أدّت الأزمة الاقتصادية في لبنان وتسارع التضخم في البلاد إلى الضغط على الأسر، ما دفعهم للحد من مستويات إنفاقهم على شراء المنتجات الجديدة، وبدلاً من ذلك اللجوء لإصلاح ممتلكاتهم القديمة، بحسب ما كشفه تقرير لوكالة «فرانس برس».
وأظهر التقرير أن اللبنانيين أصبحوا يفضّلون الآن إنفاق ما يصل إلى مليون ليرة لبنانية (نحو 11 دولاراً في الأسواق الموازية) لإصلاح الأحذية القديمة بدلاً من شراء أخرى جديدة.
يأتي ذلك في الوقت الذي يواجه في الاقتصاد اللبناني انهياراً مستمراً منذ عام 2019، إذ فقدت الليرة اللبنانية نحو 98 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، وسقط معظم السكان في براثن الفقر.
الحرفيون يصارعون الأزمة
على الرغم من تأثر معظم طبقات المجتمع في لبنان سلباً من التدهور الاقتصادي بمن في ذلك، الأغنياء والفقراء والعمال العاديون والموظفون والجنود، فإن الحرفيين استطاعوا الاستفادة قليلاً من الأزمة بفضل زيادة الطلب على إصلاح الملابس والأحذية القديمة.
وقال أحمد البرزي، صاحب محل لإصلاح الأحذية لوكالة «فرانس برس»، إن عمله زاد بنسبة 60 في المئة منذ بدء الأزمة، قائلاً، «حتى الأشخاص الذين خبَّأوا الأحذية بعيداً لمدة 20 عاماً يأتون لإصلاحها الآن».
ومع ذلك، أشار البرزي إلى أنه رغم تحسن عمله، فإنه لم ينعكس على ارتفاع الأرباح، مشيراً إلى تزايد أسعار جميع المواد المستخدمة في إصلاح الأحذية، من الغراء إلى الإبر والخيوط والمسامير.
كما قال محمد مؤذن، الذي كان يعمل في الخياطة منذ أربعة عقود، «اعتاد الناس على شراء سراويل، وارتدائها عدة مرات، ثم التخلص منها، لكن اليوم، يعطونها لأخيهم أو قريب آخر، أو يقومون بإصلاحها».
وأوضح أنه رغم ارتفاع عملائه لما يصل إلى 70 عميلاً في اليوم بعد الأزمة، إلّا أن أرباحه قبل الأزمة كانت أعلى.
وبلغ معدل التضخم في لبنان 171 في المئة بنهاية عام 2022، وفقاً لبيانات البنك الدولي، وهو أحد أعلى المعدلات في جميع أنحاء العالم، في حين تجاوز معدل البطالة 29 في المئة العام الماضي.
وبسبب تراجع قيمة الليرة اللبنانية بشكل حاد مقابل الدولار، يلجأ اللبنانيون وخاصة أصحاب المهن الصغيرة إلى دفع ثمن كل شيء بالدولار، وليس بالليرة اللبنانية، ما يضغط في نهاية المطاف على حجم مكاسبهم.