انتخابات ألمانيا.. من يلجم مديونية الميزانية حتى لا تخرج عن السيطرة؟

أشخاص يسيرون أمام ملصق حملة انتخابية لمرشح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لمنصب المستشار فريدريش ميرز، أمس في بوتسدام - ألمانيا ( رويترز)
انتخابات ألمانيا.. من يلجم مديونية الميزانية حتى لا تخرج عن السيطرة؟
أشخاص يسيرون أمام ملصق حملة انتخابية لمرشح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لمنصب المستشار فريدريش ميرز، أمس في بوتسدام - ألمانيا ( رويترز)

اليوم تبدأ انتخابات حاسمة في ألمانيا، قد تغير جزءاً من المشهد السياسي، والمأمول أن تغير أيضاً المشهد الاقتصادي.

يصوت الألمان في انتخابات وطنية يوم الأحد من المتوقع أن تشهد استعادة المحافظين بزعامة فريدريش ميرز للسلطة وتحقيق حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف أفضل نتيجة له ​​على الإطلاق في حين يتجه القوة الاقتصادية المتعثرة في أوروبا نحو اليمين.

لقد كان تكتل ميرز، الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، يتصدر استطلاعات الرأي باستمرار ولكن من غير المرجح أن يفوز بالأغلبية بالنظر إلى المشهد السياسي المجزأ في ألمانيا، مما يضطره إلى البحث عن شركاء في الائتلاف.

ومن منظور اقتصادي، تجري المناقشة حول ما إذا كان ينبغي تخفيف قاعدة كبح الديون الصارمة في ألمانيا، فالحكومة الألمانية ملزمة دستورياً بالحفاظ على العجز الهيكلي للميزانية بما لا يتجاوز 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق تحليل «إكس إم».

إن تخفيف هذه القاعدة قد يقطع شوطاً طويلاً في تعزيز الإنفاق لانتشال الاقتصاد من الركود.

ولكن الحزب الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي ليسا حريصين على تعديلها ومن المرجح أن يربطا أي اتفاق لرفع سقف الاقتراض بشروط.

ومع ذلك، إذا أشارت نتائج الانتخابات صباح يوم الاثنين إلى ائتلاف بين الحزب الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، فقد يشهد اليورو ارتفاعاً متواضعاً، وإذا قرر زعماء الحزب في الأيام المقبلة إعطاء الأولوية لإصلاح نظام كبح الديون، فقد تشهد العملة الموحدة المزيد من المكاسب.

ومع ذلك، إذا جاء حزب البديل لألمانيا في المرتبة الثانية، فقد يواجه اليورو بعض ضغوط البيع، حيث قد تطلب الحكومة أصوات الحزب لإقرار بعض التشريعات حتى لو لم يكن مدرجاً في الائتلاف الجديد، ما يسمح له بالدفع ببعض أجندته اليمينية المتطرفة.

وفي أجواء مشحونة بالتوتر الاقتصادي والاجتماعي، تتجه ألمانيا إلى صناديق الاقتراع في انتخابات مبكرة يُنظر إليها باعتبارها الأهم منذ سنوات.

وبينما يحافظ المحافظون بقيادة فريدريش ميرتس على تقدمهم في استطلاعات الرأي بنحو 30 في المئة من الأصوات، يحقق حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف قفزة غير مسبوقة، مقترباً من 20 في المئة، مدفوعاً بموجة غضب شعبي تجاه تزايد الحوادث العنيفة المرتبطة بالمهاجرين.

ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تواجه انكماشاً اقتصادياً مستمراً لعامين متتاليين، في ظل تهديدات بحرب تجارية من جانب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وتزايد حالة عدم اليقين، إلى جانب أن انهيار الائتلاف الحاكم بقيادة المستشار أولاف شولتز، في نوفمبر تشرين الثاني الماضي، أفسح المجال لليمين المتطرف لتقديم نفسه بديلاً قوياً في مواجهة التحديات.

في ميونخ، خاطب ميرتس حشداً كبيراً، قائلاً: «غداً سنفوز في الانتخابات، وسينتهي كابوس هذه الحكومة»، تعهد زعيم الاتحاد المسيحي الديمقراطي بإعادة الاستقرار لألمانيا وتعزيز دورها القيادي في أوروبا، في وقت تواجه فيه القارة اختبارات مصيرية مع استمرار الحرب في أوكرانيا.

اللافت أن صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» لم يكن داخلياً فقط، إذ حصل الحزب على دعم علني من شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس؛ ما أثار جدلاً واسعاً حول تأثير التدخلات الخارجية على السياسة الألمانية.

رغم تراجع شعبية حزبه إلى 15 في المئة، حاول شولتز استمالة الناخبين عبر التركيز على أهمية الدفاع عن القيم الأوروبية، مؤكداً: «لا يمكننا ترك أوكرانيا وحيدة، ويجب أن نبني أوروبا قوية قادرة على ردع أي تهديد مستقبلي»، ودعا المستشار الألماني إلى زيادة الإنفاق الدفاعي وحماية المجتمع الألماني من الانقسام الداخلي.

نتائج الانتخابات قد تُعيد رسم المشهد السياسي ليس في ألمانيا فقط، بل في أوروبا بأكملها؛ بينما يظل الاقتصاد الألماني بحاجة لإصلاحات هيكلية لتجاوز أزمته الراهنة، الأيام المقبلة ستكشف إن كانت برلين قادرة على استعادة استقرارها أم أنها ستدخل مرحلة جديدة من الاضطراب السياسي.