أضفى الذكاء الاصطناعي، مطلع هذا العام، نكهة جديدة على الاستثمار في مجال التكنولوجيا، وامتد أثر ذلك على أسعار أسهم شركات التكنولوجيا سواء الكبيرة أو الصغيرة.
وكرد فعل لإطلاق الروبوت «تشات جي بي تي»، هرع عمالقة التكنولوجيا، «غوغل» و«مايكروسوفت» و«بايدو»، إلى الإعلان عن خططهم الكبيرة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي؛ ما تسبب في رفع أسهم تلك الشركات، فيما عدا أسهم «ألفابت»، المالكة لـ«غوغل»، التي تراجعت بعد العرض التجريبي المتعثر لتطبيقها الذي يعمل بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي «بارد».
كما توجه المستثمرون للمزايدة على أسهم الشركات الأصغر حجماً، التي تسعى جاهدة لصنع أسماء لأنفسها في خضم سباق الذكاء الاصطناعي، فمثلاً تضاعفت قيمة أسهم «شركة سي ثري إيه آي» لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لتصل قيمة السهم الواحد إلى نحو 26 دولاراً، كما تضاعفت قيمة شركة «ساوند هاوند إيه آي» التي تقوم بتطوير برامج التعرف على الخطابات الصوتية، إذ قال رئيسها التنفيذي كيفان مهاجر «نطمح إلى تطوير ذكاء اصطناعي يتفوق حتى على البشر في فهم اللغات، ويجيد التفاعل والرد كما يجيده البشر»، أما سهم شركة «بغ بير إيه آي»، التي تقدم حلولاً بالذكاء الاصطناعي لمؤسسات حكومية أميركية، فقفز بنحو 700 في المئة إلى الآن منذ بداية عام 2023.
وتذكرنا حالة الهوس الراهنة بأسهم شركات الذكاء الاصطناعي بحالات مشابهة ضارب فيها المستثمرون في أسواق التكنولوجيا بجنون، كما حدث سابقاً في عام 2021 حين ارتفعت أسهم شركات العملات المشفرة بشكل كبير قبل أن تنخفض سريعاً في عام 2022، وفي التسعينيات من القرن الماضي قفزت أسهم شركات الإنترنت عالياً لتهبط مرة أخرى في عام 2000.
لذا، يحتاج المستثمرون إلى التروي قبل الاندفاع نحو الهوس الجديد، فحتى ماندي لونغ، الرئيسة التنفيذية لـ«بغ بير إيه آي»، قالت «هل سيظل الناس يتحدثون عن الذكاء الاصطناعي لبقية حياتهم؟ على الأرجح لا»، وأضافت أن شركتها تهدف إلى خلق نمو مستدام.
لا نقول هنا إن الذكاء الاصطناعي مجرد فقاعة عابرة، فاستثمارات الشركات الكبيرة في هذه التكنولوجيا تمنعنا من قول ذلك، وكما خلفت لنا حقبة التسعينيات شركات كبرى مثل «أمازون»، و«إيباي»، و«بوكينغ هولدنغ»، فمن الممكن أن تتخطى بعض شركات الذكاء الاصطناعي المبتدئة المشاكل الحالية، وتزدهر على المدى الطويل، إلا أن نضج هذه الصناعة سيحتاج إلى وقت، فوفقاً للمحللين المتابعين، من غير المتوقع أن تجني شركات «سي ثري إيه آي»، و«بغ بير إيه آي»، و«ساوند هاوند» أرباحاً خلال هذا العام أو العام القادم، كما أتت السوق المتراجعة خلال عام 2022 على أسهم الشركات الثلاث.
وقالت لونغ إن وضع السيولة الضعيف يتسبب في تشتيت شركة «بغ بير إيه آي» والمستثمرين فيها، كما أنهم يحتاجون إلى بناء رأس المال كي يمكنهم من النمو على المسار الصحيح، وعلى الرغم من تنامي الطلب على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فإن هذه الأوقات لا تزال صعبة بالنسبة للعديد من شركات التكنولوجيا الصغيرة والناشئة، خاصةً أن مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) يستعد حالياً لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى لمحاربة التضخم.
قال توم سيبل، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لـ«سي ثري إيه آي» في هذا الشأن «أعتقد أن الأضرار ستكون أخطر مما يعتقده الناس»، إلا أنه أبدى تفاؤله بخصوص العام القادم، إذ قال عن شركته إنها ستكون «أكبر، وأقوى، وذات ربحية أكبر».
كتب- بول آر لامونيكا (CNN)