في مقابلة خاصة مع «CNN الاقتصادية»، قال نيكولاي بودغوزوف، رئيس مجلس إدارة البنك الأوراسي للتنمية وعضو مجلس إدارة رابطة مؤسسات التمويل الإنمائي في آسيا والمحيط الهادئ، إن الوقت قد حان لإطلاق طاقات التمويل الإسلامي في آسيا الوسطى، مؤكداً أن البنك يعمل على بناء جسر مالي يربط المنطقة بدول الخليج والعالم الإسلامي لتمويل مشاريع تنموية طويلة الأجل.
جاءت تصريحاته بعد صدور تقرير مشترك بين البنك الأوراسي للتنمية، معهد البنك الإسلامي للتنمية، وبورصة لندن، الذي حمل عنوان «مستقبل التمويل الإسلامي في آسيا الوسطى»، كاشفاً عن فجوة هائلة بين التركيبة السكانية ذات الغالبية المسلمة (85%) وبين حجم أصول التمويل الإسلامي الذي لا يزال محدوداً، حيث بلغ 699 مليون دولار فقط في 2023 أي ما لا يتجاوز 0.01% من السوق العالمية التي تبلغ أصولها نحو 4.5 تريليون دولار.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
منطقة تنمو بسرعة.. وتمويل إسلامي يزحف ببطء
آسيا الوسطى، التي تشمل كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، سجّلت نمواً اقتصادياً ملحوظاً خلال العقدين الماضيين.
ووفقاً للتقرير، بلغ عدد سكان المنطقة 80 مليون نسمة بحلول عام 2024، بزيادة قدرها 40% منذ عام 2000، كما قفز الناتج المحلي الإجمالي المجمع إلى 519 مليار دولار، بمعدل نمو سنوي اسمي بلغ 6.4%، وازداد حجم التجارة الخارجية تسعة أضعاف منذ عام 2000، فيما ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 17 مرة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
على الرغم من هذا النمو، لا يتجاوز عدد المؤسسات المالية الإسلامية في المنطقة 18 مصرفاً و14 مؤسسة مالية غير مصرفية. لكن التقرير يتوقع تضاعف الأصول الإسلامية أكثر من 9 مرات لتبلغ 6.3 مليار دولار بحلول عام 2033. كما يُتوقع أن تصل سوق الصكوك إلى 2.05 مليار دولار في 2028 و5.6 مليار دولار في 2033، مدفوعة بفرص واعدة في قطاعات الطاقة، اللوجستيات، الأمن الغذائي، والصناعات التحويلية.
دور البنك الأوراسي.. من التشريع إلى التنفيذ
أوضح بودغوزوف أن البنك يسعى إلى تهيئة بيئة متكاملة لنمو التمويل الإسلامي، تبدأ من دعم التشريعات الوطنية في الدول الأعضاء، وتشمل التعاون مع الحكومات لتعديل قوانين البنوك والسماح بفتح «نوافذ إسلامية» داخل المصارف التقليدية. كما يعمل البنك على تأسيس «أكاديمية البنك الأوراسي» لتدريب الجهات الرقابية والمصرفية على أدوات التمويل الإسلامي، بالشراكة مع معهد البنك الإسلامي للتنمية.
وقال: «نحن لا نقتصر على التنظير. أطلقنا إصدارنا الأولي من الصكوك في كازاخستان بعملة الدرهم الإماراتي -وهي سابقة في المنطقة- ونتطلع قريباً إلى إصدار سندات في الأسواق المالية الإماراتية، ما يعكس ثقة متبادلة مع شركائنا في الخليج».
الصكوك كرافعة للمشاريع التنموية
اعتبر بودغوزوف أن الصكوك تمثّل أداة فعّالة لتمويل مشاريع البنية التحتية، موضحاً أن البنك يعمل على تجميع محفظة مشاريع مؤهلة للتمويل الإسلامي تشمل الطاقة المتجددة وإدارة المياه والزراعة والمشاريع الاجتماعية، بالتعاون مع مصارف خليجية ومؤسسات تمويل تنموية.
وأشار إلى أن نجاح التمويل الإسلامي في المنطقة يعتمد على تأمين مشاريع مدروسة وقوانين واضحة وجاذبة، إلى جانب بناء ثقة المستثمرين في سوق لا تزال ناشئة نسبياً.
فرصة لتعزيز الشمول المالي والتنمية المستدامة
بالنسبة للبنك، فإن التمويل الإسلامي ليس مجرد بديل شرعي، بل أداة استراتيجية لتوسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات المالية، خصوصاً في المناطق الريفية حيث لا تصل الخدمات المصرفية التقليدية. ويشمل ذلك تمويل المشاريع الصغيرة عبر أدوات مثل المرابحة، فضلاً عن طرح صكوك تنموية يشارك فيها مستثمرون محليون ودوليون.
كما شدد بودغوزوف على أهمية استخدام التمويل الإسلامي لتمويل مشاريع خضراء مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية المرنة مناخياً، بما يتماشى مع أهداف الاستدامة التي يتبناها البنك.
في ظل التحولات الاقتصادية والجيوسياسية التي تشهدها آسيا الوسطى، يكتسب النقاش حول تطوير التمويل الإسلامي زخماً متزايداً، خاصة في ظل التركيبة السكانية ذات الغالبية المسلمة. ورغم أن هذا القطاع لا يزال في مراحله الأولى، فإن الخطوات الجارية من قبل البنك الأوراسي للتنمية وشركائه الإقليميين والدوليين تسلط الضوء على توجه متصاعد نحو استكشاف أدوات تمويل بديلة.