حققت شركات النفط والغاز نمواً هائلاً جرّاء أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا، التي ألقت بظلالها على جودة معيشة الأفراد واستقرارهم المادي.
وقال رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، يوم الثلاثاء الماضي، إن أرباح صناعة النفط والغاز العالمية قفزت إلى أربعة تريليونات دولار في عام 2022 مقارنةً بمتوسط 1.5 تريليون دولار في السنوات الأخيرة، وصدر تقرير آخر بعد هذا التصريح بنحو يومين يفيد بأن ارتفاع أسعار الطاقة قد يدفع بنحو 141 مليون شخص في جميع أنحاء العالم إلى الفقر المدقع.
أدت الأسعار المرتفعة إلى تضخم أرباح شركات الطاقة، الأمر الذي نتج عنه توافر السيولة، ومن المؤكد أن مساهميهم يشعرون بهذه المكاسب غير المتوقعة؛ إذ حققت “إكسون موبيل” أرباحاً قياسية بلغت 59 مليار دولار في عام 2022، بنمو 157 في المئة عن العام السابق، وتخطط الشركة لإنفاق ما يصل إلى 50 مليار دولار لإعادة شراء الأسهم.
وقالت شركة شيفرون إنها ستضاعف حجم برنامج إعادة شراء الأسهم ثلاث مرات ليصل إلى 75 مليار دولار، كما رفعت الشركة من نسبة توزيع الأرباح إلى نحو 3.4 في المئة، أي ضعف أرباح صندوق مؤشر «إس آند بي 500».
ساعد الالتزام تجاه المساهمين بالتأكيد على تعزيز أسعار الأسهم، إذ أنهى مؤشر «إس آند بي 500» عام 2022 مسجلاً انخفاضاً بنحو 20 في المئة تقريباً، بينما شهد قطاع الطاقة نمواً بنحو 60 في المئة، ولم يحقق أي قطاع آخر نمواً أكثر من 5 في المئة خلال العام الماضي، لكن ذلك يجعل من الصناعة ككل فريسة للانتقادات؛ إذ وجه الرئيس الأميركي جو بايدن خلال خطابه الأخير عن حالة الاتحاد انتقادات حادة لعمالقة النفط بسبب أرباحهم القياسية وخطط إعادة شراء الأسهم، ووصف بايدن الأرقام بأنها «فاحشة».
وأضاف بايدن «لقد استثمروا القليل جداً من تلك الأرباح لزيادة الإنتاج المحلي».
ولدى شركات النفط والغاز سيولة كبيرة، لكنها تقف الآن في مفترق طرق، إذ ترغب هذه الشركات في خلق استراتيجية تزيد من العوائد الناتجة عن أسعار الطاقة المرتفعة على المدى القصير مع الاستثمار في المشروعات منخفضة الكربون على المدى الطويل، في حين أنهم يديرون الطلب المتزايد من المساهمين لتحقيق عوائد كبيرة على الاستثمار بالإضافة لمطالبات المسؤولين الحكوميين لاستثمار تلك الأموال في زيادة الإنتاج، وفقاً لما قالته مجموعة بوسطن الاستشارية في تقرير حديث.
ما الذي ينتظر عمالقة الطاقة؟
في حديثها لشبكة “CNN”، قالت ريبيكا فيتز، الشريكة والمديرة المساعدة في مركز تأثير الطاقة التابع لمجموعة بوسطن الاستشارية، إن تلك الشركات حققت أرباحاً ضخمة على مدار العامين الماضيين، خاصةً العام الماضي، «لكن الكثير من هذه التدفقات النقدية الوفيرة ذهب لتقليل الديون، وتحسنت ميزانياتهم كثيراً، إذ لا يعاني هذا القطاع من الديون حالياً، مع بعض التفاوت بين الشركات».
وأضافت أن الشركات الكبيرة فضّلت إعادة شراء الأسهم على توزيعات الأرباح، موضحةً أن هناك فرقاً كبيراً بين هذين النوعين من منظور خلق القيمة المضافة، «إذ إن توزيع الأرباح يُعد وعداً على المدى الطويل، بينما تكون عمليات إعادة الشراء تقديرية».
وأوضحت أن التحدي يكمن في إيجاد فرص إعادة استثمار تنافسية وطويلة الأمد، نظراً لما حدث للقطاع على مدار العقد الماضي، «لم يتطلع العديد من الشركات إلى العمل على بناء قاعدة للاستثمار، وترتب على ذلك عدم وضوح وجهة أموال إعادة الاستثمار بالنسبة لجميع الشركات».
كتبت- نيكول غودكايند (CNN).