قطاع الأعمال الألماني يدق ناقوس الخطر قبل الانتخابات

قطاع الأعمال في ألمانيا يطلق تحذيراً شديداً بشأن تدهور الاقتصاد قبل انتخابات فبراير شباط 2025. (شترستوك)
ألمانيا
قطاع الأعمال في ألمانيا يطلق تحذيراً شديداً بشأن تدهور الاقتصاد قبل انتخابات فبراير شباط 2025. (شترستوك)

قطاع الأعمال في ألمانيا يُطلق تحذيراً شديداً بشأن تدهور الاقتصاد قبل انتخابات فبراير شباط، مطالباً بإصلاحات عاجلة لإنقاذ أكبر اقتصاد في أوروبا.

احتجاجات واسعة.. وصيحة إنقاذ

أطلقت كبرى المجموعات الصناعية في ألمانيا نداء استغاثة للحكومة يوم الأربعاء، محذرة من تفاقم أزمة الاقتصاد الألماني، مع تصاعد الاحتجاجات في أنحاء البلاد تحت شعار «يوم إشارة الاستغاثة» (SOS)، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وتأتي هذه التحركات قبل أسابيع فقط من انتخابات 23 فبراير شباط، وبعد عامين متتاليين من انكماش الاقتصاد الألماني، الذي يُعد ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

وفي بيان مشترك، أكدت اتحادات BDA وBDI وDIHK وZDH أن الشركات الألمانية تواجه «ظروفاً متدهورة بشكل متزايد للمنافسة»، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة بعد سنوات من التحذيرات حول المشكلات الهيكلية المتزايدة في الاقتصاد الألماني.

اقتصاد ألمانيا تحت الضغط

يواجه الاقتصاد الألماني أزمات متراكمة، أبرزها ارتفاع تكاليف الطاقة، وتباطؤ قطاع التصنيع، وتراجع الطلب على الصادرات الألمانية الرئيسية، خاصةً من الصين. وتسببت هذه العوامل في انكماش الاقتصاد الألماني لعام 2024 للسنة الثانية على التوالي، ما زاد المخاوف بشأن مستقبل النمو الاقتصادي في البلاد.

وتُحمِّل مجموعات الأعمال الحكومة مسؤولية تدهور الأوضاع، مشيرةً إلى أن مقترحاتها المتكررة لدعم الشركات لم تلقَ استجابة كافية من حكومة المستشار أولاف شولتس، الذي يقود حكومة أقلية بعد انهيار تحالفه الثلاثي في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.

المعجزة الاقتصادية الخضراء

في السنوات الثلاث الماضية، تحالف الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة شولتس مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (FDP)، لكن قطاع الأعمال يرى أن هذا التحالف أجّل الإصلاحات الضرورية، ولم يتعامل بجدية مع التحديات الاقتصادية.

وقال ممثلو الاتحادات الصناعية إن الحكومة "استخفت بالأزمة، وأسأت تقدير الوضع، وروّجت بشكلٍ مفرط لحلم (المعجزة الاقتصادية الخضراء)، في إشارة إلى السياسة الاقتصادية التي ركّزت على التحول إلى مصادر طاقة مستدامة، دون معالجة المشاكل الأساسية التي تواجه القطاع الصناعي.

تداعيات عودة ترامب إلى البيت الأبيض

أحد المخاوف الكبرى المطروحة هو فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بولاية جديدة، إذ تعهد باتخاذ إجراءات حمائية ضد التجارة العالمية، وهو ما يمثّل تحدياً كبيراً لأوروبا وألمانيا تحديداً، التي تعتمد بشدة على الصادرات.

وترى مجموعات الأعمال الألمانية أن عودة ترامب ستكون «نقطة تحول» تتطلب تعزيز القدرة التنافسية للصناعات الأوروبية لمواجهة أي إجراءات اقتصادية تقييدية قد يفرضها.

إصلاحات عاجلة مطلوبة

أكدت المجموعات الصناعية أن الحل لا يكمن في «إدارة الأزمات قصيرة الأمد»، بل يتطلب «إصلاحات هيكلية عميقة» في السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

وطالبت القطاعات الصناعية الحكومة الألمانية باتخاذ خطوات جريئة تشمل:

• تقليل البيروقراطية التي تعرقل نمو الشركات.

• تخفيض الضرائب على قطاع الأعمال.

• ضمان استقرار أسعار الطاقة وجعلها ميسورة التكلفة لدعم الإنتاج الصناعي.

• إيجاد مصادر جديدة للعمالة الماهرة، مع التركيز على استقطاب الكفاءات من الخارج.

وشددت على أن هذه القضايا يجب أن تكون «على رأس أولويات الحكومة المقبلة»، لضمان انتعاش الاقتصاد الألماني.

المعارضة المحافظة تدعم المطالب

حظيت هذه الدعوات بتأييد من زعيم المعارضة المحافظة فريدريش ميرتس، الذي يقود تحالف CDU-CSU ويتصدر استطلاعات الرأي قبل الانتخابات المقبلة.

وفي مقطع فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، قال ميرتس «لا يمكننا تحمل المزيد من الوقت الضائع»، مؤكداً أنه «على قناعة بإمكانية إعادة ألمانيا إلى مسار النمو»، وتعهد بأن تكون ألمانيا «منافسة مرة أخرى» في الأسواق العالمية.

ألمانيا أمام مفترق طرق

مع تصاعد الاحتجاجات الاقتصادية، والانكماش المستمر، وضبابية مستقبل التجارة العالمية، تواجه ألمانيا أحد أكبر التحديات الاقتصادية في تاريخها الحديث.. وفي ظل هذا المشهد، يبقى السؤال مفتوحاً، هل ستتخذ برلين إجراءات حاسمة قبل فوات الأوان؟