توقف عاطف أحمد، رب أسرة مصري، عن شراء اللحوم منذ أن ارتفعت أسعارها بشدة في مصر، إذ إن تكلفة تناولها لأربع مرات في الشهر تصل إلى 1400 جنيه مصري (45 دولاراً).

يقول أحمد، الذي يعمل سائقاً بالأجرة، «يتخطى سعر الكيلو غرام 400 جنيه (13 دولاراً) وإذا قررت أن أشتري كيلو غرام كل أسبوع لأسرتي لا يمكنني تدبير بقية نفقاتي».

لا تتوقف التكلفة عند شراء كيلو اللحوم «الأمر لا يقتصر على شراء اللحوم فكل المكونات التي نحتاج إليها لإعداد وجبة غذاء أسعارها مرتفعة».

وقفزت أسعار اللحوم في مصر بشكل لافت، بينما تكافح الحكومة المصرية لوضع معدل التضخم في مصر تحت السيطرة بعد أن تخطى حاجز 30 في المئة مقترباً من أعلى مستوى له على الإطلاق.

سجلت اللحوم ارتفاعاً بلغ 82.2 في المئة خلال أبريل نيسان الماضي، مقارنة بنفس الشهر قبل عام، وفقاً لبيانات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء».

متوسط سعر كيلو اللحوم الطازجة في مصر

ويكلف كيلو من اللحم اليوم في مصر بين 350 جنيهاً (12 دولاراً) إلى 400 جنيه (13 دولاراً)، بينما كان يبلغ بين 150 جنيهاً (5 دولارات) و200 جنيه (7 دولارات) قبل عام، بحسب بيانات «وزارة الزراعة» الأميركية.

بينما تشير بيانات «مركز معلومات مجلس الوزراء» المصري إلى أن متوسط سعر الكيلو في الأسواق حالياً يبلغ قرابة 298 جنيهاً (9.6 دولار)، وسجل أعلى سعر للكيلو 410 جنيهات (13.2 دولار).

يصف هيثم عبدالباسط، نائب رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، ارتفاع أسعار اللحوم حالياً بأنه ارتفاع لم تشهده محلات اللحوم في مصر على مدار عصور.

يشعر عبدالباسط بضعف كبير في إقبال المستهلكين على الشراء أدى لعدم ربحية التجارة بالنسبة له ولبقية العاملين في المجال.

وفي محاولة لتخفيف العبء على المواطنين تطرح الحكومة المصرية لحوماً عبر منافذ التموين المدعمة بأسعار مخفضة، لكن الأسعار ارتفعت خلال الأشهر الماضية مع ارتفاع أسعار اللحوم.

أزمة حرب السودان

ويأتي ارتفاع الأسعار بينما لا يكفي الإنتاج المحلي استهلاك مصر، لتلجأ الحكومة لاستيراد اللحوم المبردة والمجمدة ورؤوس الماشية الحية لسد حاجة الاستهلاك.

وكانت مصر تعتمد على السودان الذي يعد واحداً من أكبر موردي اللحوم والماشية الحية إلى مصر نظراً لقرب المسافة بين البلدين وانخفاض تكلفة النقل، لكن اندلاع حرب السودان غير خطط الحكومة المصرية.

وتوقع تقرير لـ«وزارة الزراعة» الأميركية أن تؤدي أزمة السودان إلى عجز في العرض في مصر، ما سيزيد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.

واردات مصر من اللحوم

وتسعى مصر الآن لتنويع مصادرها من واردات اللحوم عبر عدة دول مختلفة، إذ اقتربت من إتمام اتفاق جديد لاستيراد اللحوم مع جيبوتي، بحسب ما قاله مساعد أول وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، إبراهيم عشماوي لـ«CNN الاقتصادية».

وتشير بيانات «وزارة الزراعة» الأميركية إلى أن مصر اشترت 110 آلاف رأس من الماشية الحية من السودان العام الماضي وأكثر من 11 ألف طن لحوم مبردة، بيد أن عشماوي يقول «إن هذا الرقم مبالغ فيه»، في حين لا ينكر أن السودان واحد من أكبر موردي اللحوم إلى مصر.

وتمتلك مصر ما يقرب من ثلاثة إلى أربعة آلاف رأس ماشية في مجازرها على الحدود حالياً، ما يعني أن عدم الاستقرار في السودان لم يؤثر على عملية الاستيراد بين البلدين حتى الآن، وفقاً لعشماوي.

وقال إن «مصر بدأت التحوط ضد أي تغييرات في سلاسل التوريد، عبر الاتفاق مع دول أخرى مثل جيبوتي التي اقتربت من إنهاء الاتفاق معها، وكذلك الصومال وتشاد».

ويتوقع تقرير «وزارة الزراعة» الأميركية أن يعطل الصراع في السودان، تدفق التجارة بين مصر والسودان ودول القارة الإفريقية، إذ إن السودان نقطة رئيسة للشحن العابر.

ويرى التقرير أن الأزمة السودانية ستزيد الضغوط على أسعار المستهلكين في مصر.

ويرجع عشماوي الارتفاع الشديد في أسعار اللحوم إلى تأثره بزيادة أسعار الأعلاف.

وشهدت مصر مؤخراً تكدساً شديداً في السلع والبضائع في الموانئ بسبب نقص الدولار، وهو ما أثر على الاستيراد في مصر وتسبب في رفع الأسعار.