أصبحت أوكرانيا، التي تمتلك احتياطات ضخمة من المعادن النادرة والمهمة للصناعات الدفاعية والتكنولوجية، محور اهتمام الولايات المتحدة خاصة مع تصاعد الحديث عن صفقة محتملة بين كييف وواشنطن. فما هي هذه المعادن؟ ولماذا يهتم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟ وكيف يمكن أن تؤثّر هذه الصفقة في إنهاء الحرب مع روسيا؟
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
المعادن الحيوية في أوكرانيا
تُعدّ أوكرانيا إحدى الدول الغنية بالمعادن النادرة، إذ تمتلك احتياطات مهمة من 22 نوعاً من أصل 34 معدناً تعتبرها أوروبا حيوية، وفقاً لمعهد الجيولوجيا الأوكراني.
وتشمل هذه المعادن عناصر الأرض النادرة مثل النيوديميوم، اللانثانوم، والسيريوم، التي تدخل في صناعة التوربينات الهوائية، والبطاريات، والأجهزة الإلكترونية، والصناعات الدفاعية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
كما تمتلك أوكرانيا مخزوناً ضخماً من الليثيوم يصل إلى 500 ألف طن، الذي يُعتبر مكوناً أساسياً في صناعة البطاريات القابلة لإعادة الشحن، بالإضافة إلى الغرافيت الذي تستحوذ أوكرانيا على 20 في المئة من إجمالي احتياطياته العالمية، كما تضم التيتانيوم، وهما معدنان ضروريان للصناعات العسكرية والطاقة النووية.
لماذا يهتم ترامب بالمعادن الأوكرانية؟
بحسب تقارير صحفية صدرت عن رويترز ووكالة «إن بي آر»، يسعى ترامب إلى تأمين وصول الولايات المتحدة إلى هذه الموارد الاستراتيجية كجزء من إعادة تقييم المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وفي مقابلات تلفزيونية، أكد ترامب أن واشنطن لن تستمر في دعم كييف مالياً دون مقابل ملموس، واقترح أن تُسدد هذه المساعدات من خلال منح الولايات المتحدة حقوق استغلال المعادن الأوكرانية.
وقد أرسل ترامب وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، إلى كييف لمناقشة اتفاقية تسمح للشركات الأميركية باستغلال هذه المعادن، يأتي ذلك في وقتٍ تحاول فيه أوكرانيا حشد الدعم الأميركي لمواجهة روسيا، ما يجعل هذه الصفقة خياراً استراتيجياً لكلا الطرفين.
الحرب وقطاع التعدين في أوكرانيا
أدّت الحرب المستمرة إلى فقدان أوكرانيا السيطرة على جزء كبير من مواردها المعدنية، إذ تسيطر روسيا الآن على نحو 40 في المئة من ثروات المعادن الأوكرانية، وفقاً لتقديرات المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية.
ومن بين الموارد المفقودة، تقع العديد من مناجم الفحم في الشرق، بالإضافة إلى احتياطات الليثيوم في منطقتي دونيتسك وزاباروجيا التي تحتلها روسيا.
ومع ذلك، لا تزال كييف تسيطر على بعض الموارد المهمة، مثل الليثيوم في منطقة كيروفوهراد والتيتانيوم في وسط وغرب البلاد، وقد سعت الحكومة الأوكرانية إلى جذب الاستثمارات الغربية في قطاع التعدين، إذ تعمل على تقديم نحو 100 موقع للاستغلال المشترك، مع تقديرات بأن القطاع يمكن أن يستقطب استثمارات تتراوح بين 12 و15 مليار دولار بحلول عام 2033.
هل يمكن أن تسهم صفقة المعادن في إنهاء الحرب؟
يرى بعض المحللين لدى وكالة رويترز أن إبرام اتفاق حول المعادن الحيوية قد يكون خطوة نحو تعزيز الدعم الأميركي لأوكرانيا، ما يمنحها ورقة ضغط إضافية ضد روسيا.
وبحسب السيناتور الأميركي ليندسي غراهام، فإن توقيع هذه الصفقة سيجعل
الولايات المتحدة «ملتزمة بالدفاع عن مصالحها الاقتصادية» في أوكرانيا، وهو ما قد يشكّل ردعاً لروسيا.
وفي الوقت ذاته، هناك مخاوف من أن مثل هذه الصفقة قد تعقد المشهد السياسي، إذ أشار وزير الخارجية الأوكراني السابق دميترو كوليبا إلى أن المعادن الأوكرانية ليست ملكاً لكييف وحدها، بل إنها جزء من الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أن أي اتفاق مع الولايات المتحدة قد يُثير توترات مع الحلفاء الأوروبيين.
تحديات الصفقة
رغم رغبة الطرفين في التوصل إلى اتفاق، فإن هناك عقبات قانونية وسياسية تحول دون ذلك، فقد رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير
زيلينسكي التوقيع على مسودة الاتفاقية التي تقضي بمنح الشركات الأميركية 50 في المئة من حقوق استخراج المعادن، مؤكداً أن «أي صفقة يجب أن تتضمن ضمانات أمنية حقيقية لأوكرانيا».
كما أن بعض البنود المقترحة قد تتعارض مع القوانين الأوكرانية، ما دفع كييف إلى تعديل بعض الشروط لضمان توافقها مع التشريعات المحلية، وتدور المناقشات حالياً حول إيجاد صيغة تضمن تحقيق المصالح الاقتصادية لكلا الطرفين دون الإضرار بالسيادة الأوكرانية.
في النهاية تمثّل المعادن الحيوية في أوكرانيا عنصراً استراتيجياً يمكن أن يؤثّر في مسار الحرب والعلاقات الدولية، وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين وصولها إلى هذه الموارد لضمان تفوقها التكنولوجي والصناعي، تحاول أوكرانيا الاستفادة منها كوسيلة لضمان استمرار الدعم الأميركي.
ومع استمرار المفاوضات، يظل هناك حالة عدم يقين حول ما قد تمثله هذه الصفقة من تحولات في المشهد العالمي والصراع الجيوسياسي.