اليابان تستعد لتسريع وتيرة رفع الفائدة وسط تزايد مخاطر التضخم

يستعد بنك اليابان لرفع أسعار الفائدة إلى 0.75 في المئة بحلول يوليو 2025، مع توقعات بمزيد من الزيادات حتى 2026. (رويترز)
اليابان تستعد لتسريع وتيرة رفع الفائدة وسط تزايد مخاطر التضخم
يستعد بنك اليابان لرفع أسعار الفائدة إلى 0.75 في المئة بحلول يوليو 2025، مع توقعات بمزيد من الزيادات حتى 2026. (رويترز)

تشهد اليابان تحولاً اقتصادياً بارزاً مع ارتفاع التضخم واستمرار صعود عوائد السندات، ما يدفع بنك اليابان المركزي إلى مراجعة سياسته النقدية وتسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة.

في ظل هذه المستجدات، أعادت الأسواق تقييم توقعاتها بشأن السياسات النقدية، إذ لم يعد يُنظر إلى أسعار الفائدة اليابانية على أنها ستظل عند مستوياتها المنخفضة تاريخياً، وهو ما يمثّل تغيراً جوهرياً في النهج الاقتصادي الذي اتبعته اليابان عدة عقود.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

توقعات برفع الفائدة

أعلنت شركة ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي للأوراق المالية، يوم الاثنين، أنها تتوقع أن يرفع بنك اليابان المركزي (BOJ) سعر الفائدة من 0.5 في المئة إلى 0.75 في المئة في يوليو تموز المقبل، متقدمة بذلك على التوقعات السابقة التي كانت ترجّح حدوث الزيادة بين أكتوبر تشرين الأول وديسمبر كانون الأول.

كما توقعت أن تصل الفائدة إلى 1.0 في المئة في يناير كانون الثاني 2026، بدلاً من أواخر العام نفسه، في ظل تزايد المؤشرات على استمرار الضغوط التضخمية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

يرى المسؤول السابق في بنك اليابان، نوبو ياسو أتاجو، أن هناك احتمالاً لرفع أسعار الفائدة خلال اجتماع 30 أبريل نيسان - 1 مايو أيار، إذ بدأ البنك المركزي بالتركيز على مخاطر ارتفاع التضخم عن المستويات المستهدفة، وفقاً لرويترز.

ارتفاع عوائد السندات اليابانية إلى مستويات تاريخية

ترافق هذا التوجه مع ارتفاع عوائد السندات الحكومية اليابانية، إذ قفز العائد على السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 2.5 نقطة أساس ليصل إلى 1.375 في المئة يوم الاثنين، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2010. كما ارتفع العائد على السندات لأجل 5 سنوات بمقدار 3.5 نقطة أساس ليصل إلى 1.040 في المئة، وهو مستوى لم يُشهد منذ 2008.

يأتي هذا الصعود بعد صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي الياباني للفترة من أكتوبر تشرين الأول إلى ديسمبر كانون الأول، والتي أظهرت قوة الاقتصاد، إلى جانب استمرار الضغوط التضخمية، ما عزّز التوقعات برفع أسعار الفائدة في الأجل القريب.

تحركات الأسواق وتوقعات الفائدة

تشير بيانات السوق إلى أن هناك احتمالاً بنسبة 80 في المئة بأن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة إلى 0.75 في المئة في يوليو تموز، كما يتوقع بعض الاقتصاديين أن الزيادة التالية ستحدث خلال النصف الثاني من العام.

في تقريره ربع السنوي الصادر في 24 يناير كانون الثاني، أكد بنك اليابان أن نقص العمالة المزمن في البلاد يؤدي إلى ارتفاع الأجور وزيادة التضخم، ما يعزّز مبررات رفع الفائدة.

وبعد أسبوع واحد، صرّح نائب محافظ البنك ريوزو هيمينو أن بقاء أسعار الفائدة الحقيقية في المنطقة السلبية فترة طويلة أمر غير طبيعي، كما أشار عضو مجلس إدارة البنك ناوكي تامورا إلى أن الفائدة يجب أن ترتفع إلى 1 في المئة على الأقل بحلول أوائل 2026.

من جهته، توقع عضو مجلس إدارة البنك السابق ماكوتو ساكوراي أن تصل الفائدة إلى 1.5 في المئة خلال العامين المقبلين، وهو ما يتماشى مع تقديرات صندوق النقد الدولي الذي يرى أن المستوى «المحايد» لأسعار الفائدة في اليابان يقع بين 1 في المئة و2 في المئة، مع نقطة وسطية عند 1.5 في المئة، متوقعاً أن يصل بنك اليابان إلى هذه المستويات بحلول 2027.

دور السياسة الأميركية في تحركات بنك اليابان

يعتقد بعض المحللين أن توجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو إصلاح العجز التجاري قد يسهم في تمهيد الطريق أمام بنك اليابان لرفع الفائدة؛ فمن خلال تقليص مقاومة الحكومة اليابانية التقليدية لقوة الين، قد يصبح رفع الفائدة خياراً أكثر قبولاً.

وفي السياق ذاته، أعلن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت يوم الجمعة أن واشنطن ستدرس ما إذا كانت بعض الدول تتلاعب بعملاتها، في إطار خططها لوضع تعريفات متبادلة. وعلقت ناومي موغورما، كبيرة محللي السندات في ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي، قائلة «الحكومة اليابانية تدرك المخاطر السياسية التي قد تنشأ إذا اعتُبرت بأنها تتجاهل ضعف الين في نظر واشنطن».

ومع استمرار ارتفاع التضخم وتحسن أداء الاقتصاد الياباني، يبدو أن بنك اليابان المركزي يتجه إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع وأعلى مما كان متوقعاً، وبينما تستعد الأسواق لاحتمالية وصول الفائدة إلى 1.5 في المئة خلال العامين المقبلين، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق توازن بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم دون التسبب في تباطؤ اقتصادي مفاجئ.