قد تدفع أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا 141 مليون شخص في جميع أنحاء العالم إلى براثن الفقر المدقع، بحسب تقرير نشرته مجلة «نيتشر إنيرجي».
ووضع باحثون من هولندا والمملكة المتحدة والصين والولايات المتحدة نماذج بحثية بهدف دراسة تأثيرات زيادة أسعار الطاقة في 116 دولة، ووجدوا أن إنفاق الأسر فع بنسبة تصل إلى 4.8 في المئة في المتوسط.
وارتفعت أسعار الفحم والغاز الطبيعي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لتضيف مزيداً من الأعباء إلى أسعار ما بعد جائحة كورونا المرتفعة.
وفي البلدان منخفضة الدخل، أوضح التقرير أن الأسر الفقيرة التي تواجه بالفعل نقصاً حاداً في الغذاء كانت أكثر عرضة لخطر الفقر بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة.
وقال التقرير إن الأسر في البلدان ذات الدخل المرتفع لم تكن هي الأخرى بمنأى عن التأثير، وشعرت أيضاً بتأثير ارتفاع أسعار الطاقة، لكن من المرجح أن تكون قادرة على استيعابها في ميزانيات الأسر.
تأثير متباين
كانت هناك بلدان أكثر عرضة لارتفاع أسعار الطاقة من غيرها، فعلى سبيل المثال تعد الزيادات في تكاليف الطاقة في إستونيا وبولندا وجمهورية التشيك أعلى من المتوسط العالمي، ويرجع ذلك أساساً إلى اعتماد تلك البلدان بشكل أكبر على الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
واعتمدت بولندا على وجه الخصوص على الفحم في 68.5 في المئة من توليد الطاقة، بدءاً من عام 2020.
كما أدى ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الأزمة في أوكرانيا إلى زيادة تكلفة الضروريات الأساسية مثل الغذاء، ومقارنة بالعام الماضي صعدت أسعار البيض في الولايات المتحدة بنسبة 70.1 في المئة، والسمن 44.7 في المئة، والزبدة 26.3 في المئة، والدقيق 20.4 في المئة، والخبز 14.9 في المئة، والسكر 13.5 في المئة، والحليب 11 في المئة، والدجاج 10.5 في المئة، كما ارتفعت أسعار الخضروات بنسبة 7.2 في المئة، وفقاً لبيانات التضخم الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل هذا الشهر.
وتشير شركات السلع الاستهلاكية إلى أن الأسعار من غير المرجح أن تنخفض في أي وقت قريب.
وقال مارك شنايدر الرئيس التنفيذي لشركة «نستله»، في مكالمة مع الصحفيين يوم الخميس «مثل جميع المستهلكين في جميع أنحاء العالم، تأثرنا بالتضخم ونحاول الآن إصلاح الضرر الذي حدث» من بين 2000 علامة تجارية للشركة، تشمل الأطعمة المجمدة والحلويات وحليب الأطفال، ستتأثر بارتفاع الأسعار.
وفي مكالمة الأسبوع الماضي، قال المدير المالي لشركة «يونيليفير» للسلع الاستهلاكية للصحفيين «ربما نكون قد تجاوزنا ذروة التضخم، لكننا لم نصل بعد إلى ذروة الأسعار».
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «يونيليفير» في المكالمة نفسها، إن الشركة تتوقع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير في عام 2023.
خطوات لتقليل التأثير
وفقاً للتقرير، اتخذت العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم بالفعل خطوات لتقليل تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على الأسر، بدءاً من خفض ضرائب الطاقة، وتقديم تخفيضات على فاتورة الطاقة إلى دعم الطاقة، ووضع سقف للأسعار.
لكن التقرير يشير إلى أنه يمكن فعل المزيد، مثل تقديم دعم للأسعار، وفرض ضرائب استثنائية على شركات الطاقة، وإصدار تشريعات لاستخدام مصادر أكثر استدامة للطاقة في ما يتعلق بسلاسل إمداد الغذاء.
ويضيف التقرير أن أزمة الطاقة هذه يجب أن تكون بمثابة تذكير بمخاطر «نظام الطاقة الذي يعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري»، فهو لا يترك الملايين على شفا الفقر المدقع فحسب، بل إنه يسرّع أيضاً من تغير المناخ، ما يفرض المزيد من التحديات على أولئك الأكثر عرضة لارتفاع أسعار الطاقة.
(تارا سوبرامانيام، هنا زيادي- CNN)