سعياً لكبح جماح التضخم، الذي يُضعف القوة الشرائية للمستهلكين، رفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة على نحو مؤلم قد يدفع الاقتصاد إلى الركود، وفي الوقت نفسه، تستمر أرباح الشركات في الارتفاع، إذ وصلت هوامش الربح في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية لم تشهدها منذ الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.
كيف حدث هذا؟
يفسر بعض الاقتصاديين ذلك باستخدام مصطلح «تضخم الجشع»، والذي يعني أن الشركات تتذرع بمعدلات التضخم المرتفعة كي ترفع الأسعار لعملائها، بينما تحقق هوامش ربح قياسية.
قال ألبرت إدواردز، خبير الاقتصاد في بنك «سوسيتيه جنرال» في مذكرة الأسبوع الماضي إن «المحرك الأساسي» للتضخم المرتفع هو استغلال الشركات لعملائها من خلال رفع الأسعار لتحقيق المزيد من الأرباح.
أوضح إدواردز أن العملاء يتوقعون ارتفاع الأسعار لأنهم قرؤوا عن التضخم في الصحف، غير أن الشركات «استغلت بكل تأكيد توقعات ارتفاع التضخم» ورفعت أسعارها حتى مع بقاء تكاليفها كما هي، الأمر الذي زاد من صافي أرباحها.
يقول إدواردز إنه «بدلاً من اعتبار ذلك السبب الرئيسي لارتفاع التضخم، اعتبرت البنوك المركزية أن زيادة الأجور الاسمية سبباً لزيادة التضخم فيما يُعرف اقتصادياً بـ(دوامة الأجور والأسعار) (كلّما ارتفعت الأسعار ارتفعت الأجور، وكلّما ارتفعت الأجور زادت الأسعار)»، مشيراً إلى نظرية البنك المركزي القائلة إن نمو الأجور يجب أن يتباطأ كي تهبط الأسعار.
زادت رواتب الموظفين بنسبة 14 في المئة خلال الفترة من نهاية عام 2020 والربع الثالث من عام 2022، لكن أرباح الشركات قفزت بنسبة 28 في المئة.
وفي دراسة أكاديمية حديثة، أوضحت الخبيرة الاقتصادية في جامعة ماساتشوستس في أمهيرست إيزابيلا ويبر ما أطلقت عليه «دوامة السعر والسعر»، الذي يعني أن الشركات ترفع الأسعار بمعدلات أكبر من زيادة تكاليفها.
وفي هذا السياق، قال إدواردز إن الشركات «رفعت هوامشها، والأمر الأكثر إثارة للدهشة أنهم ما زالوا يفعلون ذلك حتى مع انخفاض تكاليف المواد الخام».
قالت لايل برينارد، النائب السابق لرئيس الاحتياطي الفيدرالي والمدير الحالي للمجلس الاقتصادي الوطني للولايات المتحدة، في يناير كانون الثاني إن «دوامة السعر والسعر» قد تضر الاقتصاد في النهاية، إذ إنها تمنع المستهلكين من الإنفاق.
وأوضحت أن «ضغط هوامش الربح، مع تخفيف قيود العرض وزيادة المخزونات وتراجع الطلب، يمكن أن يسهم في تخفيف التضخم».
ولكن «دوّامات السعر» لا يمكن أن تدوم إلى الأبد، وفقاً لما قالته أنابيل روديبيك، رئيسة قسم الائتمان غير الأميركي في «ويسترن أسيت»، وأضافت «سيقلل الركود من قدرة الشركات على زيادة الأسعار».
(نيكول غودكايند، CNN)