مبيعات التجزئة في أميركا تنخفض بأكبر نسبة في عامين خلال يناير 2025

مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة تسجل أكبر انخفاض لها منذ ما يقرب من عامين (رويترز)
مبيعات التجزئة في أميركا تنخفض بأكبر نسبة في عامين خلال يناير 2025
مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة تسجل أكبر انخفاض لها منذ ما يقرب من عامين (رويترز)

سجلت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة أكبر انخفاض لها منذ ما يقرب من عامين في يناير، متجاوزة التوقعات، وذلك بعد ارتفاع غير متوقع في معدلات التضخم، الذي تعهد الرئيس دونالد ترامب بكبحه.

جاء هذا التراجع في ظل موجة برد شديدة اجتاحت معظم أنحاء البلاد، إلى جانب حرائق الغابات في كاليفورنيا، وفقاً للبيانات الصادرة يوم الجمعة، والتي أظهرت انخفاضاً واسع النطاق عبر مختلف الفئات الاستهلاكية.

كما أن الأسر الأميركية تواصل استنزاف مدخراتها، في ظل استمرار الضغوط التضخمية وحالة عدم اليقين بشأن تهديدات ترامب بفرض تعريفات جمركية على السلع الواردة من شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة.

تراجع حاد في المبيعات

انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 0.9% بين ديسمبر ويناير، لتصل إلى 723.9 مليار دولار، ويرجع ذلك جزئياً إلى انخفاض مبيعات السيارات، وفقاً لوزارة التجارة الأميركية.

ويعد هذا التراجع الشهري الأكبر منذ أوائل عام 2023، وهو أكبر بكثير من الانخفاض المتوقع بنسبة 0.2% وفقاً لاستطلاع أجرته داو جونز نيوزوايرز ووول ستريت جورنال.

ويتوقع المحللون عموماً أن يشهد الاقتصاد الأميركي تباطؤاً في النمو هذا العام، مع متابعة دقيقة لقوة الاستهلاك باعتباره المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي.

وحذر خبراء من أن فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق لفترة طويلة قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الاستيراد، وهو ما قد يُترجم إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين.

ورغم تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية واسعة النطاق على كل من الحلفاء والخصوم التجاريين للولايات المتحدة، فإن معظم الزيادات الجمركية لم تدخل حيز التنفيذ بعد، حيث لا تزال المفاوضات جارية مع الدول المعنية.

تراجع في معظم القطاعات

من بين 13 فئة سجلتها وزارة التجارة، شهدت أربع فئات فقط نمواً شهرياً، بما في ذلك مبيعات محطات الوقود والمطاعم والحانات.

لكن مبيعات وكلاء السيارات وقطع الغيار تراجعت بنسبة 2.8% الشهر الماضي، كما انخفضت مبيعات متاجر الملابس وتجّار مواد البناء ومتاجر الأثاث.

وباستثناء مبيعات السيارات وقطع الغيار، سجلت مبيعات التجزئة انخفاضاً بنسبة 0.4% مقارنة بديسمبر.

ومع ذلك، ارتفعت مبيعات التجزئة في يناير بنسبة 4.2% مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لوزارة التجارة.

تباطؤ الزخم الاقتصادي

قالت كاثي بوستجانسيك، كبيرة الاقتصاديين في Nationwide، إن «التراجع الحاد في مبيعات التجزئة خلال يناير كان نتيجة رئيسية للظروف الجوية القاسية وحرائق الغابات في كاليفورنيا الشهر الماضي».

وتوقعت بوستجانسيك «انتعاشاً صحياً» في فبراير، لكنها أشارت إلى أن «الزخم القوي لإنفاق المستهلكين قد بدأ في التراجع».

بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي روبرت فريك من «Navy Federal Credit Union» أن التراجع كان دراماتيكياً، لكنه أكد أنه «لا يوجد سبب للقلق في الوقت الحالي».

وأشارت ليديا بوسور، كبيرة الاقتصاديين في «EY»، إلى أن المبيعات تميل إلى التقلب في بداية العام، مضيفةً أن الاستهلاك لا يزال «يبدو قوياً من الناحية الأساسية».

لكنها حذرت من أن الإنفاق الاستهلاكي قد يفقد زخمه بسبب «تراجع ظروف سوق العمل، واستمرار ارتفاع الأسعار، وأسعار الفائدة التي تقيد القوة الشرائية للأسر».

تأثير محتمل على النمو الاقتصادي

من جانبه، توقع كل من كارل وينبرغ وماري تشين من «High Frequency Economics» أن يدفع تقرير مبيعات التجزئة المراقبين إلى خفض توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

وأوضح الخبيران أن إنفاق المستهلكين كان محركاً للنمو في السنوات الأخيرة، مشيرين إلى أن أي ضعف في هذا القطاع قد يؤثر على توقعات الأسواق.

ورغم أن البيانات الأخيرة لن تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تغيير سياسته النقدية على الفور، فإن التقرير يعزز التوقعات بخفض أسعار الفائدة في المستقبل.

وأضاف وينبرغ وتشين «أي علامة على ضعف إنفاق المستهلكين ليست أخباراً جيدة للأسواق، حتى لو ساعدت التوقعات بخفض أسعار الفائدة والتضخم في دعم الأسهم».