يُعتبر الاستحواذ المحتمل على نادي باريس أف سي من قِبل عائلة برنارد أرنو، والذي كشفت عنه الصحف الفرنسية يوم الأربعاء، خطوة مهمة في تطوير كرة القدم الفرنسية، حيث ستشهد العاصمة باريس منافسة شرسة بين فريقين قويين مدعومين مالياً؛ ما قد يرفع مستوى الدوري الفرنسي ويجعله أكثر تنافسية على الساحة الأوروبية

يقول جان-باتيست غيغان، الخبير في الجغرافيا السياسية للرياضة والمشجع لنادي باريس سان جيرمان، إن هذا الاستحواذ قد يمثل نقطة تحول في كرة القدم الفرنسية، حيث سيؤدي إلى ولادة ديربي حقيقي في باريس؛ ما سيضفي على الدوري الفرنسي إثارة جديدة ويجعله أكثر تنافسية على المستوى الأوروبي.

وأضاف: «على المدى المتوسط، سيستفيد باريس أف سي من القدرة المالية لعائلة أرنو، الأولى في فرنسا والخامسة عالمياً، وخبرة ريد بول الرياضية الغنية عن التعريف التي تعززت مع الإعلان عن قدوم (مدرب ليفربول الإنجليزي السابق) يورغن كلوب كمدير للأنشطة المتعلقة بكرة القدم في الشركة».

لم يتأكد شيء بعد، وحسب صحيفة ليكيب الفرنسية التي كشفت عن المعلومة الأربعاء، يُتوقع أن يتم إضفاء الطابع الرسمي على الاستحواذ في غضون أيام قليلة ولا يزال الترتيب المالي عرضة للتغيير، وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، لم يرغب باريس أف سي وعائلة أرنو بالتعليق على المسألة.

وحسب مصدر قريب من المفاوضات، قال لـ”فرانس برس” إن النادي الباريسي الذي يحتل راهناً صدارة دوري الدرجة الثانية بعد ثماني مراحل على بدايته، وعائلة أرنو سيصدران إعلاناً في 17 تشرين الأول أكتوبر.

صفقة على وشك الانتهاء

وحسب المصدر نفسه، ستكون عائلة أرنو، مالكة العلامة التجارية الفاخرة «أل في أم أش»، المساهم الأكبر في النادي بنسبة 55 في المئة مقابل 15 في المئة لريد بول، فيما يحتفظ بيار فيراتشي الرئيس الحالي والمساهم الأكبر بحصة 35 في المئة قبل أن يبيع أسهمه لعائلة أرنو في 2027.

وسيتخلى رجل الأعمال البالغ 72 عاماً والحاضر في النادي منذ عام 2006، عن منصب الرئيس لأنطوان أو فريديريك أرنو، نجلي برنار، حسب مفاوضات الاستحواذ.

والمفاوضات التي انطلقت في نيسان أبريل الماضي على وشك الانتهاء، يبقى إيجاد مخرج لمساهمي الأقلية في المجموعة.

لا يتعلق الأمر بالبرازيلي راي، سفير النادي ومساهم الأقلية الذي سيحتفظ بحصته ومنصبه بعد وصول عائلة أرنو.

لن تحصل تغييرات جذرية سريعة أيضاً، حتى ولو أن عائلة أرنو ستستثمر مبالغ كبيرة في النادي، إلا أنها لن تصرف عشوائياً.

وإذا كانت لديهم طموحات كبيرة، فإن هدفهم الأول هو وضع النادي في طليعة المنافسين على لقب الدرجة الأولى كي يتمكنوا من خوض البطولات الأوروبية.

ثورة لطيفة في النادي الذي تأسس في أورلي ومن المتوقع أن يبقى في فال دو مارن، مع رغبة في توسيع مركز التدريب الذي أصبح ضيقاً بعض الشيء، بدلاً من تركه.

لكن باريس أف سي مع عائلة أرنو لن ينافس فوراً جاره العملاق باريس سان جرمان.

باريس سان جيرمان يرحب

حسب المقربين من القطري ناصر الخليفي رئيس سان جيرمان، فإنه يرحب بإمكانية شراء عائلة أرنو لباريس أف سي، علما أن أنطوان أرنو مشجع لسان جيرمان ويرتاد ملعب بارك دي برانس بانتظام.

ويرى المسؤول القطري أن الأمر رائع لباريس، رائع لكرة القدم الفرنسية، ويعتقد أن ارتفاع منسوب التنافس سيكون مناسباً لفريقه.

ويضيف غيغان «حتماً سيشكل هذا الأمر تحدياً لباريس سان جيرمان على الصعيد الرياضي في المدى الطويل، لكن أيضاً اقتصادياً، لأنه يتعين عليه مشاركة منطقة كان يحتكرها… سيجبر سان جيرمان على إدارة أموره بشكل أفضل».

كما أن قدوم عائلة أرنو إلى باريس أف سي سيفيد كرة القدم الفرنسية التي تعاني أزمة مالية مرتبطة بالانخفاض الكبير في الإيرادات الناجمة عن حقوق البث التلفزيوني.

بطولة جاذبة

ولم يخف أحد رؤساء أندية الدرجة الأولى، متحدثاً دون الكشف عن هويته، حماسته تجاه «إلقاء الضوء الرائع» الذي سيجلبه هذا الاستحواذ إلى الدوري وبالتالي جميع أنديته.

في رابطة الدوري التي وضعت بأجواء تقدم المفاوضات، لم يشأ أحد إبداء الرأي، بانتظار تقدم المباحثات.

لكن قدوم صاحب العلامة التجارية الفاخرة إلى كرة القدم الفرنسية، يؤكد القناعة بأن الأخيرة تجذب أقوى المستثمرين ومن الممكن إيجاد حلول اقتصادية بديلة للمكاسب المالية الوحيدة المتمثلة في حقوق النقل التلفزيوني والتي تعتمد عليها الأندية بشكل كبير.