بين عشية وضحاها، قفزت القيمة السوقية لشركة السيارات الفيتنامية «فينفاست» بما يقرب من ثلاثة أضعاف لتتحول من شركة تعاني من الخسائر إلى كيان ضخم يتفوق على عمالقة السيارات العالميين أمثال «فورد» و«جنرال موتورز» و«فولكسفاغن».
فبعد اندماجها مؤخراً مع شركة «بلاك سبيد»، تم طرح أسهم «فينفاست» -إحدى كبرى شركات السيارات الكهربائية في فيتنام- في بورصة ناسداك الأميركية يوم الثلاثاء لتقفز أسهمها بنحو 270% خلال أول أيام التداول، إذ افتتح السهم التداولات عند 22 دولاراً -أكثر من ضعف السعر الأولي البالغ 10 دولارات- قبل أن يغلق عند 37 دولاراً.
وشركة «بلاك سبيد» هي إحدى «شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة»، وهي نوع من الشركات الصورية المدرجة في البورصة، والتي يمكن الاستحواذ عليها من قبل الشركات الراغبة في طرح أسهمها في البورصة دون المرور بخطوات ومراحل الطرح التقليدية.
التفوق على عمالقة السيارات
ومع هذا الارتفاع القياسي في أسعار الأسهم، قفزت القيمة السوقية للشركة إلى أكثر من 85 مليار دولار، متجاوزة قيمة «فولكسفاغن» و«فورد» التي تقدربـ69.7 مليار دولار و48 مليار دولار على الترتيب، وفقاً لبيانات «ريفينتيف».
وبذلك قفزت ثروة أغنى رجل في فيتنام «فام نهات فونغ» الذي يمتلك 99 في المئة من أسهم «فينفاست» بـ39 مليار دولار دفعة واحدة يوم الثلاثاء لتصل إلى 44.3 مليار دولار، وفقاً لمؤشر «بلومبيرغ» للمليارديرات.
ومع هذا الطرح الأخير، أصبحت «فينفاست» -التي تصنع السيارات الكهربائية والدراجات النارية (سكوتر) والحافلات- أكبر الشركات الفيتنامية المدرجة في البورصة الأميركية.
المهمة الأصعب لم تأتِ بعد
ويرى المحللون أنه بعد نجاح الطرح الأولي للشركة، يأتي الجزء الأصعب، وهو زيادة مبيعاتها خلال الأشهرالمتبقية من العام، إذ تحتاج الشركة لرفع مبيعاتها بضعف المعدل الذي سجلته في النصف الأول من العام للوصول للحد السنوي المستهدف البالغ 50 ألف سيارة.
ولتحقيق ذلك، تحتاج الشركة لتطوير استراتيجية مبيعاتها والاستعانة بالموزعين والوكلاء الخارجيين بدلاً من الاعتماد فقط على مراكز توزيعها الخاصة.
كما تحتاج لخفض تكلفة الإنتاج لتتمكن من خفض الأسعار ومواكبة منافسيها، وفي مقدمتهم «تسلا» التي تستغل قوة وضعها المالي منذ بداية العام لخفض أسعارها والضغط على منافسيها، على سبيل المثال تبيع «تسلا» موديل «Y» بسعر أقل بنحو 7000 آلاف دولار مقارنة بموديل «VF8» الذي تنتجه «فينفاست».
خطط التوسع
وكشفت الشركة يوم الثلاثاء عن عزمها التحول إلى نموذج «السيارات الهجين» لتعزيز المبيعات، فضلاً عن التعاون مع الموزعين والوكلاء في مختلف الأسواق العالمية لتسريع مبيعاتها.
وافتتحت الشركة بالفعل 122 معرضاً عالمياً حتى يونيو الماضي، لكن إنشاء المعارض يستغرق وقتاً أطول، ما يؤخر دخولها إلى الأسواق المستهدفة.
وتطمح «فينفاست» للتوسع عالمياً، ففي يوليو تموز كشفت الشركة عن مصنعها الجديد في كارولينا الشمالية كقاعدة لانطلاقها في الولايات المتحدة، إذ تستهدف إنتاج 150 ألف سيارة سنوياً، كما ألمحت للمساهمين في وقت سابق أنها تخطط لدخول السوق الأوروبية قريباً.
وتعتزم الشركة تخصيص عائدات الطرح الجديد لتمويل خططها التوسعية وتحسين أدائها بعد أن سجلت خسائر بلغت 1.4 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2022، في حين وصلت ديونها إلى 2.5 مليار دولار حتى سبتمبر الماضي.
هل يستمر الصعود؟
والسؤال الأهم الذي يراود المستثمرين الآن هو هل يستمر هذا الصعود الكبير في الأسهم؟
يرى المحللون أن السوق هي من تحدد حركة الأسهم، لكنهم حذروا من تجارب سابقة شملت التعاون مع «شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة».
واستشهدوا بتجربة «لوسيد» التي تعاونت مع إحدى هذه الشركات لطرح أسهمها في عام 2021، وتبلغ قيمتها السوقية حالياً أقل من 15 مليار دولار، أي أقل بنحو 40 في المئة من القيمة الأولية المتوقعة قبل الطرح والبالغة 24 مليار دولار، وفقاً لما أوردته «رويترز».