نجحت مصر في إتمام إصدارها الأول من الصكوك بقيمة بلغت 1.5 مليار في بورصة لندن، حيث وصلت طلبات الشراء على إصدار السندات الإسلامية إلى 6.2 مليار دولار، ما يعني تغطية الاكتتاب بأكثر من أربعة أمثال.
بلغ العائد على الصكوك المصرية لأجل ثلاثة أعوام نحو 10.875 في المئة عند إغلاق الاكتتاب، بتراجع 75 نقطة أساس عن السعر الاسترشادي، لكن العائد يظل مرتفعاً، فهو أعلى كثيراً من فائدة سندات الخزانة الأميركية البالغة قرب 4.4 في المئة للأجل نفسه، كما أنه الأعلى على الإطلاق على الأدوات المالية التي طرحتها مصر في الأسواق الدولية، خلال السنوات العشر الأخيرة.
رحبت وزارة المالية المصرية بنجاح الإصدار، بينما تباينت ردود فعل المراقبين حيال العائد المرتفع ومدى ملاءمة التوقيت.
فقد أكد محمد البلتاجي، رئيس «الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي»، في اتصالٍ مع «CNN الاقتصادية»، أن إصدار الصكوك يعتبر استخداماً لأداة مالية جديدة في السوق المصرية، إلى جانب أذون الخزانة والسندات الدولية، معتبراً أن التوقيت جاء مناسباً، على الرغم من ارتفاع العائد بسبب التقييمات التي صدرت مؤخراً عن وكالات التصنيف الائتماني.
كانت وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية قد صنفت مؤخراً الصكوك المصرية بتقييم ائتماني «B3»، أي نفس درجة التقييم الائتماني الصادرة للاقتصاد المصري مطلع فبراير شباط الجاري، بعد تخفيضه من «B2» مع تعديل النظرة المستقبلية إلى مستقرة بدلاً من سلبية.
في المقابل، أبدى خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس «مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية»، تحفظه تجاه ارتفاع العائد على الصكوك إلى ما يقرب من 11 في المئة، معتبراً أن التوقيت لم يكن مناسباً.
ويرى الشافعي أنه كان على الحكومة المصرية إعادة النظر بعد خفض وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني لمصر، فضلاً عن تبني الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إجراءات التشديد النقدي والرفع المتتابع لأسعار الفائدة.
وأشار الشافعي إلى عودة تدفق الأموال الساخنة إلى سوق أدوات الدين المصرية بسبب ارتفاع سعر الفائدة، وخفض قيمة الجنيه، وارتفاع العائد على أدوات الدين المحلية إلى مستويات قياسية.
وعزا محمد معيط، وزير المالية المصري، في بيان نشرته الوزارة الأربعاء، ارتفاع العائد إلى أن إصدار الصكوك جاء في ظل ظروف اقتصادية وسياسية عالمية مضطربة، وبالتزامن مع ارتفاع تكلفة التمويل نتيجة الموجة التضخمية الحادة التي يعيشها العالم اليوم.
وبحسب معيط، فإن
«الإصدار يبعث برسالة ثقة قوية مصدرها أسواق المال العالمية، ويؤكد قدرة الاقتصاد المصري على التعامل المرن مع التحديات الداخلية والخارجية».
أما بشار الناطور، الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي بوكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، فقد أكد لـ«CNN الاقتصادية» أن دخول مصر سوق الصكوك السيادية كان متوقعاً، لكن من المهم أن نتابع هل ستصبح ضمن الدول التي تصدر الصكوك بشكلٍ منتظم، أم بشكل محدود.
يأتي إصدار مصر للصكوك ضمن مساعي الحكومة لسد فجوة تمويلية تقدر بنحو 17 مليار دولار، حيث تستهدف من الإصدار جذب مستثمرين جدد يفضلون أدوات تتوافق والمعاملات الاستثمارية الإسلامية.
وفي إطار الجهود ذاتها، أعلنت الحكومة المصرية في وقتٍ سابقٍ من فبراير شباط عن طرح 32 شركة للاكتتاب العام في البورصة.
تتصدر مصر قائمة الدول الأكثر استدانة في المنطقة العربية، بعد أن بلغ الدين الخارجي نحو 154.98 مليار دولار في نهاية الربع الثالث من 2022، كما تعد ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، ما اضطر الحكومة المصرية لتخصيص 54 في المئة من إجمالي الإنفاق العام في موازنة السنة المالية الحالية 2022-2023 لخدمة الدين.