تسارع ارتفاع معدل التضخم في مصر خلال الشهور الماضية، مسجلاً في يناير كانون الثاني الماضي أعلى مستوى له منذ 2017، في وقت تشير التوقعات إلى استمرار صعود أسعار السلع والخدمات خلال الأشهر المقبلة مع تراجع سعر صرف الجنيه المصري والارتفاع المرتقب لأسعار الوقود محلياً.
وفاق التضخم السنوي في مدن مصر خلال يناير الماضي توقعات المحللين، ليتخطى نسبة الـ25 في المئة، في حين كانت تشير التوقعات إلى بلوغه 25 في المئة بنهاية الربع الأول من العام، ما يعني مزيداً من رفع الفائدة في مصر.
خارج التوقعات
جاء تجاوز التضخم في مدن مصر التوقعات خلال يناير كانون الثاني الماضي، مدفوعاً بشكل أساسي بانخفاض الجنيه المصري خلال الشهر بنسبة 28.6 في المئة، مع انتقال البنك المركزي المصري لنظام سعر صرف مرن، حسبما يقول محمد عبدالمجيد، المحلل الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «بي إن بي باريبا» لمنصة «CNN الاقتصادية».
وشكلت أسعار الطعام والشراب -التي بلغت نسبة زيادتها 48 في المئة خلال يناير كانون الثاني مقارنة بالشهر نفسه قبل عام- ضغوطاً على معدل التضخم في هذا الشهر، وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء.
هل من مزيد؟
تشير توقعات التضخم في مصر إلى مزيد من الارتفاع خلال الأشهر المقبلة مع الارتفاع المحتمل لأسعار الوقود محلياً وضغوط بعض العوامل الموسمية على أسعار السلع في مصر.
وتوقع عبدالمجيد مزيداً من التسارع في معدل التضخم في مصر خلال فبراير شباط الجاري، مع الارتفاع المرتقب لأسعار الوقود المحلية وتزايد الطلب على الطعام مع اقتراب حلول شهر رمضان.
وأضاف «سيبلغ التضخم السنوي في المدن المصرية ذروته في الربع الأول من العام الجاري عند 27 في المئة، وسيظل فوق مستوى 20 في المئة على أساس سنوي خلال معظم الأشهر المتبقية من العام».
وتذهب توقعات ياسمين غزي، كبيرة الخبراء الاقتصاديين في «إس آند بي غلوبال ماركت انتليجنس»، إلى الاتجاه نفسه، حيث رأت غزي أن هناك مخاطر من شأنها أن تصل بذروة التضخم إلى ما بعد مستوى 25 في المئة.
وقالت «سيلعب رفع أسعار الوقود محلياً عاملاً، نظراً لعدم التأكد من توقيت وحجم الرفع المرتقب».
ووفقاً لآلية التسعير التلقائي للوقود، تعدل الحكومة الأسعار كل ثلاثة أشهر بما لا يزيد أو يقل عن عشرة في المئة، وكان من المقرر أن تعدل الأسعار مطلع العام، إلا أن الحكومة لم تصدر قراراً حتى الآن.
وأضافت غزي «إذا افترضنا أن أعلى ارتفاع في أسعار الوقود المحلي سيكون عشرة في المئة، ثم تليها زيادة أخرى في الربع الثاني من العام، بالإضافة إلى مزيد من انخفاض الجنيه، فمن المفترض أن يؤدي هذا إلى رفع متوسط التوقعات التضخم إلى ما بين 23 في المئة و24 في المئة نهاية العام الجاري».
وفي أوراق قرضها الأخير مع صندوق النقد الدولي، وعدت الحكومة المصرية بإخضاع أسعار الوقود المحلية لحركة الأسعار العالمية، وقالت إنها «أبقت العام الماضي أسعار الوقود منخفضة رغم صعود السعر عالمياً، إلا أنها ستعود لتحدد أسعار الوقود وفقًا لآلية التسعير التلقائي التي تعتمدها».
وقال لورنزو فورني، أستاذ السياسة الاقتصادية في قسم الاقتصاد والأعمال بجامعة بادوفا الإيطالية، لـ«CNN الاقتصادية» «إن أمر التضخم في مصر يتعلق بسعر الصرف، وكلما تراجع سعر الجنيه مقابل الدولار، فسيواصل التضخم الارتفاع».
وأضاف «يجب أن ينخفض التضخم خلال السنة المالية المقبلة، مع استقرار سعر الصرف، وسينتج عن هذا تباطؤ مستوى ارتفاع الأسعار في مصر».
ماذا بعد؟
سيضع البنك المركزي المصري قراءة التضخم في شهرَي فبراير شباط ومارس آذار، نصب عينيه قبل أن يقرر مصير سعر الفائدة نهاية مارس آذار، كما سينظر إلى تحرك الاحتياطي الفدرالي خلال الشهر نفسه للسيطرة على التضخم في أميركا.
وتوقّع المحللون أن يرفع الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة فوق خمسة في المئة في الأشهر المقبلة، بعد سبع زيادات متتالية في 2022، وزيادة ربع نقطة مئوية الشهر الماضي، مع استمرار ارتفاع التضخم.
ورجّح محمد عبدالمجيد، المحلل الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «بي إن بي باريبا»، أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة نقطة مئوية في اجتماعه نهاية مارس آذار.
بينما ذكرت توقعات كبير الاقتصاديين في «إس آند بي غلوبال ماركت انتليجنس»، رفع المركزي المصري أسعار الفائدة بأقل من 3 نقاط مئوية خلال النصف الأول من العام الجاري.
ويتوقع فورني أن يظل سعر الفائدة في مصر مرتفعاً للسيطرة على التضخم، وهو ما يعني تشديد السياسة النقدية في مصر.
وكان المركزي المصري ثبّت أسعار الفائدة في أول اجتماع هذا العام، في أمر غير متوقع، بعد أن رفع الفائدة 8 نقاط مئوية خلال العام الماضي.