خلال اجتماعات جاكسون هول الأخيرة، أعلن رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أن «الوقت قد حان» لتعديل السياسة النقدية، ما يشير إلى احتمال قريب لتخفيض أسعار الفائدة، تشير هذه التصريحات إلى أن البنك المركزي الأميركي قد يبدأ في تقليل تكاليف الاقتراض للمستهلكين والشركات في المستقبل القريب، في ظل توقعات بتحولات كبيرة في الأسواق المالية.
ماذا يعني خفض سعر الفائدة؟
قال جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets لـ«CNN الاقتصادية» إن الاتجاه الحالي للاحتياطي الفيدرالي يشير إلى احتمال خفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل. أضاف يرق أن توقيت ووتيرة هذه التخفيضات سيعتمدان على البيانات الاقتصادية الواردة، مشيراً إلى أن الأسواق تتوقع خفضاً قد يصل إلى 100 نقطة أساس، ومع ذلك يعتقد يارك أن الاحتياطي الفيدرالي قد يكتفي بتخفيض 50 نقطة أساس بحلول نهاية العام، استناداً إلى أرقام سوق العمل.
أوضح يرق أن تأثير خفض الفائدة على الدولار الأميركي سيكون سلبياً، ولكنه نسبي حسب نسبة التخفيض، أشار إلى أن السوق قد بدأت بالفعل في تسعير هذه التخفيضات، ما يظهر في أداء مؤشر الدولار الذي وصل إلى أدنى مستوياته منذ عام، مقابل اليورو الذي وصل إلى أدنى مستوى له منذ عامين.
ورغم هذا الضعف في الدولار على المدى القصير، يرى يارك أن الدولار قد يشهد ارتداداً على المدى المتوسط والطويل، يعود ذلك إلى أن بقية البنوك المركزية قد تتجه أيضاً لتخفيض أسعار الفائدة، ما قد يجعل فارق الفائدة لصالح الدولار، إضافة إلى ذلك قوة الاقتصاد الأميركي مقارنةً بالاقتصادات الأخرى تمنح الدولار قوة دفع إضافية، خاصة في ظل التطورات الجيوسياسية التي تعزز دوره كملاذ آمن.
تأثير خفض الفائدة على الدولار.. سيناريوهات متعددة
من جانبه، أشار جوزيف ضاهرية، كبير استراتيجي الأسواق في TickMill، لـ«CNN الاقتصادية» إلى أن تخفيض أسعار الفائدة سيؤدي بلا شك إلى ضعف إضافي للدولار الأميركي، أوضح ضاهرية أن المؤشرات الاقتصادية، مثل تباطؤ سوق العمل وانخفاض معدلات التضخم، تمهد الطريق لتبني سياسة تيسيرية، حيث يبدو جيروم باول مقتنعاً بضرورة البدء في خفض أسعار الفائدة بدءاً من سبتمبر المقبل.
أضاف ضاهرية أن الأسواق بدأت بالفعل في التفاعل مع هذه التوقعات، إذ شهد مؤشر الدولار (DXY) تراجعاً ملحوظاً، ويتوقع أن يستمر هذا التراجع إذا تبنى الاحتياطي الفيدرالي نهجاً أكثر جرأة في تخفيض الفائدة، ومع ذلك أشار ضاهرية إلى أن التخفيض المحتمل بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر قد يكون أقل مقارنة بتخفيض 25 نقطة أساس، ولكن المستثمرين قد سعّروا هذه التوقعات بشكل كبير، ما يؤثر على معنويات الأسواق العالمية.
العوامل الدولية وتأثيرها على قوة الدولار
ليس فقط السياسات النقدية الداخلية هي التي تؤثر على الدولار، بل أيضاً السياسات العالمية تلعب دوراً كبيراً في هذا الصدد، أشار ضاهرية إلى أن تأثير خفض الفائدة الأميركية يعتمد بشكل كبير على سياسات البنوك المركزية الأخرى حول العالم، حيث بدأ العديد من هذه البنوك في تنفيذ سياسات نقدية تيسيرية، ما قد يؤثر على فارق أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، وبالتالي على القوة النسبية للدولار الأميركي.
من جانب آخر، يظل السياق السياسي مؤثراً رئيسياً في مسار الدولار خلال الأشهر المقبلة، حيث ستلقي نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على الدولار، وتحديداً إذا أدت إلى تغيرات جوهرية في السياسات الاقتصادية المتبعة.