تعديل السعر للأخذ في الحسبان عمليتي تجزئة لاحقتين للسهم منذ ذلك اليوم. وحتى مع انخفاض أسهم (تسلا) 70 في المئة من أعلى مستوى لها على الإطلاق حتى إغلاق يوم الجمعة، فمازال السهم مرتفعاً بنسبة 384 في المئة منذ إغلاق يوم تغريدة 2018.
مستثمرو (تسلا) يخسرون؟
كانت تغريدة (ماسك) السبب أيضاً في إقامة دعوى مدنية من قبل (لجنة الأوراق المالية والبورصات)، وهي الهيئة الأمريكية المخولة بحماية المستثمرين من خلال إلزام المديرين التنفيذيين بقول الحقيقة، حيث سعت في البداية إلى تجريده من منصبه كرئيس تنفيذي للشركة، لكن توصلت في النهاية إلى تسوية مع (ماسك) وافق فيها، هو وتسلا، على دفع غرامة قدرها 20 مليون دولار، كما تنازل عن منصبه كرئيس للشركة مع احتفاظه بموقع الرئيس التنفيذي.
كما ألزمته اللجنة بإرسال أي تغريدة تحتوي على معلومات جوهرية بخصوص (تسلا) لمراجعتها مسبقاً من قبل مديرين آخرين في الشركة.
أدلى المدعي الرئيسي في دعوى المساهمين، (جلين ليتلتون)، بشهادته الشهر الماضي، حيث قال إنه خسر أكثر من 75 في المئة من استثماراته بعد تغريدة «التمويل مضمون». وتابع قائلاً «أردت أن أحمي مصدر رزقي. هذا تهديد لسُبل عيشي”، مشيراً إلى عدم تحول (تسلا) في نهاية المطاف إلى شركة خاصة عند سعر يبلغ 420 دولاراً للسهم.
في المقابل، دفع ماسك في شهادته بأن تغريداته لا ترفع سعر سهم (تسلا) ولا تخفضه. وقال «من الواضح ببساطة أنه لا توجد علاقة سببية».
وأضاف أن القيود المفروضة على عدد الأحرف الممكن استخدامها في (تويتر) جعلت من الصعب الإطالة كما هو الحال في إشعار مالي رسمي، والذي يكون تفصيلياً، ويخضع للوائح، ويفحصه خبراء الإفصاح المالي.
(إيلون ماسك) ما بعد الحكم
يقول (مينور مايرز)، أستاذ قانون الشركات في جامعة كونيتيكت، إن (ماسك) من المرجح أن «يتشبث أكثر» بتكتيكاته في الاتصال بعد الحكم.
وقال (مايرز) في تصريحات لوكالة رويترز «هذا سيشجعه على التصرف بالطريقة التي يراها».
تخلى ماسك في نهاية المطاف عن جهوده لتحويل (تسلا) إلى شركة خاصة، لكنه أخبر المحلفين في وقت مبكر من المحاكمة أنه كان يُصدق ما كتبه في التغريدات.
وقالت (كارين وودي)، الأستاذة المساعدة في جامعة واشنطن وكلية الحقوق بجامعة لي، إنها كانت تعتقد أن القضية ضد (ماسك) «ذات أساس متين»، وقد صدمها الحكم. وتابعت «لقد تخطى الحدود، وفاز.. أتوقع أن يكتب (إيلون) أي شيء يريده».
وقال (آدم بريتشارد)، أستاذ القانون بجامعة ميشيغان، «هو لا يريد أن يلعب وفقاً لقواعد هيئة الأوراق المالية والبورصات كما تفهمها الهيئة نفسها، ولا تريد الهيئة أن يُنظر إليها على أنها تتراجع.. أتوقع أن يستمروا في مواجهة صعوبات».
وعلى الرغم من ذلك، يرى العديد من المحللين، بحسب رويترز، أن (ماسك)، الذي غرد أكثر من 22 ألف مرة ولديه حوالي 128 مليون متابع على تويتر، لم يعد لديه ما يدعوه لكبح جماح تغريداته. وقال (كيم فورست)، كبير مسؤولي الاستثمار في (بوكيه كابيتال بارتنرز)، «كثير من الناس، عندما يواجهون دعوى قضائية من هذا النوع، كانوا سيتراجعون عن التغريد.. لكن لم يكن هذا هو الحال في صفقة (تويتر)، أليس كذلك؟»
وأضاف «يعيش (ماسك) بقواعده الخاصة، على ما يبدو».
(كلير دافي ومات مكفارللاند – CNN)