وقفت آية بابتسامتها الهادئة وخلفها صورة لسمكة وشعار «البحر على موبايلك»، وعلى بعد عشرة أمتار، جلست فاتن ابنة قبيلة السواركة برفح خلف نقابها وراء طاولة تعرض عليها المشغولات اليدوية لسيدات شمال سيناء، أما نادين، فوقفت تشرح تفاصيل عن تنظيم حفلات الزفاف وطرق تموليها.

هكذا كان المشهد في حرم الجامعة الأميركية بالقاهرة عشية اليوم العالمي للمرأة ضمن معرض للاحتفال بتخريج مجموعة من رائدات الأعمال المصريات اللاتي استفدن من منحة «هي تستطيع» لتمكين المرأة، والتي قدمتها كلية التعليم المستمر.

التقت «CNN الاقتصادية» بالنساء الثلاث ليرسمن ملامح لأنفسهن وشركاتهن الناشئة.

فاتن غنيم.. من قيود الأسرة والقبيلة إلى ريادة الأعمال

كنت أول فتاة من قرية شبانة التابعة لمدينة رفح التي تذهب للدراسة في الجامعة، عندما انتهيت من دراسة العلوم في جامعة قناة السويس، رفض أبي أن أعمل معيدة في كلية العلوم، لم تكن قواعد القبيلة تسمح لي أن أذهب لأبعد من ذلك، عند دخول داعش إلى مناطقنا في رفح، اضطررنا للرحيل، وقتها أدركت أن تراثنا من الأعمال اليدوية والملابس البدوية سيتشتت في كل أنحاء مصر مع شتات أهالي رفح، في الوقت نفسه، كانت السيدات تحتاج إلى مصدر رزق يعينهن على الحياة الجديدة خارج سيناء وخارج القبيلة.

بنيت نموذج أعمالي على أساس هذه المتغيرات، أتعامل فقط مع ست نساء كقادة للمجموعات وأرسل لهن التصميمات والطلبيات ويقمن بالتواصل مع أكثر من 200 سيدة لتنفيذ الأعمال يدوياً، قمت بتأسيس (بدوية) عام 2016 باستثمارات شخصية تخطت مليون جنيه.

فاتن أسست شركتها الناشئة على الرغم من قيود أسرتها وقبيلتها (تصوير كريم حسام الدين)

تشكل الإكسسوارات نحو 70 في المئة من مبيعات (بدوية)، الطلب على الأقراط والدلايات والأحزمة والأساور مرتفع، وصغر حجمها يساعد السيدات العاملات على إنتاج الكثير منها وزيادة أرباحهن، فهي تتطلب مجهوداً أقل.

على الرغم من تطابق التصميمات فإنني أواجه تحدياً كبيراً وهو عدم وجود أي قطعة مكررة، الألوان تختلف لأن كل قطعة تنفذ باستخدام حبات الخرز والخيوط التي تتوفر عند السيدة المنتجة لها، ولكن هذا يكلفني خسارة نحو 30 في المئة من الطلبيات، فعندما يطلب موزع 100 قطعة متماثلة أعرف أنه جاء إلى المكان الخطأ.

جئت إلى الجامعة الأميركية لتعلم ما كنت أفتقد إليه في نموذج أعمالي، أدركت مثلاً أنني كنت أستهدف زبائن في المكان الخطأ، كنت أظن في البداية أن أوروبا المكان المناسب لتحقيق المبيعات، ولكنني اكتشفت الزبائن أقرب كثيراً، نساء الأردن وفلسطين يرتدين ما أقوم بتصنيعه وأقدمه بسعر منافس.

«هدفي البيع عبر الإنترنت فقط، سيكون الموقع جاهزاً نهاية عام 2023 والتطبيق سيطلق بعد عامين، وحسب نموذج الأعمال، من المتوقع أن نبيع بما قيمته عشرة آلاف جنيه في اليوم الواحد على أن يقفز هذا الرقم إلى خمسين ألف جنيه في اليوم قبل مرور خمس سنوات».

آية منير.. تركت الهندسة لتُأسس تطبيقاً لتجارة الأسماك

أدركنا منذ البداية أننا سننطلق سريعاً ولم نعتبر أنفسنا شركة صغيرة أو متوسطة، بل فهمنا أن (سي فوود فاكتوري) شركة ناشئة، نحن نبيع حوالي عشرة آلاف عبوة في الشهر الواحد، ونجحنا بعد أربع سنوات من العمل في الحصول على ثلاثة في المئة من الحصة السوقية لتجارة الأسماك في مصر، ونطمح في الحصول على 12 في المئة من السوق بعد ثلاث سنوات.

(سي فود فاكتوري) هو أول تطبيق هاتفي معني بالمأكولات البحرية في مصر، نعمل في كل أنواع الأسماك سواء كانت مجهزة أو متبلة أو منظفة أو بحالة خروجها من البحر أو حتى جاهزة للأكل، اهتممنا بالسمك لأنه منتج مُهمل في الأسواق وفي المتاجر الكبرى، الرائحة النفاذة التي تخترق أنوفنا في أماكن بيع الأسماك هي علامة على بداية فساد السمك، يجب أن يصل السمك إلى العميل وهو يحمل رائحة البحر.

آية منير مستعدة لدخول جولة تمويلية للتوسع في أعمال شركتها «سي فوود فاكتوري». (تصوير كريم حسام الدين)

نموذج الأعمال بسيط وهو إيصال السمكة إلى العميل في حيز يوم واحد منذ خروجها من البحر الأحمر، أو تجميد الأسماك في نفس يوم خروجها من البحر، يتم تنظيف وتجهيز وتغليف الأسماك في مصنعنا في القاهرة الجديدة ثم تُرسل إلى أحد مراكز التوزيع الستة في القاهرة والإسكندرية ليتم توصيلها إلى العميل في اليوم نفسه، يجب أن تتم هذه العملية بمنتهى السرعة حيث إننا في بلد شديد الحرارة والسمك منتج سريع التلف على عكس أنواع اللحوم الأخرى.

ذهبنا إلى دبي في العام 2018 لندرس كيفية التعامل مع السمك وحفظه وتنظيفه وعندما عدنا إلى مصر افتتحنا المصنع لتطبيق كل ما تعلمناه هناك.

«أطلقنا الشركة باستثمارات شخصية وصلت إلى عشرة ملايين جنيه ولم ندخل أي جولات تمويلية حتى الآن حتى تستقر شركتنا، لا نفرط إلا في نسب صغيرة منها عند دخول مستثمرين جدد، جئت إلى هذه المنحة كي أتعلم كيفية التفاوض والدخول في جولات تمويل وأظن أننا جاهزون لها من اليوم».

نادين فراج.. طُموح لجمع 200 ألف دولار

أنا أحب الأفراح وجاءت لي فكرة (فرحي) منذ العام 2017، تعتبر الأفراح من ألطف التجمعات الاجتماعية في مصر ولا يوجد سقف للخيال فيما يمكن أن نقدمه للعميل، نبدأ من حجز القاعات وتجهيزها حتى تنظيم رحلات شهر العسل في أي مكان في العالم، بل أحياناً نعمل على تنظيم تفاصيل عرض الزواج.

أسست (فرحي) مع شريكتي باستثمارات شخصية بلغت نحو 250 ألف جنيه ونجحنا حتى اليوم في المشاركة في تنظيم 300 فرح في أقل من ثلاث سنوات وأصبحت الإيرادات مصدراً رئيسياً للتمويل.

يستطيع العملاء اختيار كافة العناصر من أنواع التصوير والورود والإضاءة وأقمشة الزينة والسيارة عن طريق موقعنا على الإنترنت كما أنهم يستطيعون الدفع بالتقسيط عن طريق تطبيقات التمويل الاستهلاكي مثل فاليو وكونتكت.

نادين فراج
نادين فراج تبحث عن 200 ألف دولار لتوسيع أعمال شركتها وتنظيم حفلات زفاف في الخليج العربي والمغرب (تصوير كريم حسام الدين)

«حققنا أرباحاً جيدة في العامين الماضيين ونتوقع أن ندخل في جولة تمويلية لحصاد 200 ألف دولار كاستثمار من داخل السوق المصري. سيساعدنا هذا التمويل في التوسع وفي إنشاء التطبيق حيث إننا لن نتمكن من التوسع إذا اعتمدنا فقط على الإيرادات، كما نرحب بدخول مستثمرين مقابل حصة، ساعدنا برنامج «هي تستطيع» في تعلم كيفية اختيار أفضل وقت لبداية جولات تمويلية وطريقة التفاوض السليمة، أرى (فرحي) شركة كبيرة وأتوقع أن نقوم بعد خمس سنوات بتنظيم أفراح في دول الخليج وربما المغرب العربي».